2024-04-24 01:41 م

رؤية منهجية في خطاب القسم للدكتور بشار الأسد

2014-07-19
بقلم: الدكتور يحيى محمد ركاج*
توقفت نظرات سياسيي العالم في السادس عشر من تموز لعام 2014 لمتابعة النهج المرحلي الذي قدمه الرئيس السوري الدكتور بشار الأسد لبلاده للسنوات القادمة من فترة ولايته الدستورية الأولى وفق الدستور السوري الجديد، بعد أن تعرضت بلاده – ولا تزال تعاني - لأخطر إرهاب دولي عالمي، استخدمت فيه القوى المعتدية أقذر الأدوات والوسائل، حتى طالت رموزاً وأشخاصاً بأسمائها. وقد أبدع المتابعون والمحللون والسياسيون المؤيدون والمعارضون على السواء في تفاصيل الخطاب وتفنيد كلماته ودلالاته كل وفق هواه، لكن لم يخرج للعلن – على حد علمي المتواضع - من تناول هذا الخطاب من منظور منظومة الحكم والسيادة والاستمرار رغم اهتمام جميع مراكز الدراسات الغربية والعالمية بهذا الأمر. لقد جسد خطاب القسم من خلال تفاعل الإعلامياء مع الحلقة التي يدور بها علم السياسة- تكامل المنظومتين الثلاثيتين للحكم: (قائد – مواطن – قائد) (مواطن – قائد - مواطن). قائد: عندما لم يكترث لما يروجه أعداؤه من استهداف القصور الرئاسية والعاصمة دمشق بالقذائف متى يشاؤون، ومن تمكنهم من السيطرة عليها أو اختفائه تحت الأرض وتنقله في دمشق بغواصات وطائرات روسية تارة وصينية أو إيرانية تارة أخرى، ولما يروجوه أيضاً من فقدانه السيطرة والقيادة والقدرة على التحكم، والتي كان أخرها خبر اغتياله قبل أيام بانقلاب زائف في محاولة تعتيمية مفضوحة على ما يجري في غزة من أحداث أمام الشارع العربي المستعبد من قبل الميديا من محيطه إلى خليجه، فكان دخوله إلى القصر الرئاسي الجديد دخولاً هادئاً متزناً بخطوات ثابتة ومستقرة ونظرة ثاقبة أمام مجموعات من جميع التشكيلات العسكرية المقاتلة التي يضمها الجيش العربي السوري، في احتفالية المنتصر المتواضع، تحت القبة الزرقاء لسماء دمشق الآبية، في ذروة المجد الذي يعانق عباب السماء. مواطن: عندما دخل إلى المنصة من بين صفوف الشرائح المتنوعة من الشعب التي أتت إلى القصر الرئاسي لتتابع آداء القسم مع من اختاروهم لتمثيلهم في مجلس الشعب. وعندما تناول القضايا الهامة والحساسة الداخلية والخارجية بلغة الشارع متنوع الثقافة ورؤيته، وبدعابة لطيفة ومعبرة عن مضمون القيادة التي تنبثق من الشارع وتجسد معاني السيادة الشعبية التي تكرس الاندماج بين القائد والشعب. قائد: عندما استطاع بحنكة القائد المتمرس في السياسة والحوار أن ينقل بقناعة للعالم أجمع القدرة على التمييز بين العاطفة والإندفاع الذي يتملك بعض الشرائح من المواطنين وبين الرؤيا الحكيمة والدقيقة لمجريات الأمور في الحكم وقيادة الجماهير، وقد تجلى ذلك جلياً في مواضيع متنوعة داخلياً وخارجياً كملفات الفساد وقضية العدوان الصهيوأمريكي على غزة. وتجلى ذلك أيضاً في تحديد ملاح السيادة المستقبلية لسورية عندما أشار إلى النموذج المعد لإعادة الأعمار في المرحلة المقبلة. لقد استطاع الرئيس السوري أن يرسم المستقبل القادم لسورية أمام مواطنيه بصورة دقيقة واضحة تقوم على التكامل بين المنظومة السابقة (قائد – مواطن – قائد)، من خلال التجسيد العملي لمضمون الشعار الذي رفعه بحملته الانتخابية "سوا" الذي عبر عنه بالارتقاء معاً في المسؤولية والبناء والاستمرار في ضرب الإرهاب ومكافحة الفساد وتعزيز العمل المؤسساتي. واستطاع أيضاً أن يخبر العالم أجمع بما فيها القوى المعتدية على بلده أن الشارع الذي يشارك في رسم سياسة بلده لا يقهر، وأنه قائد ليحقق ما يرغبه مواطنوه منه لا ما ترغبه القوى المسيطرة على العالم، فاستمراريته مرهونة بقدرة شعبه على تحمل مسؤولياته، باعتباره صاحب القرار الفصل في ذلك. جسد الخطاب القسم بوضوح تكامل صورة المنظومة (مواطن – قائد – مواطن) في مجمل طرحه للقضايا التي تناولها على المستويين الداخلي والخارجي، فكان التعبير الأبرز في بروتوكولات الدخول لأداء القسم، ووطنية قضية إعادة الإعمار، وتوجيه الشكر للمقاومة اللبنانية وروسيا والصين وإيران، بالتزامن مع انعقاد قمة البريكس في البرازيل التي كان يُطرح بها إنشاء بنك تنمية خاص بمجموعة البريكس منافساً حقيقياً للاستعمار المستتر تحت مؤسستي صندوق النقد الدولي والبنك الدولي. كان خطاب القسم تعبيراً واضحاً عن إرادة الشعب العربي في سورية الذي أعلنه للملأ في الثالث من حزيران لعام 2014. إنه خطاب الإنسان ... المواطن ... القائد ... المنتصر.
 *باحث ومحلل في السياسة والاقتصاد 

الملفات