2024-04-23 02:29 م

أردوغان زعيما لمنفصمي الشخصية؟!

2014-08-18
بقلم: حدة حزام
نقلت صحيفة إيديعوت أحرانوت الإسرائيلية مؤخرا مفاجأة مهمة كان من الواجب، بل من باب النضال، أن ننقلها للرأي العام، وهي أنه في الوقت الذي كان الرئيس التركي المنتخب حديثا يتباكى أثناء حملته الانتخابية على أطفال غزة الذين مزقتهم القنابل الإسرائيلية، ويهدد بسبب ذلك إسرائيل ويتودعها ويوزع الاتهامات على النظام المصري ”العميل” حسبه لإسرائيل وخوّنه ودعا كذا مرة إلى إسقاطه، في هذا الوقت كان الجيش الإسرائيلي الذي يحارب في غزة يتزود بطعام تركي، ومياه معدنية تركية ”محشي ورق عنب وقنينات مياه معدنية” كتب عليها صنع في تركيا.
لا تركيا ولا أردوغان ولا حتى إسرائيل أخفت يوما العلاقة المميزة التي تربط إسرائيل بهذا العضو في حلف الناتو. وهناك من الصور في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي ما يغني عن كل الخطب لتبيان هذه الحقيقة، لكن الرأي العام الإسلاموي المصاب بانفصام في الهوية ينفي هذه الحقيقة ويعتبرها مؤامرة محاكة ضد أقوى زعيم إخواني عرفه التاريخ.
نعم ففي الوقت الذي خرج فيه الإخوان العرب في كل البلدان العربية، وخاصة مصر، يهتفون احتفالا بفوز أردوغان برئاسة تركيا معتقدين أنه الزعيم الذي سيبعث من جديد المجد العثماني، والذي سيفك الحصار عن غزة ويحرر القدس والشام، ويتهمون أنظمة بلادهم بالخيانة والجبن والعمالة لإسرائيل وبالتآمر على حماس في قطاع غزة، في هذا الوقت تنشط تجارة المبادلات بين بلد السلطان التركي والكيان الصهيوني وتحصد الشركات التركية الملايير.
ربما لأن أردوغان الذي عرف جيدا طبيعة الإنسان العربي العاطفية وسذاجته وعرف أنه يعشق الخطب والكلام الفارغ فباعه خطبا وعنتريات، بينما راح يحصّن علاقة بلاده بالقوى الكبرى مقدما مصلحتها على الكلام الفارغ الذي يعشقه ”إخوانه” العرب.
أردوغان لا يبيع إسرائيل وجبات ”ورق العنب” والمياه المعدنية فحسب، بل يفتح أمامها المجال الجوي التركي للطائرات الحربية الإسرائيلية ليتدرب طياروها كيف يقذفون القنابل على غزة وعلى فلسطين. ومن أجل أمن وسلامة إسرائيل شارك في المؤامرة المخزية على سوريا ونهب مصانعها وحطم اقتصادها، ومازال يتزعم المؤامرة بتسليح المعارضة وفتح حدوده للمقاتلين من كل الجنسيات بما فيها الإسرائيلية لاستباحة سوريا والشعب السوري، والأكذوبة دائما المشاركة في بناء الدولة الإسلامية الموعودة.
ومع ذلك سيبقى أردوغان الملهم الأوحد لملايين المضللين في عالمنا العربي، ممن يرجمون بلدانهم التي ترفض أي تطبيع مع إسرائيل ويرفعون المنافق أردوغان إلى حد القداسة، رافضين الاعتراف بأنه لم يكن يوما صديقا للعرب، وحدها مصلحته الشخصية ومصلحة بلاده التي تملي عليه تصرفاته، يحارب اللائكية في بلداننا بينما بنى عليها مجد تركيا عندما صالح في ساحات إسطنبول بين إبريق الشاي وقنينة الجعة، وبينما احترم حرية الأتراك ودعمها موّل وسلّح الميليشيات باسم الإسلام السياسي لتكفر وتقتل وتقطع الرؤوس في سوريا وفي غير سوريا.
هذا هو أردوغان الخليفة العثماني يا منفصمي الشخصية وعميي البصيرة؟!
المصدر: صحيفة "الفجر" الجزائرية