2024-03-28 11:12 م

المقاومة والصمود في قطاع غزة المحاصر غيرت معادلات الحرب الإجرامية المعلنة على الشعب الفلسطيني

2014-08-15
بقلم: أكرم عبيد
لقد دخلت الحرب العدوانية الصهيونية على قطاع غزة الصامد بفصولها الإجرامية الدامية شهرها الثاني بعد حربين سابقين خلال السنوات الستة السابقة  حرب العام 2008 – 2009 وحرب العام 2012 ولكن لكل حرب أسبابها وظروفها وأهدافها السياسية والعسكرية .

أما الحرب المعلنة على قطاع غزة المحاصر  منذ السابع من شهر تموز الماضي فقد اختلفت عما سبقها من حروب لأسباب كثيرة وفي مقدمتها :

إن سلطات الاحتلال الصهيوني فشلت في تحقيق أهدافها العسكرية والسياسية والأمنية التي حاولت تحقيقها من خلال هذه الحرب التي لم تنجح سوى بقتل المدنيين الأبرياء وفي مقدمتهم حوالي أربعمائة طفل من أصل حوالي 1900 شهيد وحوالي عشرة ألاف جريح معظمهم من الأطفال والنساء والشيوخ بالإضافة لسياسة التدمير الشامل التي استهدفت المنازل والمشافي والمدارس ورياض الأطفال والجوامع والكنائس والمصانع والمؤسسات الخاصة والعامة مقابل اعتراف سلطات الاحتلال بقتل وجرح عشرات العسكريين من جنود وضباط النخبة في الجيش الصهيوني بالإضافة لأسر جندي وجثتين من جثث جنود الاحتلال المهاجمين

 وقد تميزت المقاومة الفلسطينية بالرد على الاحتلال الصهيوني من خلال المفاجأة الكثيرة التي حولت المقاومة لطرف في المعادلة يتعامل مع العدو الصهيوني الند بالند رغم الفرق الكبير في موازين القوى بين إمكانيات المقاومة المتواضعة مقابل إمكانيات العدو المتطورة جدا لكن المقاومة الفلسطينية اعتمدت على نفسها أولا في تطوير منظومتها القتالية بشكل عام مستفيدة من خبرات الإخوة والأشقاء في محور المقاومة والصمود وفي مقدمتها الخبرات السورية والإيرانية وخبرات حزب الله .

لذلك اعتمدت قبيل هذه الحرب العدوانية على التحضير الجيد لمفاجئة مجرمي الحرب الصهاينة بقدراتها العسكرية واللوجستية وفي مقدمتها القدرات الصاروخية التي تجاوزت حيفا وما بعد حيفا لتصل إلى القدس الغربية والى أهم المراكز الحيوية الإستراتيجية العسكرية والاقتصادية من حيفا ومطار بن غوريون الدولي إلى القدس وعسقلان واسدود وتل أبيب وغيرها وفرضت حالة من الشلل الكامل على الحياة العامة في الكيان الصهيوني وخاصة بعدما انتقلت المقاومة لتصنيع الطائرات الاستطلاعية الصغيرة وهذا مقدمة لتطور أهم في المستقبل مرورا بتطوير أداء المجموعات الفدائية المقاتلة التي استطاعت اختراق أهم الحواجز الأمنية لتصل إلى أهم القواعد العسكرية البحرية الصهيونية قاعدة زكيم وتقتل عدد من الجنود الصهاينة ولم تكتشفها الوسائل التكنولوجية الصهيونية المتطورة بالإضافة لاستخدام حرب الأنفاق على المستعمرات القريبة في غزة مما أرعب قطعان المستوطنين الصهاينة وقواتهم البرية الغازية .

وفي المقابل صحيح إن جيش الاحتلال الصهيوني يملك من الإمكانيات والقدرات العسكرية والتكنولوجية ما يجعله الجيش الرابع في المنطقة والعالم من حيث العدة والعتاد لكن أصبح لا يملك إرادة القتال والصمود مما افقده أهم مقومات الحرب العدوانية وفي مقدمتها المعلومات الاستخباراتية التي تؤهله لتحديد المواقع التي يريد استهدافها وخاصة بعد تطهير قطاع غزة من معظم شبكات الجواسيس التي كانت تعمل لصالح العدو الصهيوني .

وهذا سبب مهم في تخبط القيادات العسكرية والأمنية الصهيونية التي فقدت توازنها في هذه الحرب وفشلت في تحقيق أهدافها العسكرية فصبت جام غضبها على المدنيين الأبرياء معتقدة ومتوهمة أنها ستضغط على الجبهة الداخلية كحاضنة للمقاومة لفك ارتباطها بها وعزلها لتنفرد بها وتحقيق ما عجزت عن تحقيقه في بداية العدوان من خلال الغارات الجوية العنيفة لكنها فشلت رغم استمرار الهجمة العدوانية الشرسة وقصفت القطاع بأكثر من عشرة ألاف طن من المتفجرات لكن قوى المقاومة صمدت في مواجهة العدوان فوحدت قواها في الميدان وشكلت غرفة عمليات مشتركة لقيادة فعاليات المقاومة بشكل عام ونسقت في قصف مواقع العدو على امتداد الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 بحوالي أربعة ألاف صاروخ مما أرعب قطعان المستوطنين وإربك ما يسمى بالمجلس الوزاري المصغر الصهيوني بقيادة نتنياهو ودب الخلاف  بين وزراءه بعدما تسببت صواريخ المقاومة العابرة لأرض الوطن المحتل من ارض الوطن المحاصرة منذ ثماني سنوات لتحاصر حصارها بعدما شلت الاقتصاد والسياحة الصهيونية والحياة العامة لا بل ظهرت على الصعيد الدولي بداية مهمة لتغيير في مواقف بعض الدول التي كانت تعتقد أن العدوان الصهيوني على قطاع غزة لا يتجاوز حدود الدفاع عن النفس وانقلبت للتعاطف مع الشعب الفلسطيني والبعض سحب سفرائه مثل بلدان أمريكا اللاتينية .

