2024-03-29 10:29 ص

الإرهاب لن يسقط الدولة السورية!!

2014-08-21
بقلم: الدكتور خيام محمد الزعبي*
لعب الغرب وبعض الدول العربية على دعم الجهاديين تحت حجة دعم الثورة في سورية، وهلل الكثير من المعارضين لتدفق الجهاديين الذين قدموا لكي يسقطوا السلطة هناك، كي يتسلموها هم، وقد إنهالت الأموال والسلاح على هؤلاء، وما نلاحظه من تواجد للقاعدة في سورية من عدة جنسيات مختلفة دليل قاطع إن قيادة القاعدة قد رأت سورية موطئ قدم آمن لها، فضلاً عن موقعها الإستراتيجي لما يمثل تهديد لمصالح الدول الغربية وإسرائيل العدو اللدود لها، وتعكس الوتيرة المتصاعدة لعمليات القتل والتخريب يأس هؤلاء من إجتذاب السوريين إلى صفوفهم، فسورية باتت اليوم رمزاً قومياً عالمياً لمكافحة الإرهاب بمختلف أشكاله وخاصة الإرهاب الصهيوني والإرهاب المدعوم غربياً لتدمير سورية وشقيقاتها من الدول العربية الأخرى وهي تتحمل قدرها كحاضنة وضامن لكرامة العرب ورفض الخضوع لإملاءات الآخرين . إن الإستنزاف الذي تقوم به هذه الجماعات الإرهابية إستنزاف عبثي، ومحاولتهم إستئصال لكل ما يمت بصلة للإنسانية بسبب أفكارهم المفككة، وما يخيف هو أن تسارع أفكار القاعدة يتجه نحو تصاعد الإجرام والموت، ويتخذ طريقاً نوعياً في إستنزاف مقدرات الوطن وثرواته، ومن هنا فالإصطفاف الوطني هو بداية الحل الأمثل لتجفيف كل منابع وروافد الأفكار والتمويل للجماعات الإرهابية وقطع الطريق عنهم نحو تحقيق أهدافهم. بالطبع، فإنني لستُ في حاجة إلى مزيد شرح إزاء أهمية الإصطفاف الوطني لمجابهة هذه الظواهر السلبية وتحديداً تزايد جرائم الجماعات الإرهابية، لكنني أعتقد أن التذكير بخطورة هذه الجماعات وأهمية التعجيل بإعلان قيام إئتلاف وطني شامل يضم مختلف القوى والمكونات المجتمعية أمر في غاية الأهمية، وسوف يؤكد حقيقة وأهمية هذا الإصطفاف، وبالتالي القدرة على إصابة هـذا الإرهاب وإزالته، وإذا كان تحقيق هذا التطلّع مطلب الرأي العام المحلي فإنه مطلب المجتمع الدولي أيضاً خاصة الدول المحبة للسلام وتحديداً تجاه هذه التسوية التاريخية ممن يعبثون بالأمن الداخلي لسورية، الأمر الذي يتطلّب من قوى الداخل والخارج تعزيز جهود الشراكة والإسراع في تنفيد برامج التنمية الإقتصادية والإجتماعية الشاملة، فضلاً عـن دعم المؤسسة الدفاعية والأمنية حتى تتمكّن من مجابهة جماعات التطرف والإرهاب والتخريب وإجتثاثها كلياً من الأرض السورية. في إطار ذلك يمكنني القول إن المصالحة الوطنية عمل عظيم وبادرة رائعة، لكن لابد أن تكون على قاعدة الإنتصار لحقوق البسطاء والفقراء وبناء الدولة الحديثة، فالمصالحة الوطنية تعني أن تُطوى صفحة الماضي وتُفتح صفحة جديدة عنوانها المحبّة والسلام وشعارها وطن يتسع للجميع ليس فيه إستبداد ولا إقصاء ولا تهميش, يشعر فيه المواطن البسيط بالحرية والكرامة والمساواة، السيادة فيه للنظام والقانون وتحكمه المؤسسات المنتخبة التي تعبّر عن الإرادة الشعبية،هذا المصالحة لا يمكن أن تُحقّق إلا إذا صفت القلوب وسمت الأرواح ورُفع الولاء للوطن على الولاء للأشخاص وقُدّمت مصالح الوطن العليا على المصالح الشخصية. لذلك فإنه على الجميع أن يدركوا أن الماضي قد إنتهى وأن عجلة التاريخ لا يمكن أن تعود إلى الوراء، فنحن أمام مرحلة تاريخية جديدة يجب أن نكون عند مستوى المسؤولية التي تقتضي منا الإصطفاف والتعاون والتكاتف والعمل بروح الفريق الواحد من أجل تحقيق الهدف الكبير الذي نسعى إليه جميعاً وهو بناء الدولة الديمقراطية الحديثة التي ناضل من أجلها السوريون منذ مئات السنين، وبالتالي يجب ألا تكون المصالحة على حساب حقوق الضحايا الذين تعرّضوا للإنتهاكات، ولا يعني ذلك إغفال الجرائم التي إرتكبت خلال الأعوام السابقة، فلابد أن تكون هناك عدالة إنتقالية تجبر الضرر وتكشف الجاني حسب ما نص عليه القضاء السوري وأكدته القرارات الدولية وقوانين حقوق الإنسان. ومن المناسب هنا التذكير ببادرة الرئيس الأسد وتجاوب الأطراف المعنية وهي بادرة إستحقت كل الثناء والتقدير، والمطلوب الآن هو العمل الجاد والمتواصل لتطوير هذه البادرة وبحيث تؤتي ثمارها في الأيام القليلة القادمة على النحو الذي يشيع الأمن والطمأنينة في المجتمع وبما يوحد الصف، على أن يكون هذا التوافق أحد أعمدة المصالحة الوطنية الشاملة التي تفي بالشروط الموضوعية لتأسيس سورية الجديدة بمشاركة بين كل الأطراف شمالاً وجنوباً.، شرقاً وغرباً. وأخيراُ أختم مقالتي بالقول، في ضوء هذا الواقع، أن المعركة البائسة لإسقاط الدولة السورية لن يكتب لها النجاح، ولم يعد وارداً لدى دول العالم التغاضي عن أهمية دور الجيش العربي السوري بالتصدي لظاهرة الإرهاب بوصفه يمتلك تجربة تاريخية مميزة قادرة على التعامل مع هذا الخطر والقضاء عليه مهما بلغت قوته لكونه ينظر إلى الحرب معه منذ البداية على أنها حرب إرادة ووجود ومن يربح فيها هو المتجذر بالأرض والمدافع عنها حتى الرمق الأخير، ويبقى القول هنا أن تلك العمليات الإجرامية لا يمكن أن تحقق أهدافها، ولا يمكن أن تخيف أو ترهب دولة بقدرة وقوة سورية، فسورية دولة عصية على أي محاولات إجرامية لزعزعة إستقرارها أو إرهاب شعبها، ولن يزيدها ذلك إلا قوة وإصراراً على لإستكمال مسيرتها فى بناء وطنها، والحفاظ على وحدتها واستقرارها. 
 *صحفي وكاتب أكاديمي
Khaym1979@yahoo.com