2024-03-28 11:20 م

الجامعة العربية ...إلى أين ..؟؟

2014-04-17
بقلم: أسعد الديري*
حين يفكر المرء بإقامة مشروع ـ أي مشروع ـ فإنه يفكر بالهدف والغاية التي أقيم من أجلها هذا المشروع ، كما يفكر بالنتائج التي سوف يحصل عليها من وراء هذا المشروع ، فإذا كان المشروع تجاريا ، فلا شك أن الهدف منه هو تحسين الوضع الاقتصادي للمرء لذا فإن تطلعات المرء وطموحاته تتعلق بالربح ومن غير المنطقي أو المعقول أن يفكر بالخسارة ، وحين تفكر الدولة بإقامة مدرسة أو جامعة فإن الغاية التي تسعى إليها هي تحسين مستوى تعليم أبنائها لترتقي بهم ويرتقون بها سلم الحضارة والتقدم والازدهار التي تسعى إليها الأمم جميعها . وهنا أتساءل حين فكرت الدول العربية بإنشاء " الجامعة العربية " ، ألم تفكر بالأهداف والغايات التي من أجلها سوف تقام هذه الجامعة ..؟؟ ، لا أشك بان الدول العربية التي شاركت في تأسيس هذه الجامعة قد فكرت بهذا الأمر ، ولكن السؤال الأهم هو هل حققت الجامعة العربية الغاية المنشودة والآمال التي عقدت عليها .. وهل قامت بتطبيق نص الميثاق الذي اتفقت الدول الأعضاء عليه ...؟؟ من المعروف أن جامعة الدول العربية هي منظمة عربية رسمية جمعت في إطارها 22 بلداً عربياً. وقد تأسست بتاريخ 22 آذار (مارس) 1945 في القاهرة ، بعضوية مصر والعراق ولبنان والمملكة العربية السعودية وسورية والأردن واليمن .. وقد تم الاتفاق أن يكون المقر الدائم لهذه الجامعة " جامعة الدول العربية " في القاهرة . وكان الميثاق الذي اتفقت عليه الدول الأعضاء منذ عام 1945 وحتى يومنا هذا أن تقوم الجامعة العربية بـ : 1 ـ التعزيز والتنسيق في البرامج السياسية والبرامج الثقافية والاقتصادية والاجتماعية لأعضائها 2 ـ التوسط في حل النزاعات التي تنشأ بين دولها ، أو النزاعات بين دولها وأطرافٍ ثالثة . وهنا يحق لنا أن نتساءل ماذا قدمت هذه الجامعة على مستوى العلاقات الثقافية أو السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية بين الدول العربية الأعضاء في هذه الجامعة ..؟؟ لا شيء ... لا شيء إطلاقا .. فالعلاقات العربية ـ العربية التجارية والثقافية والسياحية ...إلخ ، كانت وما تزال يكتنفها الشك والريبة ، فالمواطن العربي الذي يرغب بالسفر إلى أية دولة عربية يحتاج إلى " فيزا " وإلى موافقة بعض الجهات الأمنية وإلى مشيئة الله كي يتمكن من السفر ، ناهيك عن المعاملة السيئة التي يعاني منها عند الحواجز والحدود للدولة التي ينوي الذهاب إليها ، أما الحديث عن الخلافات الشخصية بين الزعماء العرب فإنه يطول ، فقد كانت ـ هذه الخلافات وما تزال ـ تدفع الدول العربية إلى عدم استقرار العلاقات فيما بينها وقد تجلت هذه الخلافات في مؤتمرات القمة التي عقدت والتي ما زالت تعقد ولنضع العلاقات العربية ـ العربية والخلافات الشخصية بين الزعماء العرب جانبا ، ونتحدث عن القضية المحورية بين الدول العربية وأقصد القضية الفلسطينية التي كانت الشغل الشاغل للعرب منذ تأسيس الجامعة العربية ، فماذا قدمت هذه الجامعة للقضية الفلسطينية ..؟؟ وماذا حققت للفلسطينيين من مكاسب ...؟؟ أعتقد أن المثقفين وأنصاف المثقفين سيرفعون عقيرتهم ويقولون بملء أفواههم : لا شيء .. لا شيء ..!! وأن كل ما جاء في مؤتمرات القمة التي عقدت من قرارات وتوصيات ـ علما أنها تعد بالمئات ـ كانت حبرا على ورق وقد ذهبت أدراج الرياح . أقول القضية الفلسطينية .. لأنها كانت القضية المركزية في الأنظمة العربية ، وإذا ابتعدنا قليلا عن القضية الفلسطينية لأن هناك دولا كبرى وقوى عظمى تتدخل بشأنها وأن الدول العربية لا تستطيع بإمكاناتها المتواضعة مواجهة هذه الدول . وأردنا أن نتحدث عما قدمته هذه الجامعة في حرب الـ 67 أو في حرب تشرين 1973 أو عندما قامت الدنيا ولم تقعد في لبنان 1975 أو في الحرب العراقية الايرانية 1980أو عندما أقدم صدام حسين على احتلال الكويت 1990 أو عندما قامت امريكا باحتلال العراق 2003 نجد أن الزعماء العرب يذهبون إلى المؤتمرات ويعقدون القمم تلو القمم التي يطبّلون لها " ويزمّرون " في وسائل الاعلام حتى يظن المشاهد العربي أن الفرج قريب لا ريب فيه ، بيد أن الواقع يقول غير هذا لأن الزعماء كل الزعماء بعد أن تنتهي هذه المؤتمرات وهذه القمم يعودون بخفي حنين ولندع الماضي فقد طواه الزمن وهبت عليه رياح اللامبالاة فطمرته بغبار النسيان ، ولنبحث عن دور الجامعة العربية في المرحلة الراهنة ، مرحلة الثورات العربية المزعومة ... مرحلة الربيع العربي الذي حمل للشعوب العربية الأشواك والحنظل والزقوم بدل الأزهار والياسمين والرياحين ، فأين دور الجامعة العربية فيما يحدث في تونس وليبيا واليمن والبحرين ومصر والسودان وسوريا من منغصات ونكبات وارتكاسات وآلام وجرائم تقشعر لها الأبدان وترتعد لهولها الفرائص ..؟؟ ، أين دورها والدم العربي يسفك والتاريخ العربي ينهب والثروات العربية تبدد لا بأياد أجنبية بل بأياد عربية ..؟؟ ، أين دورها والحلم بالوحدة العربية قد شيعه العرب إلى مثواه الأخير ..؟؟ ، أين دورها أمام هذا الكم الهائل من المكائد والدسائس والمؤامرات التي تحاك لتقويض بنيان هذه الأمة وزعزعة استقرارها ..؟؟ . وما يدعو للعجب أن المواطن العربي الشريف استشعر بحسه العروبي وحسه القومي هذا الخطر الداهم الذي حاكه لنا الغرب من أجل تفتيت أوطاننا وشرذمة بلادنا وتشتيتنا في أصقاع المعمورة ، كي تسهل سيطرته علينا ونهب ثرواتنا ، ولم يستشعره بعض الزعماء العرب خصوصا في خليجنا العربي . فهاهم زعماء الدول الخليجية ـ في وضح النهار وتحت أشعة الشمس ـ يعلنون ولاءهم للغرب ويرتمون ـ بكل ما يمتلكون من خسة ودناءة ـ في أحضانه ويعملون جاهدين بما يملكون من مال وعدة وعتاد لتقويض دعائم هذه الأمة وانهيارها فأين دور الجامعة العربية في هذه المرحلة ... مرحلة الخيانات والانكسارات والخيبات والهزائم المتلاحقة ..؟؟ أين دورها في وضع حد لهؤلاء الزعماء المارقين الذين عاثوا فسادا في الأرض دون أي رادع أخلاقي أو إنساني ..؟؟ من المؤسف حقا أن أقول أن الجامعة العربية قد أصبحت مأوى لهم يستظلون بظلها ويحتمون بحماها ..؟؟ وهنا نتساءل إلى متى هذا الغي والضلال ..؟؟ إلى متى ..؟؟ ومتى يعود الحكام العرب إلى رشدهم ... ويستيقظون من سباتهم العميق ....؟؟؟ 
*عضو اتحاد الكتاب العرب/دمشق

الملفات