2024-04-20 04:12 م

لنتجرّأ على النصر

2014-07-28
بقلم: سمير الفزاع
قبل عام تقريباً قال السيناتور الأمريكي النافذ والصهيوني المتطرف جون ماكين بأن : "الشرق الاوسط قد ينهار إذا لم تلتزمه واشنطن مع حلفائها" ، ولكن هيلاري كلنتون قالت الأخطر والأعمق والأكثر تحديداً ، وأمام "الأيباك" بمؤتمره السنوي في 22/3/2010 ، عندما قالت : "إن إستمرار النزاع والواقع الحالي لا يخدم مصالح الولايات المتحدة ، ولا يمكن أن يبقى مستداماً لجميع الأطراف ، خصوصاً في ظل ديناميكيات الديموغرافيا والإيديولوجيا والتكنولوجيا ، بل يعد بمزيد من العنف ويهدد إسرائيل كدولة يهودية ديموقراطية " . ما هو المعنى العملي والإستراتيجي والمباشر لما قاله هؤلاء وغيرهم من الساسة الأمريكيين والصهاينة ونظرائهم من المفكرين هنا وهناك ؟ يعاني الكيان الصهيوني من مشاكل وجودية تعصف به ، وفي "الحاضن الأخير" ، أمريكا ، التي يتداعى إقتصادها ، وتتآكل قدراتها العسكريّة ، ويتراجع "مجالها الحيوي" أمام خصومها الذين يزدادون كلّ يوماً قوة في حين تزداد هي ضعفاً . لذلك ، نلاحظ "اليوم" إرهاصات إنزياح إستراتيجي في مراكز القوى الإقليمية من كيان العدو الصهيوني وحلفائه إلى حلف المقاومة ، وهو السبب الحقيقي والأساسي لكل هذا العنف المستشري الذي نراه ، وهو العامل الأول والمحوري وراء سيل الدماء الذي يتدفق من حولنا ، إنها معركة حياة أو موت لأطراف الصراع . لقد أصبح يقيناً أن هناك عالماً جديداً يتشكل ، تُرسم معالمه على نحو متسارع جداً هذه الأيام . إنتهت الحرب العالمية الثانية – عملياً – مع إنزل الحلفاء في منطقة النورماندي بتاريخ 6 / 6 / 1944 ، ولكن كان على العالم الإنتظار حتى 11/2/1945 ليلتمّ شمل قادة العالم الجدد جوزيف ستالين ونستون تشرشل وفرانكلين روزفلت ، ليقرروا شكل العالم ولونه ومناطق نفوذهم فيه . لم يحجز أحد من هؤلاء الكبار كرسيّه حول طاولة "يالطا" إلا بعد خوضه واحدة من أشرس المعارك في تاريخ بلاده . لم يجلس الإتحاد السوفيتي على مائدة الكبار إلا بعد معركة "ستالينغراد" ، كما لم تجلس بريطانيا على تلك المائدة إلا بعد معركة العلمين ، وأمريكا لم تنظم إلى تلك القمّة التاريخية إلا بعد ضرباتها القاتلة لليابان وقيادتها للإنزال الأكبر في تاريخ البشرية – إنزال النورماندي – . جلس هؤلاء وكان كلّ العالم المتبقي مادة للتفاوض . عودة إلى منطقتنا ، ونحن اليوم نتقف أمام مشهد مماثل إلى حدّ كبير جداً ، في حدود الإقليم على الأقل . وحتى يكون الكلام واقعياً وعلميّاً ، سأنطلق من تحديد عناصر قوة ، وأعمدة "بقاء" الكيان الصهيوني في منطقتنا : 1- أن هذا الكيان هو أرض اللبن والعسل الموعودة للشتات المعذب من بني يهود . 2- أن هذا الكيان هو الأرض الأكثر أمناً لبني يهود ، فليأتي كل شتاتهم إليه . 3- أن جيش هذا الكيان هو الجيش الأقوى ، ويده هي اليد الطولى ، ولا غالب له في محيطه . 4- أن أي حرب سيخوضها هذا الجيش لن تمس أبداً بحياة ورفاه وحركة ... المدنيين في الداخل . 5- لن يكون هناك حروباً تخاض ، أو أهداف تقصف على أراض هذا الكيان . 6- أن جيش هذا الكيان قادر على شنّ الحروب متى شاء ، ولا نهاية لها سوى النصر . 7- لا مكان للحروب الطويلة هنا ، فالنصر مؤكد ، وسيتم إحرازه بين طرفة عين وأخرى . 