2024-04-23 05:09 م

.المقاومة.. وتغيير تاريخ المنطقة

2014-07-31
بقلم : محمد بكر
لم تكن أمنية رئيس الوزراء الصهيوني الأسبق اسحاق رابين عندما تمنى أن يأتي يوم ٌ يستيقظ فيه ويرى غزة وقد ابتلعها البحر , مجرد أمنية عابرة, ولم تكن مصادفة أن تعدها الأساطير الإسرائيلية أرضاً ليست جزءاً من أرض "إسرائيل" , إذ لطالما كانت غزة ولازالت الكابوس المزعج وكأس العلقم الذي تجرعه الكيان الصهيوني على الدوام, تلك البقعة الفلسطينية الصغيرة في مساحتها , الكبيرة بمقاوميها وأبطالها, لن تمحى فيها الدروس التي لقنتها المقاومة لجيش الاحتلال , وللنخبة من جنوده من الذاكرة الإسرائيلية . من حي التفاح إلى مستوطنة نير عام مروراً بمدينة صوفا وناحل عوز , خطت المقاومة انتصارها وتفوقها وثباتها وصمودها بأحرف ٍ من نور, وبسواعد رجال الله رسمت أبهى صور العزة وأبلت أروع وأحسن البلاءات, فكانت بحق الاستثناء في كل تفصيل من تفاصيل معركتها مع العدو الصهيوني وفي كل ركن من أركان الميدان والتي باتت فيه الموجه والناظم الرئيس لحيثياته وجزئياته والمتعامل المحترف مع كل سيناريوهاته المطروحة بما في ذلك الحرب البرية , إذ لم يكن كلاماً عابراً مانشرته صحيفة هآرتس حول التشكيك بقدرة الجيش الإسرائيلي في تحقيق الأهداف التي أعلن عنها في تلك المعركة, وكذلك ماجاء في صحيفة يديعوت أحرنوت لجهة أن المقاومة الفلسطينية هي التي باتت تتحكم بسير المعركة وهي من يمسك بزمام المبادرة , إضافة لما قاله أحد الخبراء العسكريين الإسرائيليين "كنا نعلم أن إسرائيل صنعت قبة حديدية لكننا لم نعلم القبة الحديدية الأرضية التي صنعتها المقاومة فجنودنا اليوم وإن عرفوا وجهتهم فإنهم لايأمنون ظهورهم" في إشارة إلى مفاعيل أنفاق المقاومة ,كل ذلك لم يكن أخباراً عادية على الإطلاق إنما انعكاساً حقيقياً للمأزق الإسرائيلي الذي لم تفلح جهوده في إخفاء آثار الحمرة التي طفحت بها وجناته من جراء الصفعات المتتالية الممهورة بخاتم المقاومة البطلة . على المقلب الآخر كان للملتحفين بالغطاء الصهيو- أميركي نشاطاتهم الخاصة وتحركاتهم المقيتة وتنقلاتهم الخبيثة في محاولة لإطفاء نور المقاومة, ومحو إنجازاتها , وتقزيم انتصاراتها ,لكن تأبى المقاومة إلا أن تتم نورها ,وتعلي كلمتها, فلا هدير يعلو فوق هدير صواريخها , ولاصوت أقوى من زئير رجالاتها, وهي التي أعلنت وعلى لسان الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي أن الرهان على نفاذ مخزونها من الأسلحة وتالياً انصياعها " قسراً " لطلب الهدنة ووقف إطلاق النار هو رهان ٌ خاسر , وإن معركة غزة ستغير تاريخ المنطقة, ولايرسم نهايتها إلا أقلام المجاهدين في الميدان ,كيف لا وهي التي تعرف قدْرها جيداً وقد طاول عنان السماء فلاحدود تقف عندها في حربها المفتوحة,لامبادرات ولاهدن تخطف الإنجازات وتملي الشروط , وإن كان لابد , فلا أدنى من رفع الحصار. لاشك في أن أقطاب جبهة المقاومة , تدرك اليوم وأكثر من أي وقت ٍ مضى أن أي انتكاسة قد تصيب المقاومة الفلسطينية , وأن أي تقدم استراتيجي يحققه الكيان الصهيوني في تلك المعركة , لن يكون فيها محور المقاومة بمنأى عن ارتداداتها وتداعياتها , ومن هذه الزاوية نقرأ ونفهم مسارعة الأمين العام لحزب الله للاتصال هاتفياً بخالد مشعل ولقاء الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي رمضان شلح , إذ لم يجد حرجاً في إبداء الدعم والتعاون والتكامل مع المقاومة في غزة من أجل إفشال أهداف العدوان , وهو الذي يعلم علم اليقين أن كسر ذراع المقاومة في غزة يعني بالضرورة تمدداً للإرهاب الإسرائيلي باتجاه لبنان , وكلنا يتذكر ما أعلنه سماحة السيد حسن نصرالله بعيد حرب تموز في العام 2006 بأن هزيمة المقاومة حينها كان يعني تدحرجاً للعدوان باتجاه سورية , ولذات السبب نقرأ ما أعلنته القيادة السورية وعلى لسان الرئيس الأسد في خطاب القسم لجهة (استمرارها في دعم المقاومة الفلسطينية, وأنها كانت ولاتزال تعد القضية الفلسطينية بأنها القضية المركزية وإن الشماتة التي أبداها البعض ماهي إلا لغة الساذجين) , ومن هنا وعلى الرغم من الدور الحمساوي الطافح " بالأخطاء والعثرات" في مسلسل الحرب في سورية وعليها , إلا أن ذلك لن يعيق في اعتقادنا عرض مسلسل الدعم , لطالما كان الهدف مواجهة الكيان الصهيوني , وعودة البوصلة لمسارها الطبيعي الذي أريد لها أن توغل في انحرافها ووجهتها, فسورية التي دعمت واحتضنت حماس في السابق إنما كانت تحتضن القضية والبوصلة , ولم تحتضن فصيلاً فلسطينياً بعينه وكذلك فإن المستهدف اليوم في غزة ليس فصيلاً بعينه على الإطلاق وعليه فإن تصحيح الأخطاء وترميم التصدعات ولملمة التناثرات وإعادة المشهد إلى سياقه الطبيعي يغدو أمراً بدهياً بالنسبة لحماس ولاسيما في هذه المرحلة الاستثنائية . فهل نحن على موعد مع إعادة حلقات " الأيام الخوالي " ومشاهد التحالف الاستراتيجي من مسلسل جبهة المقاومة ؟؟وهل مازال في جعبة المقاومة الفلسطينية الكثير من المفاجآت التي تخبئها للعدو وهي القادرة على ذلك ؟؟ وهل سيقود الحمق الإسرائيلي أصحاب القرار إلى دحرجة كرة النار باتجاه الساحة اللبنانية وعندها سينتقل الكيان الصهيوني من دائرة الفشل إلى دائرة الانتحار تماماً كتوصيف الأمين العام لحزب الله وتالياً فإننا على موعد آخر لجهة تغيير وجه المنطقة ومن بوابة الجليل الذي وعدت المقاومة اللبنانية بتحريره والسيطرة عليه في أي مواجهة مع العدو الصهيوني , ووعدها الوعد الصادق , وقولها القول الفصل الذي لا مكان فيه للتراخي والهزل .
 * كاتب سياسي فلسطيني مقيم في سورية