2024-04-24 12:40 ص

التكامل بين العروبه والاسلام

2014-04-20
بقلم: هشام الهبيشان
ان العروبه في مفهومها المعاصر هي الإيمان بأن الشعب العربي شعب واحد تجمعه اللغة والثقافة والتاريخ والجغرافيا والمصالح وبأن دولة عربية واحدة ستقوم لتجمع العرب ضمن حدودها من المحيط إلى الخليج. فايمان العرب بأنهم أمه واحده قديم وربما من الصعب معرفة بداياته، فكان يظهر افتخار العرب بجنسهم في الشعر العربي، وفي عهد الإسلام تجسدت القوميه بشعور العرب بأنهم أمة متميزة ضمن الإسلام، وزاد هذا الشعور خلال العهد الأموي,و في العصر الحديث، جسدت هذه الفكرة بأيديولوجيات مثل الحركة الناصرية والتيار البعثي الذين كانا الأكثر شيوعاً في الوطن العربي خصوصاً في فترة أواسط القرن العشرين حتى نهاية السبعينات، والتي تميزت بقيام الجمهورية العربية المتحدة بين مصر وسوريا وشهدت محاولات وحدوية أخرى كثيرة ففي تلك الفتره اكتسبت القومية العربية مدًا جديدًَا شعبيًا وظهور تيار شعبي عربي يدعو لوحدة عربية يقودها الشعب،وفي ذات السياق فلا يستطيع احد ان ينكر حقيقة ان الاسلام هو من أوجد للعرب حضاره وتاريخ فلقد نزل الإسلام في جزيرة العرب، فخاطب أهل الجزيرة بما يعرفونه من عادات وتقاليد ورفع الحسن منها ورفض السيئ بها، وطور الكثير منها لتتناسب مع الدين والدعوة. وعندما نحلل هذه الحقيقة ندرك أن الخطاب الإسلامي تبنى البعد الثقافي العربي كخلفية ضرورية لخطاب أهل الجزيرة، ولذلك فقد قرأنا وبشواهد كثيرة خلال فترة انتشار الإسلام السهولة التي انتشر بها خلال المنطقة الناطقة بالعربية بالمقارنة مع الصعوبة التي واجهته في المناطق غير العربية,,وهذا الحقيقه لاينكرها عاقل فقد قدم الاسلام نموذج مختلف للفكر العربي ,,,وفي ذات السياق فقد ,,, اطّلع المثقفون العرب على الفكر القومي الغربي (الأوروبي) بصيغته النظرية قبل أن يتجسد في الدولة القومية في النصف الأول من القرن العشرين. لكن هذا الفكر القومي ارتبط بأفكار النهضة بداية وعنى بشكل خاص في موضوع الإصلاح. لقد بدأت فكرة الدولة القومية كمشروع لبناء دولة حديثة مرتبطة بتطور الاقتصاد وحق الأسواق البرجوازية بالحدود والحماية. قاوم هذا الفكر الهيمنة السياسية للكنيسة والإقطاع. الكنيسة بما هي مشروع فوق قومي والإقطاع بصفته عنصر تجزئة وتخلف في وجه السوق القومي واحتياجاته للتوسع والنمو والناظر للتاريخ العربي الحديث يلاحظ ان هذا الفكر القومي,, منذ لحظته التأسيسية جاء كردة فعل على انهيار الرابطة الإسلامية نتيجة الأزمة الحضارية الشاملة للإمبراطورية العثمانية وصعود الأفكار والمشاريع القومية، خصوصاً في الجزء الأوروبي من تلك الإمبراطورية، قبل أن يفكر العرب في إيجاد الطروحات والمسوغات الفكرية لمشروعهم القومي . فلم يفكر العرب بداية في الانفصال عن الدولة العثمانية، حيث سبقت الحركة القومية حركة إصلاح اتجهت إلى إنقاذ الإسلام السياسي من التخلف الذي ظهر في المواجهة مع الغرب (حركة التنظيمات). فقد حاولوا أن يبلوروا هويتهم القومية من أجل تحسين سبل المشاركة مع العثمانيين بوصف العرب أصحاب مساهمة أساسية في الحضارة، لأنهم قدموا للشعوب الأخرى رسالة الإسلام.