2024-04-25 08:23 م

هل هذا جزء من الوظيفة الدبلوماسية الامريكية؟

2014-04-21
بقلم: الدكتور بهيج سكاكيني
الزيارة التي قام بها مؤخرا السفير الأمريكي لدى الأردن مع أعضاء من مجلس الشيوخ الامريكي الى المنطقة الحدودية بين الأردن وسوريا والتي اجتمع بها السفير والوفد الأمريكي مع قائد من الجيش الأردني في المنطقة والاستفسار عن المهمات التي تقوم بها القوات الاردنية في المنطقة الحدودية، تثير نوع من الاستغراب الشديد ان لم نقل نوع من الريبة لسبب واهداف هذه الزيارة المشبوهة. وهذا لا بد أن يذكرنا بما كان يقوم به السفير السابق فورد لدى سوريا من زيارات للمناطق التي كان بها "حراكا شعبيا" ضد الحكومة السورية ليبين لهم الدعم الكامل للولايات المتحدة لما يقومون به من اعمال مناهضة للحكومة السورية. ولقد سبق وأن كسر كل الأعراف الدبلوماسية بتحركاته داخل الوطن السوري. وقد تمكن من الوصول الى بعض المناطق التي كان يتواجد بها المسلحين الذين كانوا يقطعون الطرق ويعتدون على السكان في تنقلاتهم، مما كان يثير العديد من التساؤلات ووضع علامات استفهام كبيرة حول كيف تم تأمين طريقه الى هذه المناطق وعدم تعرض موكبه من قبل المسلحين وحول الدور الذي تلعبه السفارة الامريكية في دمشق. ولقد تبين لاحقا الدور القذر الي كان يلعبه هذا السفير الذي طرد من دمشق ومدى علاقته مع العناصر القيادية للمجموعات الإرهابية، حيث كان يجتمع معهم في تركيا لتنسيق المواقف وتأمين الدعم السياسي والمالي والإعلامي لهذه المجموعات الإرهابية. وكان يحضر كل اجتماعات "المجلس الوطني" السوري ومن ثم "الائتلاف" لما يسمى بقوى المعارضة. وهو الذي كان يدير وفد الائتلاف في المفاوضات في مؤتمر جنيف 2 من غرفته في الفندق مع طاقم من الخبراء من العسكر والمخابرات واللغويين، عبر الاتصالات الهاتفية التي لم تنقطع وقصاصات الورق التي كانت تكتب عليها النصوص الذي يجب أن يتشبث بها وفد الائتلاف، هذا الجسم المصنع الهلامي المسخ. ولم يقتصر هذا التدخل السافر والعلني على السفير فورد، بل تعداه الى أعضاء من الكونغرس الأمريكي وعلى رأسهم السناتور جون مكين الذي تمكن من الدخول الى الأراضي السورية من الحدود التركية والاجتماع بقيادات من المجموعات الإرهابية المسلحة وقيادات مما يسمى "بالجيش الحر" واعدا إياهم بالعمل لإيصال الأسلحة التي يحتاجونها. وقضية تدخل الأطراف الدبلوماسية الامريكية بالأوضاع الداخلية للبلدان ليس بالشيء الجديد، فتاريخهم الأسود مليء بالتدخلات التي أدت الى تغيير الأنظمة الغير موالية والخاضعة للهيمنة الامريكية بالكامل. فما زلنا نذكر الانقلاب العسكري الذي دبرته الإدارة الامريكية والمخابرات المركزية الامريكية عام 1953 في إيران لحكومة مصدق الوطنية والمجيء بشاه ايران والاعتقالات اثناء حكمه والتعذيب والقتل والاختطاف للعديد من الوطنيين واليساريين على ايدي عناصر المخابرات الإيرانية السافاك. وما زلنا نذكر أيضا الانقلاب الذي دبرته السفارة الامريكية والمخابرات المركزية الامريكية بالتعاون مع كبار رجال الاعمال والجيش في تشيلي على حكومة سلفادور ألليندي عام 1973 والذي فاز بأغلبية الاصوات بانتخابات عامة نزيهة وشفافة عام 1970 باعتراف المصادر الغربية، والمجيء بقوى الفاشية للحكم برئاسة بينوشيه أحد أكبر جنرالات الولايات المتحدة وأعتى ديكتاتور في أمريكا اللاتينية . إضافة الى ذلك اسقاط حكومة شرعية منتخبة في هايتي عام 2004 من خلال خلق نوع من عدم الاستقرار في البلاد على أيدي معارضة مصنعة، كما هو الحال الذي الت عليه أوكرانيا وذلك بشهادة مساعدة وزير الخارجية لشؤون منطقة اوراسيا، السيدة فكتوريا نولاند، حيث نشر الحديث الذي أجرته بالتليفون مع السفير الأمريكي في أوكرانيا والذي به تم البحث حول من سيتولى الحكومة القادمة بعد سقوط حكومة يانوكوفيتش المنتخبة (بغض النظر عن رأينا بها). وما يجري في فنزويلا الان من زعزعة الاستقرار من قبل معارضة مصنعة ومدعومة بشكل واضح من الإدارة الامريكية. وقد تم رصد اجتماعات بين عناصر من السفارة الامريكية هناك مع أطراف من المعارضة قبل بدء حركات "الاحتجاجات" بالمظاهرات في الثلاثة مقاطعات التي يقطنها الاغنياء من أصل ما يقرب من 40 مقاطعة من البلاد. وهذا ما استدعى الحكومة بطرد ثلاثة من الدبلوماسيين العاملين في السفارة الامريكية، والذين لا يستبعد ان يكونوا عناصر من المخابرات المركزية الامريكية. والحكايات تطول في هذا المجال. قلنا أن هذه التدخلات بالشؤون والأوضاع الداخلية للبلدان الغير مرغوب في حكوماتها من قبل الولايات المتحدة ليس بالحدث الجديد، ولكن الجديد في الامر يكمن في الطرق الفجة والمباشرة والى حد كبير العلنية في التدخل. فقد رأينا السناتور جون مكين في أوكرانيا يشارك المعتصمين في الميدان ويحثهم على الاستمرار في الاعتصام وان الولايات المتحدة تدعم اعتصامهم، ولقد صعد الى المنصة مع قياديي العناصر الفاشية والنازيون الجدد والقى كلمة في المعتصمين. الى جانب ذلك زارت السيدة نولاند المعتصمين وكذلك السيدة اشتون مبعوثة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي. هذا وقد صرحت مسؤولة الخارجية الامريكية السيدة نولاند في احدى المحاضرات بأن الولايات المتحدة قد دفعت ما يقرب من 5 مليارات دولار لدعم الأحزاب المعارضة والمنظمات الغير حكومية في أوكرانيا. اما سفيرة الولايات المتحدة لدى مصر فقد كانت على اتصال دائم مع قيادي تنظيم الاخوان المسلمين اثناء فترة اعتصامهم في ميدان رابعة وكانت تدخلاتها واضحة مما استدعى ان تصنف بشخص غير مرغوب فيه في مصر. ويحق لنا أن نتساءل في النهاية ما هي الوظيفة الفعلية التي تقوم بها سفارات الولايات المتحدة، ان لم تكن شريكا فعليا في تصنيع ودعم المعارضات في الدول التي تقاوم الخنوع والرضوخ للسياسة الخارجية الامريكية، وترفض أن تكون الحارس الأمين على مصالحها الاستراتيجية؟