2024-04-25 09:56 ص

العلاقات المصرية الإيرانية ...تحديات الحاضر ورهانات المستقبل

2014-04-16
بقلم: الدكتور خيام محمد الزعبي*
كنت دائماً أقول بعدم قطع العلاقات بين مصر و إيران لكن النظام السابق في مصر أغلق الباب تماماً فى وجه إيـران، وربما يعود ذلك للسياسة التى تنتهجها كل من الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل فــى منطقة الشرق الأوسط، حيث إنهما تعتبران إيران هى العائق والسد المنيع ضد تحقيق خارطة الشرق الأوسط الجديد، فأمريكا ليست هي العائق الوحيد أمام عودة العلاقات المصرية الإيرانية، فهناك دول أخرى في المنطقة لن تدع مصر تتخذ مثل هذا القرار مثل الكيان الصهيوني وتركيا والدول الخليجية وحتى إن استطاعت قطر التقارب مع إيران بشكل من الأشكال فإن باقي الدول لن تدع إيران الشيعية تضع قدمها في مصر بأي شكل من الأشكال. فالبرغم من وجود ملفات خلافية تسببت مجتمعة في حصر العلاقة بين إيران ومصر في إطار التوتر والمنافسة، فإن طهران تغلب دائماً المصالح علي الإيديولوجيا معتمدة في ذلك علي ما تتمتع به مصر من مكانة وأهمية بالنسبة لإيران وبدافع المصلحة، إذ ترى إيران في عودة العلاقات مع مصر فرصة لتحقيق عدد من المكاسب من أهمها، كسر الحصار الدولي نظراً للمكانة الإقليمية التي تتمتع بها مصر كونها دولة القلب للوطن العربي، لها كلمة يعتد بها في المحيط العربي، تشترك في العديد من التحالفات، ولها شبكة واسعة من المصالح، مما يتيح فرصة جيدة لإيران لإفشال سياسة الولايات المتحدة الأمريكية الرامية إلي عزلها دولياً، وحشد العداء لها، خاصة بين الدول العربية، من خلال تحسين صورتها الذهنية لدي العديد من الأطراف العربية، بالإضافة الى إضعاف إسرائيل، فعلى الرغم من التطبيع السياسي المصري مع إسرائيل، فإن عدم التطبيع الشعبي ورفض غالبية الشعب المصري للعلاقات مع إسرائيل، لاسيما بعد ثورة 25 يناير، قد أصبح أحد العوامل التي تعول عليها إيران في تغيير السياسية المصرية تجاه إسرائيل، وتجاه القضية الفلسطينية برمتها فضلاً عن تحقيق مكاسب إقتصادية مختلفة بين الطرفين. وليس بعيداً عن الفكر الذي يؤمن بنظريات المؤامرة والتخطيطات الإستراتيجية، فما يحدث في الوطن العربي من أزمات لم يأت بمحض الصدفة، بل يعد تخطيط إستراتيجي للصهيونية التي تنادي بتقسيم المقسم وتجزيء المجزأ وذلك لضمان إستقرارهم السياسي والإقتصادي والعسكري والسيطرة على موارد المنطقة العربية، فإيران دولة إسلامية قوية، وتفكر أن تمتلك سلاح نووي، فأمريكا تحاول أن تحاصر الإسلام ولكن بتخويف الدول العربية من أن العدو الحقيقي هو إيران ، وقد يكون هناك مقولات إن إيران تحاول أن تمد المذهب الشيعي في المنطقة أو تريد أن تستعيد الحلم الفارسي وهي أطماع ممكن تكون موجودة بالفعل، فأمريكا تستغل هذا الأمر بتخويف الدول العربية من إيران .لذلك تسوق الإدارة الامريكية لنا حالياً وبقوة وإلحاح إيران على أنها العدو الحقيقي والأول والوحيد للعروبة والإسلام مستغلين فينا رواج عقلية القطيع والأفكار ويراد من هذا التسويق بلا أدني شك جعل الكيان الصهيوني جزء مهماً وأصيلاً من نسيج الأمة عبر كامب ديفيد وأوسلو وأخواتها وجعل إيران العدو الحقيقي بعينه والذي يجب مواجهته والقضاء عليه. اوهنا يمكنني القول إن عودة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وضمان حد أدني من التعاون بين البلدين، يمكن أن يلعب فيه الإقتصاد دور القاطرة، نظراً لحاجة كل منهما للآخر إقتصادياً كما يمكن أن يشهد هذا السيناريو تنافساً سياسياً في الإقليم، إذ إن تعاون كل من مصر وإيران ودخولهما عصراً جديداً من العلاقات الدبلوماسية الطبيعية لن ينهي بأي حال تطلع كل منهما للعب دور إقليمي بارز وهو ما ستتحكم فيه المصالح الملحة لكلا البلدين. وفي النهاية أمل بعودة العلاقات الايرانية المصرية وكذلك السورية فى أقرب وقت ممكن حتى يكتمل المثلث الممانع لخارطة الشرق الأوسط الجديد المتمثل لدى كل من واشنطن وتل أبيب، لإنه إذا إكتمل هذا المثلث يمكننا إرساء شرق أوسط جديد يتمشى مع أيديولوجيات وإستراتيجيات المنطقة العربية ويبقى الرهان هنا على قدرة العالم العربى الذى ثارت فيه الإنتفاضات، من أجل تحقيق ذلك،الأمر الذي سيؤدي إلى تغيير الخريطة السياسية برمتها والحد من نفوذ القوى العالمية في المنطقة إلى درجة كبيرة.
 *صحفي وباحث أكاديمي في العلاقات الدولية 
khaym1979@yahoo.com