2024-04-18 10:49 ص

مفاوضات القاهرة بين الغموض والمكاشفة ، مماطلة اسرائيلية وتدخلات مريبة وضغوط متعاظمة

2014-08-15
القدس/المنــار/ الغموض يلّف المفاوضات التي شهدتها العاصمة المصرية حول التوصل الى وقف دائم لاطلاق النار بين اسرائيل والمقاومة الفلسطينية، يستند الى تحقيق مطالب عادلة تقدم بها الوفد الفلسطيني الى اسرائيل عبر القيادة المصرية.
عاد الوفدان الاسرائيلي والفلسطيني، كل الى مرجعيته للتشاور قبل العودة الى القاهرة، مع انتهاء الايام الخمسة التي اتفق عليها كهدنة جديدة، وما تحدث به أعضاء الوفد الفلسطيني كان ضبابيا، ولم تكن اجاباتهم وتصريحاتهم شافية، وبالتالي، ما شهدته أروقة وقاعات التفاوض طوال ثلاثة عشر يوما بقي طيّ الكتمان نجاحا جزئيا أو فشلا كاملا.
ويبدو أن أيا من أعضاء الوفد وهو يتبع جهات سياسية مختلفة، لكنه ذهب الى مصر تحت راية منظمة التحرير ليس مخولا بطرح الحقيقة، وربما يكون هذا الموقف القصد منه الابقاء على خيمة التفاوض منصوبة، وأبواب قاعاته مفتوحة، واعطاء فرصة جديدة للقاهرة لجسر الهوة بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي يصار بعدها الى الاعلان عن اتفاق على كافة المسائل في جولات التفاوض القادمة.
بالنسبة للوفد الاسرائيلي فهو مزود بتعليمات من حكومته بأن يعمل على اطالة أمد التفاوض، والاستمرار في التعنت والهروب من حسم المسائل المطروحة، والدوران من حول المطالب الفلسطينية دون الرد عليها بشكل واضح، بل اعتماد الطرف الالتفافية عندما يواجه بها، وهذا الموقف لا يعقل أن يبقى الوفد الفلسطيني أمامه صامتا، والدخول معه في حلقة دوران لا توصل الى نتائج جدية.
وفي مفاوضات القاهرة، حراك خارجي، يمس صلب ما هو مطروح، فمصر ليست وحدها في الوساطة والجهود المبذولة، فهناك جهات ومحاور عدة، دخلت على خط التفاوض بهذا الشكل أو ذاك، ولهذا أهداف كثيرة، منها، العمل على عرقلة الحوارات ، افشالا لمصر، أو لفت الانتباه لما تطرحه هذه الجهات حتى يؤخذ بها، فتكسب الدعاية والقدرة على الانجاز، وهذه التدخلات من جهات هي نفسها متباينة المواقف ومتصارعة بشأن العديد من قضايا المنطقة ضار بالوفد الفلسطيني وبالهدف الذي ذهب من أجله الى القاهرة، لقطف ثمار الانتصار الذي حققته المقاومة، وخطورة هذه التدخلات، هو أن كل جهة لها أدواتها أو حلفاؤها داخل الوفد المفاوض، وهذا ما يثير القلق، فهناك خشية من كسر وحدة الوفد والموقف، ترجمة لأحد أهداف هذه التدخلات من جانب قوى متصارعة، كل منها يريد تجيير الورقة الفلسطينية لمصلحتها، واسرائيل تدرك ذلك جيدا، ولها اتصالات متعاظمة مع بعض هذه القوى، وهذا ما يفسر انتهاجها المماطلة واللف والدوران واللعب بالالفاظ والكلمات.
ان ما تسعى اليه اسرائيل من وراء مفاوضات القاهرة هو سرقة انتصار المقاومة، والتملص من دفع الاثمان، وهي في هذا التوجه تنسق مع قوى في المنطقة، وهنا، يمكن القول ، أن البعض يريد من مفاوضات القاهرة أن تكون مصيدة للوفد الفلسطيني، وهذا ما يفسر الضغوط التي يتعرض لها الوفد الفلسطيني من جهات عديدة ومؤثرة، منها، لا يرى أن هناك صراعا عربيا اسرائيليا، كما تطرحه السعودية، ومنها، ما يعمل على أن يكون هو الوسيط أو الجهة الضامنة، أو صاحبة الطروحات التي تكسر الجمود وتجلب الاتفاق.
حساسية الوضع، ودقة ما تشهده قاعات التفاوض، السبب الذي تقف وراء الغموض والضبابية، بحيث، لم يعد يعرف المواطن، حقيقة ما دار في المفاوضات، وهذا ليس في صالح الوفد المفاوض، هذا الوفد يفترض أن يدرك بأن المواطن هو حاضنته وهو الذي يسنده، وبالتالي ليس من السليم أن يبقى هذا المواطن مغيبا، لا يسمع الا تصريحات لا تسمن ولا تغني من جوع، ولا تجيب على تساؤلاته.
يوم الاثنين القادم تنتهي مهلة الايام الخمسة، وسيعود الوفدان الى القاهرة، وهذه المرة، ليس من المصلحة الوطنية، الدوران في الحلقات المفرغة، ومرفوض أن لا يحصل المواطنين على أثمان انتصارات المقاومة، وتضحيات شعبنا في قطاع غزة والضفة، ويصبح من الخطا أن يبقى المواطنين تائهين في أجواء من الغموض والضبابية.
المواطنون معنيون أن يقفوا على حقيقة وتفاصيل ما يدور في جولات التفاوض ، والضغوط التي يتعرض لها الوفد الفلسطيني، وتلك التي تسعى لفك تلاحم هذا الوفد ووحدته، وهنا، يأتي دور الوفد المفاوضات وجرأته في الاعلان عن الحقائق، وتبيان ما يدور داخل قاعات التفاوض، وتمسكه بهذه المطالب، هو الدرع الحامي له، خاصة وأن ما هو مطروح لا يستدعي كل هذه المدة من المفاوضات، فاطالة أمدها، يعني أن الوفد قد انزلق الى ما تسعى اليه اسرائيل، التي ادخلتنا في دوامة التفاوض أكثر من عشرين عاما ، دون انجازات أو نتائج أو حلول، والمهم في هذه الظروف الحرجة هو الصراحة ووحدة الموقف والوفد، ومنع الايدي من التسلل لسرقة انتصار المقاومة، لحفظ ماء وجه نتنياهو واركان حكمه الذين يتحفظون بعد الهزيمة التي لحقت بهم وبجيشهم، مطلوب التمسك بالمطالب المطروحة، وعدم التفريط بها، أو تجزئتها وارتهانها الى جداول زمنية الهدف منها اضاعة الوقت، فتضحيات شعبنا كبيرة وعظيمة وغالية، ولا يجوز أن تضيع هدرا، أيا كانت الضغوط التي يتعرض لها الجانب الفلسطيني