8- لدى هذا الكيان قادة تاريخيين قادرين على إنقاذه من الأزمات . 9- الحرب وسيلة من وسائل "تصحيح" مسيرة وحياة هذا الكيان ، حيث يكون الحل لبعض مشاكله بشنّ الحروب . * نبوءة هيلاري تتحقق : لنعد إلى هيلاري وتصريحها الخطير أمام الإيباك : إن إستمرار النزاع والواقع الحالي لا يخدم مصالح الولايات المتحدة ، ولا يمكن أن يبقى مستداماً لجميع الأطراف ، خصوصاً في ظل ديناميكيات الديموغرافيا والإيديولوجيا والتكنولوجيا ... " . فما الذي عنته هيلاري بهذه الأخطار الثلاثة ؟ سأحاول الأجابة بإختصار : # الديموغرافيا : ويقصد بها إرتفاع معدلات الزيادة السكانية لفلسطيني 48 أولاً ، والضفة الغربية وغزة ثانياً عن مثيلاتها في الكيان الصهيوني ، ما يجعل الطابع "اليهودي" للكيان الصهيوني ، والوهم الديموقراطي الذي تدعيه في خطر حقيقي ، حيث سيصل هذا الكيان إلى مرحلة يفقد فيها زمام المبادرة والقرار . # الإيديولوجيا : ويقصد بها الفكر والعقيدة المقاومة لأصل وجود هذا الكيان ، ومن هنا يأتي الهجوم الشرس والمستمر منذ عقود على سوريا وشركائها في حلف المقاومة ، ومحاولات تشوية حلف المقاومة ، وتفجير الفتن الطائفية والمذهبية في وجهه ... ومن هنا أيضاً الخوف العميق من نقل تجربة حزب الله في تحرير جنوب لبنان من الإحتلال الصهيوني إلى غزة . # التكنولوجيا : والمقصود بها تلك الأسلحة "الرخيصة" نسبياً ، والقادرة على إلحاق خسائر ضخمة بالكيان الصهيوني في آن واحد ، والحديث هنا يدور عن سلاحين أساسيين ، الصواريخ ، والأسلحة المضادة للدروع . أي شيء يحصل في فلسطين وغزة ، غير تموضع هذا التهديدات واقعاً معاشاً وملموساً ، وخصوصاً عند التدقيق بمجريات الحرب الأخيرة التي نراقبها بفخر أمام عيوننا اليوم ؟! . * بعد هذه المقدمة ، لنحاول معرفة آثار الحرب الأخيرة على الكيان الصهيوني : بعد إغتيال الشاب محمد ابو خضير ، وتململ الضفة ، وتنفيذاً لمخطط مسبق ، وكي لا يحرج سلطة رام الله ، و يتلافى انفجار انتفاضة ثالثة في الضفة الغربية ، وقلاقل ستندلع حتماً داخل "الخط الأخظر" ، ولأنه يعرف اين يتمترس عدوه الأخطر والمسلح ، ورأس الرمح في المشروع المقابل ... نقل العدو الصهيوني الحرب إلى غزة . أي أنّ المسألة أبعد من حدود فلسطين العربية كاملة ، إنها معركة "إستباقية" مع "حبل" محور المقاومة الذي يلتف حول عنقه رويداً رويداً ، وبإحكام . لقد "جاء" الكيان الصهيوني إلى غزة ليختبر قدرة المقاومة على الصمود ، وليعرف عمق الروابط بين محور المقاومة وغزة ، وليتأكد من مستوى تدفق الأسلحة والمعدات والخبرات من هذا الحلف إلى غزة ... ولكنه إكتشف بأن باطن الأرض أغنى من سطحها ، والمنتمون لقضية فلسطين وحلف المقاومة لن يتركوا فلسطين وحدها مهما واجهوا من مؤامرات وفتن . # مناورات الكيان الصهيوني التي إنطلقت منذ العام 2007 ، وأستمرت حتى العام 2011 ، تحت مسمى مناورات "الكيان" ، وكان الهدف منها ضمان إستمرار "إنتاجية المجتمع" تحت ظروف الحرب – كنوع من العبر المستقاة من حرب 2006 – ثبت بالدليل القاطع فشلها ، والدليل على ذلك الشلل العام الذي ضرب مرافق الكيان ومؤسساته وخروج 5 ملايين صهيوني من بيوتهم ومؤسساتهم . # مطار اللد "بن غوريون" ، أكبر المطارات الصهيونية وأكثرها ازدحاماً على مدار العام بعدد مسافرين سنوي يتجاوز 11 مليون مسافر ، ويستحوذ المطار علي أكثر من 80