2024-04-26 02:47 ص

الأقصى وفلسطين: هل يوقظان الأمة بعد طول سبات؟

2014-08-19
بقلم: عبدالعزيز الكيلاني
لقد كذّب بعض الزعماء العرب بزعمهم أن من الصعب الإنتصار على إسرائيل. .خدعوا شعوبهم طوال أكثر من ربع قرن بهذه الحجّة. لكن شباب المقاومة في غزّة عرّوا هذه الحجة بصمودهم البطولي في وجه إسرائيل وبالهزيمة التي ألحقوها بالجيش الذي كان يخيف 21 دولة عربية. فأثبتوا للعرب وللعالم بأسره بأن إسرائيل -- المحميّة من الولايات المتحدة الأميركية -- ما هي إلا طاووس دائم العرض لريشه المنفوش، ولكن لو نتفته لن تجد إلا دجاجة هزيلة لا أهمية لها, وهذا ما فعلته المقاومة وحدها. وما أحوج الأمة اليوم إلى القائد الحر القادر على اتخاذ القرار الذي هو جوهر السياسة والقضية معاً. فالأيام أثبتت أن القرار ليس بيد الحاكم العربي عموماً، وإنما بيد غيره. ومن يشق عصا الطاعة، يسقط بانقلاب عسكري. أما الجندي العربي، فهو أشبه ما يكون بجندي الشطرنج يحتاج إلى من يحركه. وإذا تحرك بأمر فإما أن يكون ذلك لقمع مظاهرة لحماية النظام. من أهم عوامل الخلل الراهن، الهوة الواسعة والسحيقة بين الأنظمة الحاكمة وبين المواطنين، وكأنهما كيانان منفصلان. فالأنظمة في تعاليها لا تشعر بحقيقة أوضاع المواطنين الذين يعيشون عيش السجناء أو الغرباء في أوطانهم. ليس لهم الحرية في القيام بأي عمل وطني أو قومي. يراد لهم تدبير أمورهم اليومية فحسب. لتحُل الفردية محل الشعور بالمواطنة والمسؤولية الجماعية، والكل يفتقد إلى المرجعية. حتى العلماء لم يعودوامرجعية صالحة، بل تقاعسوا عن القيام بدورهم فأصبح العالم شأنه شأن المواطن . يعلّم الناس أين مكامن الأباطيل في الدين والدنيا وهو واقع فيها، وأين مواطن الشر وأهل الشر وهو منهم. والعياذ بالله الأمة بحاجة اليوم إلى علماء يقولون كلمة الله في السلم فتكون هادية إلى الصلاح، وفي الحرب فتكون قائدة إلى النصر، لأن كلمة الله في لسان العالِم الراسخ هي الميزان العادل، وهي الحبل الواصل لأواخر الأشياء بأوائلها وهي التي توجه الحاكم والمحكوم إلى وجهة واحدة هي قبلة الحق، وهي التي تقودهم إلى ميادين التضحية والاستشهاد، وهي التي تمحو النزوات الطائشة، وتثبت البصائر باليقين، وهي التي تحدد علاقتهم بالله فلا يجاهدون في سبيله وهم منحرفون عن سبيله... ولكن الأمة لا تبلغ هذه الأمنية إلا إذا ظهر فيها علماء من ذلك الطراز الذي نقرأه في كتب التاريخ، ولا نجده فيمن تقع عليه العين في هذا العديد المتشابه من العلماء الذين أصبحوا تابعين لا متبوعين، وتركوا سياسة العامّة بالدين لمن يسوسها بالدنيا، فلا بدين تمسكت، ولا بدنيا ظفرت. ويضاف إلى نقاط الخلل هذه ضعف المثقفين العرب وتخاذلهم عن مسؤولياتهم -- إلا من رحم بك -- وهم في ذلك والعلماء سواء ما بين من قعدت به همته عن قول الحق خوفاً من مصلحة أو إبقاء على منصب، ومن ضَعُفَت نفسه فتورط في النفاق طلباً للحظوة أو الشهرة. وتزداد الأمة ضعفاً على ضعف بما أصاب شبابها من أزمة فقدان الهوية ، إلا الشباب الفلسطيني في الأرض المحتلة الذي لا يزال يقاوم الاحتلال بانتماء وبطولة، لا يحول بينه وبين الانتفاضة الثالثة إلا القرار السياسي الحر. 

الملفات