وهذا ما يثبت للعدو قبل الصديق والشقيق أن المقاومة غيرت قواعد اللعبة في الميدان بفضل الصمود الأسطوري للشعب الفلسطيني وقواه المقاومة التي عمدت وحدتها الوطنية بدماء الشهداء الأبرار وبدعم ومساندة محور المقاومة والصمود الذي أكد مرارا وتكرارا انه لن ولم يسمح لمجرمي الحرب الصهاينة بهزيمة المقاومة في قطاع غزة المحاصر وتصفيتها بعدما وفر لهم أهم مقومات الصمود والنصر كما فرضته المقاومة اللبنانية في عدوان تموز عام 2006 لتؤكد للعالم

أن منظومة القبة الحديدية التي تغنى بها مجرمي الحرب الصهاينة فشلت في حمايتهم من صواريخ المقاومة الفلسطينية التي استهدفت معظم مواقع العدو الصهيوني الحيوية والإستراتيجية على امتداد الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 وهددت أمنه واستقراره بشكل جدي وفرضت بالقوة على أركان حكومة النتنياهو الهروب إلى الملاجئ قبل قطعان المستوطنين مما اسقط نظرية الردع الصهيونية أمام نظرية الرعب الفلسطينية المقاومة .

ثانيا : بالرغم من الفصول الإجرامية التدميرية الشاملة التي أصابت قطاع غزة المقاوم من خلال سياسة الأرض المحروقة كانت معنويات شعبنا الفلسطيني وقواه المقاومة مرتفعة جدا بالرغم من الخسائر الكبيرة بين صفوف المدنيين الأبرياء والدمار الكبير الذي أصاب البنى التحتية والمجتمعية وخاصة بعد تنفيذ العمليات الفدائية النوعية خلف خطوط العدو في عقر مستعمراته وقواعده العسكرية التي سقط خلالها العشرات من جنود الاحتلال الصهيوني بالإضافة لحرب الأنفاق التي أفقدت جيش الاحتلال وقياداته وأجهزته الاستخباراتية توازنهم العسكري والنفسي وخاصة بعدما حولوا أهدافهم من تدمير البنى التحتية للأجنحة العسكرية الفدائية وقواعدها الصاروخية أصبح الهم والشغل الشاغل لهم تدمير الأنفاق التي حولتهم لعصف مأكول .

ثالثا : لقد شكل العدوان الهمجي الصهيوني بفصوله الإجرامية الدامية فرصة ذهبية لإعادة بلورة وصياغة المشروع الوطني الفلسطيني المقاوم على أسس سياسية وتنظميه ديمقراطية جديدة لاستكمال خطوة المصالحة في استعادة م . ت . ف لدورها ومكانتها الوطنية والقومية والتحررية العالمية من خلال حوار وطني جاد بمشاركة الجميع من اجل إعادة الاعتبار للميثاق الوطني وانتخاب أعضاء المجلس الوطني الفلسطيني على قاعدة التمثيل النسبي حيثما أمكن وتشكل المرجعية الوطنية الواحدة كمقدمة لإلغاء اتفاقيات أوسلو وملاحقها وحل السلطة وإطلاق العنان لجماهير شعبنا تحت الاحتلال لانتفاضة شعبية ثالثة تستنزف قدرات الاحتلال الصهيوني  إلى جانب أشكال المقاومة الأخرى وفي مقدمتها الكفاح الشعبي المسلح لنفرض على العدو شروط الشعب الفلسطيني المقاومة في حقه بالعودة وتقرير المصير وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس في حال توفرت الإرادة والنوايا الصادقة بعدما اثبت الحقائق الميدانية أن المقاومة المسلحة هي الحل وليس المفاوضات العبثية واستجداء الحلول في ظل ضياع الأرض والحقوق والمقدسات مقابل معازل لا تقدم ولا تؤخر في حياة الشعب الفلسطيني المقاوم .

لذلك فان زمن الهزائم قد ولى بعدما فرضت المقاومة معادلاتها في الميدان على العدو بالقوة بعدما مددت زمن المعركة التي نقلتها لميدان العدو بقوة وجردته من أهم أوراقه في الحرب الخاطفة المزعومة على ارض الغير والتي سقطت إلى غير رجعة بفضل صواريخ المقاومة وجسارة المقاومين البواسل الذين تحكموا بمعادلة الحرب ليفرضوا هزيمة لا لبس فيها على قوات الاحتلال التي انسحبت من طرف واحد تحت ضربات المقاومة بالرغم من المبادرات المشبوهة المطروحة لوقف إطلاق النار لكن مبادرة شعبنا وقواه المقاومة كانت وما زالت الأساس في أي مبادرة لفرض  شروط المقاومة التي لن ولم تسمح لأحد كان فلسطيني أو عربي أو أممي في استثمار هذا النصر المبين من اجل أهداف صغيرة لا تتجاوز حدود العودة للمفاوضات العبثية التي أصبحت في خبر كان لان رفع الحصار عن قطاع غزة وفتح المعابر وإطلاق سراح الأسرى أهم من المفاوضات العبثية التي سقطت بعد انتصار المقاومة العظيم .

akramobeid@hotmail.com