2024-03-28 02:13 م

الفوضى السورية نتاج المعايير المزدوجة

2014-07-31
بقلم: وليد المعلم*
حذرت سورية باستمرار عبر السنوات الثلاث المنصرمة من أن الهجمة الإرهابية التي تتعرض لها ستصيب عموم المنطقة ، وليس ما يشهده العراق اليوم إلا نتاج حسابات العقول الباردة للقوى الغربية التي مكنت الإرهابيين من تدمير سورية بذريعة أنها حرب من أجل الحرية والديمقراطية.

انضم ما لايقل عن 80000 جهادي إسلامي  من كل العالم إلى الجهادية الوهابية الأشد تطرفا  في حربهم المسعورة والدامية والمدمرة والضالة ضد سورية. وقد غضت قوى إقليمية معروفة ومدعومة من الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين الطرف عن الجرائم التي تقترفها هذه المجموعات والتي طالت الأبرياء والنساء والأطفال وكل المؤسسات الاقتصادية والصناعية والثقافية السورية. تهدف هذه الحرب البربرية ضد الإنسان السوري وبناه التحتية إلى إعادة سورية إلى عهود الظلام.

وأمام كل هذه الهزات فقد عزز الشعب السوري وحدته الوطنية وتجاوز الخلافات السياسية البسيطة مشكلا جبهة موحدة دفاعا عن بلده. ولجأ السوريون إلى صناديق الاقتراع لاختيار قائدهم  وفق إرادتهم التي يجب أن تحظى بالاحترام. وسيعملون بالتعاون مع حكومتهم على إنقاذ بلدهم من أن تتحول إلى دولة فاشلة.

يجب إيلاء النقاط الست التالية اهتماما كبيرا عند مقاربة الأزمة السورية:

1- التوقف عن دعم الإرهاب: إذ لن تخف حدة العنف في سورية طالما استمر الغرب وحلفائه الإقليميين بتزويد الجماعات الإرهابية بالسلاح والمال والدعم اللوجستي ، فكم يجب أن يبلغ عدد القتلى قبل أن يغير هؤلاء سياستهم هذه؟

2- الاعتراف بالسبب الحقيقي وراء أزمة المهجرين : فقد عاد آلاف السوريين المهجرين إلى بيوتهم وأحيائهم في كل المناطق التي تمكن الجيش السوري فيها من طرد الجماعات الإرهابية المسلحة وإعادة الأمن والأمان إليها ، حدث ذلك في حمص القديمة وكسب والعديد من القرى والأحياء السكنية في سورية.

ترفض القوى الغربية الإقرار بأن دعمها للمجموعات الإرهابية في حربها المدمرة هو سبب المعاناة الإنسانية للسوريين التي يصعب تحملها ويطيل أزمة المهجرين. كما أنهم باستمرارهم باستخدام موضوع المهجرين كسلاح في حربهم السياسية ضد سورية فلا يمكن توقع انفراج لهذه المأساة الإنسانية في المستقبل المنظور.

 

3- الإقرار بأن العملية السياسية هي السبيل الوحيد لحل الأزمة السورية: تسعى سورية لإيجاد حل سياسي لأزمتها عبر الحوار الوطني بين السوريين وبقيادة سورية ، وقد انخرطت الحكومة السورية في سلسلة من التسويات السياسية مع مجموعات مسلحة أفضت إلى تسليم السلاح ومباشرة الحياة الطبيعية في البلاد. رغم ذلك تستمر الدول الغربية بالحديث عن تزويد المجموعات الإرهابية "المعتدلة" بالمزيد من المساعدة العسكرية. إنها لمفارقة غريبة أن نقول إرهاب "معتدل" تكاد تضحك لولا العواقب الكارثية التي سببتها للشعب السوري.

 

4- يجب تحميل الأطراف التي تزود المجموعات الإرهابية بالسلاح والمال والدعم السياسي مسؤولية جرائم هذه ضد الإنسانية. ولن ينسى الشعب السورية كيف شكلت هذه القوى تحالفا بغيضا بقصد إنزال الفاقة والبؤس بالشعب السوري ، ودعم قاطعي رؤوس الأطفال السوريين . ومن الجانب الآخر يشعر الشعب السوري بالامتنان تجاه الدول التي وقفت إلى جانب سورية في محنتها.

 

5- عدم السماح للإرهابيين بتنفيذ هجوم كيماوي آخر يقد ذريعة للقوى الغربية لمهاجمة سورية .

تعاونت الحكومة السورية بشكل كامل وتام مع الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية وتخلت عن كل أصولها من السلاح الكيماوي لإسقاط الذرائع من يد الإرهابيين وداعميهم وعدم مهاجمة سورية. وعلى المجموعة الدولية أن توجه تحذيرا واضحا لتلك القوى الغربية من مغبة تشجيع حلفائهم على تنفيذ هجمات كيماوية لأن معاناة الإنسان السوري لا يجب أن تسخّر في خدمة المخططات الكبرى للولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة.

6- استئصال المجموعات الإرهابية الجهادية من جذورها وسحقها : وهذه مهمة الحكومة والجيش السوري بمحاربة هؤلاء الجهاديين الإرهابيين وهزيمتهم المنجزة. إن مزاعم الغرب الواهية بأن التفاوض مع "زعامات المعارضة الخارجية" التي صنعها سينهي الصراع العنيف في سورية خرقاء ، لأن الشعب السوري الذي لا يستطيع العيش في ظل حكم الإرهاب الذي تفرضه هذه الجماعات يطالب جيشه الوطني بإعادة النظام والقانون إلى مناطقه.

تتعرض اليوم كل القيم الإنسانية والمبادئ التي قامت عليها الأمم المتحدة لمحنة في سورية، ويجب على مجلس الأمن أن يتخلى عن غموضه المفتعل حيال الإرهابيين وتصنيفه للإرهاب بين حميد وخبيث. نحث الأمين العام للأمم المتحدة وكبار مساعديه أن يعلوا ميثاق الأمم المتحدة من خلال المساعدة على إيجاد نهاية لهذه الأزمة والامتناع عن اتخاذ مواقف سياسية منحازة تعتمد المفاهيم المشوهة حيال الأزمة السورية.
* وزير الخارجية السوري
المصدر: صحيفة "جلوبال تايمز"