2024-04-24 05:45 م

فاز بوتين...وخسر أوباما

2014-04-24
بقلم: الدكتور خيام محمد الزعبي*
إن الخطأ الذي إرتكبته إدارة أوباما كان رهانها الكبير على الحصان الخاسر، وهو ميدفيديف الذي تولى الرئاسة بين عامي 2008 و2012، فبعدما صمّمت واشنطن سياستها تجاه روسيا على هذا الرجل الأكثر إعتدالاً، وجد البيت الأبيض أمامه عودة بوتين، الضابط السابق بالإستخبارات السوفيتية ، ملتزماً على ما يبدو بإستعادة القوة الإمبراطورية لروسيا. لقد شهدت أوكرانيا على مدى أشهر مظاهرات إحتجاجاً على رفض الحكومة السابقة التوقيع على إتفاقات تجارية مع الإتحاد الأوروبي، إنتهت بتصويت البرلمان على الإطاحة بحكومة الرئيس فيكتور يانوكوفيتش المدعوم من موسكو، وتسببت الأزمة في أسوأ توتر في العلاقات بين روسيا والغرب منذ إنتهاء الحرب الباردة عام 1991، من جانبها بدأت الولايات المتحدة تطرق باب روسيا، موضحة أنها تعتزم نشر قوات في دول مثل بولندا وإستونيا ولاتفيا وليتوانيا، بهدف طمأنة حلف شمال الأطلسي (ناتو) والحلفاء الإقليميين إزاء التحركات الروسية، ورغبتها بنشر مئات من جنودها في أوروبا الشرقية لأهداف تدريبية. وفي وقت سابق أعرب كيري لنظيره الروسي عن "قلقه العميق" من عدم إتخاذ موسكو ما وصفها بالإجراءات الإيجابية الكافية لنزع فتيل التوتر في الأزمة الأوكرانية، وموازاة ذلك هددت الولايات المتحدة بفرض عقوبات مشددة على روسيا إذا لم تبادر إلى تحقيق تقدم على صعيد تطبيق إتفاق جنيف الذي أبرم في وقت سابق، وينص خصوصاً على نزع أسلحة "المجموعات المسلحة غير الشرعية" وإخلاء المباني التي تحتلها هذه المجموعات، سواء تلك الموالية للغرب في كييف أو الموالية لروسيا في شرقي أوكرانيا. ومرة أخرى يتجاهل فلاديمير بوتين التحذيرات والخطوط الحمراء التي تتحدث عنها إدارة أوباما، ولديه مبرر لذلك، فأوباما نفسه لا ينظر إليها، وعلى الرغم من تصريحات كيري، فإن العقوبات التي تم إعدادها ضد المقربين من الرئيس الروسي والشركات المشاركة في مغامرته بأوكرانيا لا تزال متجمدة في البيت الأبيض، وعندما سئل المتحدث باسم البيت الأبيض جاى كارنى عن مدى إستمرارية هذا الوضع، رد قائلا "إنه ليس لدى موعد محدد". وفي إطار ذلك عزا البعض سبب تردد أوباما في إتخاذ قرار جريء تجاه الأزمة الأوكرانية إلى كون الرئيس الأميركي في الفترة الأخيرة من رئاسته للبلاد، في حين عزاه البعض الآخر إلى أن أوباما ربما فقد هيبته كقائد لدولة عظمى، وإن آخر مظاهر هذا التراجع يتمثل في الأزمة الأوكرانية الراهنة التي كشفت عن ضعف موقف واشنطن في المنطقة. وفي سياق متصل يمكنني القول إن تعزيز العلاقات بين مصر وروسيا يشعل الحرب الباردة من جديد، خاصة بعد دعم أوباما للإخوان الذي أغضب حلفاء مصر من دول الخليج، الذين يرون الإخوان وحلفاءها بالمنطقة يشكّلون تهديداً للأنظمة الخاصة بهم، الأمر الذي إنعكس بدوره إيجاباً على روسيا التي وجدت في الشرخ الذي حدث في العلاقات المصرية - الأمريكية فرصة لتعزيز علاقاتها معها"، وبالتالي يحاول بوتين تعزيز الدور الروسي في الشئون الخارجية على المسرح السياسي وإحياء روح التنافس بين البلدين مثلما كان في الحرب الباردة، وبالتالي فإن التوترات الناشئة بين الولايات المتحدة ودول الخليج ساهمت في الدفع بصفقة الأسلحة الروسية - المصرية التي مولتها المملكة العربية السعودية والإمارات، ما يجعل هذا التمويل بمثابة أصبع وضعته السعودية في عين واشنطن. وأخيراً ربما أستطيع القول إن الأزمة الأوكرانية والميل لتوتير العلاقات الأميركية مع روسيا قد تترك تداعياتها على الإرث السياسي للرئيس أوباما بخلاف الرواية التي أرادها وسعى بدأب وثبات لتحقيقها، إذ تستمر إستطلاعات الرأي والتوجه العام للناخب الأميركي في الإشارة إلى تدني شعبية الرئيس الأميركي، التي إنحدرت لأدائه في مجال السياسة الخارجية، بل قد أثبتت الأزمة الأوكرانية أنها اخف العوامل التي يواجهها الرئيس أوباما وحيز المناورة السياسية الذي يضيق باضطراد. 
 *صحفي وباحث أكاديمي في العلاقات الدولية 
khaym1979@yahoo.com