فقد سعى العرب حتى مرحلة متقدمة لأن يشكلوا دولة اتحادية، وطالبوا باللامركزية السياسية والاتحاد الفيدرالي مع الأتراك. هذا على الأقل ما كانت عليه الأمور حتى المؤتمر العربي الأول في باريس عام 1913. ولعل خير تجسيد لذلك حركة المفكرين العرب الإصلاحيين وكذلك المسلمين من جنسيات مختلفة، كجمال الدين الأفغاني، ومحمد عبده، ورشيد رضا، وشكيب أرسلان. والناظر الى حركة هذه الافكار وتوجهاتها المستقبليه فيرئ انها ولدت من اجل الاسلام فقد جاء العرب إلى الفكر القومي من باب إحياء الإسلام. ذلك أن العرب اعتبروا دائماً أن لهم الفضل الأكبر في الحضارة الإسلامية. واعتقدوا أن الإسلام السياسي غير العربي ساهم في التقهقر والتخلف ورأو وجوب إحياء التراث العربي كمقدمة لمشروع النهضة العربيه التي بقاعدتها الاساسيه تتكئ على الاسلام "المحمدي "المعتدل وهنا يجدر الملاحظة و الاشارة الى انه كما اختار الله - تعالى -خاتم الرسل محمدا من امة العرب، فقد اختار اللسان العربي أيضا ليكون لغة الوحي، ولغة الخطاب الإلهي في الدين الجديد، فقال تعالى:(إنا أنزلناه قرانا عربيا لعلكم تعقلون)،وهذا بلا شك شرف إضافي للعرب، ليضاعف مسؤوليتهم الدينية في حمل لواء الرسالة، وليكونوا حاضنة الإسلام البشرية، وليس مصادفة أن أول مهمة للإحياء العربي كانت متجهة إلى إحياء اللغة العربية وآدابها. فلم يكن العرب يفكرون في أنهم يمتازون عنصرياً على غيرهم من الشعوب التي شاركتهم في الدين الإسلامي. لذلك نجد أن الفكر القومي العربي غالباً ما ركز على التراث اللغوي، وبالتالي على المرجع اللغوي الأساس والحاضن للثقافة العربية، أي القرآن الكريم. هذا البعد الحضاري الثقافي للعلاقة بين الإسلام والعروبة يبرز بشكل كبير في كيفية تعامل أصحاب الديانات الأخرى في المنطقة العربية مع الدين الإسلامي. ففي حالات كثيرة انضوى هؤلاء تحت راية الإسلام في الحرب ضد غير العرب. ولذلك فمن الطبيعي أن نجد أن المسيحي العربي مثلاً، كان تاريخياً ينسجم في العادات والتقاليد مع العربي المسلم أكثر من انسجام المسلم غير العربي مع المسلم العربي,,, اليوم هناك حقيقه لايمكن انكارها وهي إن الإسلام هو أضخم مكون في تاريخ العرب، فكان الطاقة المعنوية الكبرى، والعنصر الأساسي في ثقافتهم، وموروثهم الحضاري، ولذلك فإن أي محاولة مغرضة لفصل الإسلام عن العرب، أو فصلهم عنه، لا تصب إلا في خانة إضعاف الحال العربي وإنهاكه، واقصائه عن دوره الإلهي والحضاري معاً، مما يفسح المجال لإضعاف قوة الاسلام وهو بالتالي يتسجم مع قاعدة (إذا ذل العرب ذل الإسلام)التي تحمل الكثير من المدلولات الصائبة، عند وضعها في مثل هذا السياق من التحليل المنطقي، وبهذا تكون العلاقة بين العروبة والإسلام هي علاقه وجوديه وعلاقة تكامل عقائدي وتاريخي ,, حيث ستبقى العروبة جسداً روحها الإسلام، في حين تكون جثة هامدة من دونه.وبهذه العلاقة العضوية المتفردة،كان النموذج العربي الإسلامي الذي انبثق في الأرض العربية، قبل أكثر من أربعة عشر قرنا، مصدرا لإشعاع الأمة العربية بتجربتها الرسالية للعالمين، التي أفاضت على الإنسانية بالخير العميم،وحررت الشعوب من طواغيت الوثنية بالتوحيد,,وتتجلى الصورة الناصعة للعلاقة العضوية التاريخية بين العروبة والإسلام، و في دورالعرب التاريخي الرائد في قيادة ركب مسيرة الدين الاسلامي،ونشر نوره في كافة بقاع الارض،اضا فة الى انهم كانوا البيئة الحاضنة له عند نزوله. فلا شك أن الله - تعالى -عندما اختار النبي العربي محمدا بن عبد الله - صلى الله عليه وسلم- من بينهم لتبليغ رسالته إلى الناس أجمعين، قد كرم العرب بهذا الاختيار بقوله: (لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم),,وبالنهايه فبهذه المرحله بالذات ,,لايمكن ان نفصل الاسلام عن العروبه او العكس فهما بالنهايه عنصران متكاملان لبناء نهضة الامه وفق نموذجها الوحدوي ونبذ الفرقه والاجماع على كلمه سواء ....
 *كاتب وناشط سياسي الاردن
hesham.awamleh@yahoo.com