2024-04-19 07:38 م

شهوة القتل

2014-04-19
بقلم: أسعد الديري*
لدي اعتقاد أن العرب قد بدؤوا يتآكلون بجدارة تليق بالكائنات المهيأة للانقراض ... لا ... لا ... بل إنهم قد بدؤوا يفترسون بعضهم بعضا بوحشية .. وهمجية تأنف كائنات الغابة من توصيفهم بها وحشية ... وهمجية لا مثيل لهما في التاريخ الإنساني ومن لم يصدق عليه أن يقرأ كتب التاريخ .. عليه أن يقرأ الحروب الأهلية التي حدثت في فرنسا .. وأمريكا .. وإسبانيا ... عليه أن يقرأ ما قامت به محاكم التفتيش .. عليه أن يقرأ ما قام به المغول والتتر والنازيون واليهود بحق شعوب لا ينتمون إليها لأن ما يحدث في وطننا العربي فاق التصور ... وتجاوز الخيال وكثيرا ما كنت أتساءل .. هل ما أراه ... وأسمعه وهم أم حقيقة .. ؟؟ وكثيرا ما كنت أخلد إلى الظن .. بأن نهاية هذه الأمة قد أزفت .. وأننا أصبحنا قاب قوسين أو أدنى من التشتت والتمزق والضياع ...!! هل ما قلته نبوءة شاعر يحس بالألم على ما آلت إليه أحوال قبيلته ...؟؟ هل ما قلته قراءة لمستقبل محتمل أفرزته السياسات العربية المنحنية ..؟؟ أم أنها حالة يأس وإحباط أمرّ بها كما يمرّ بها الإنسان العربي من المحيط إلى الخليج ...؟؟ أيا كان السبب ... فالتاريخ لن يغفر المجازر والمذابح التي يرتكبها أبناؤنا وأخوتنا وأشقاؤنا وأبناء عمومتنا بحق بعضهم بعضا لن يغفر شهوة القتل التي استولت على النفوس ... ولن يغفر هذه الهمجية ... وهذه الوحشية ... التي تمارس دون أي رادع أخلاقي .. أو إنساني ... قتل بالمجان ... تدمير بيوت فوق ساكنيها من الأطفال والنساء والشيوخ ... اغتصاب فتيات بعمر الزهور ... ذبح رجال وشباب في الشوارع والأماكن العامة ... خطف وتنكيل وتعذيب ... طعن بالسكاكين والخناجر ... يا إلهي ... يا إلهي ... ماذا يحدث ...؟؟؟ هل حقا كنا " خير أمة أخرجت للناس " أم ماذا ...؟؟ وأتساءل عن أي أمة كان يتحدث القرآن ...؟؟ عن أي أمة كان يتحدث التاريخ ..؟؟ هل فقد العرب ـ كل العرب ـ ذكاءهم وحنكتهم ودهاءهم ... حتى اختصموا .. واختلفوا ووصلوا إلى ما هم عليه الآن من الحقد والبغض والكراهية ؟؟ هل فقد العرب ـ كل العرب ـ إنسانيتهم وشيمهم وحلمهم ومكارم أخلاقهم ..؟؟ هل استسلم العرب ـ كل العرب ـ أخيرا ... بحكامهم وقادتهم وجنرالاتهم وشعوبهم لنزوات الغرب وأطماعه وطيشه وعنجهيته ورغبته في القضاء علينا ...؟؟ هل نسينا تعاليم رسولنا الأعظم محمد بن عبد الله " ص " حين قال : إنما المؤمنون أخوة " ...؟؟ هل نسينا أننا كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ...؟؟ هل نسينا أننا كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا ..؟؟ في مؤتمر أوسلو سأل أحد وزراء الخارجية العرب وزير خارجية إسبانيا : ماذا أعددتم لنا في هذا المؤتمر .. ؟؟ فأجابه وزير خارجية إسبانيا دون تردد : كما أخرجناكم من إسبانيا قبل خمسمئة عام .. سنخرجكم في هذا المؤتمر من التاريخ هذه هي النية التي بيتها لنا الغرب وأعوانه فلماذا لم نع هذه الحقيقة ونعمل من أجلها في إصلاح ذات البين بيننا ... أم أننا ما نزال نائمين ...؟؟
* عضو اتحاد الكتاب العرب ـ دمشق

الملفات