2024-04-20 03:15 م

السلطة والدولة الفلسطينية... أين هي على أرض الواقع؟

2014-08-22
بقلم:الدكتور بهيج سكاكيني
قرار الابعاد الذي أصدرته سلطات الاحتلال الصهيوني من رام لله الى أريحا في الضفة الغربية المحتلة بحق المناضلة والنائب في المجلس التشريعي خالدة جرار، يأتي ليؤكد ويعري مقولة "السلطة الفلسطينية" و"الدولة الفلسطينية" ونها ليست الا حبرا على ورق لا معنى له، لأننا لا نريد أن نتصرف بمسؤولية لحماية شعبنا من الاحتلال الجاثم على صدورنا لقرون عديدة، وكأن البعض منا في سدة القيادة المتنفذة قد تأقلموا على العيش مع الاحتلال بحيث أصبح هذا هو الامر والواقع الطبيعي، وغير ذلك هو النشاز. وناهيك عن الالفاظ والالقاب الخادعة التي تعطي الانطباع للإنسان الخارجي اننا مستقلين، فان الواقع مزري للغاية وبكل المقاييس. الواقع الذي لا يستطيع فيه "الوزير" او رئيس الحكومة" أو "الرئيس" أن يتحرك من محافظة الى أخرى دون اعلام سلطات الاحتلال، وطلب الاذن بذلك، مع الانتباه والتأكيد أن هذا لا يمنع أي جندي الصهيوني من ايقاف "المواكب" الرسمية لساعات إذا أراد التسلية من ضجره، واثبات للقاصي والداني من الذي يحكم على الأرض، ومن هو صاحب الامر والنهي. ولا يتردد أي من المسؤولين الفلسطينيين لتذكيرنا وربما لتذكير أنفسهم، عند أي اعتراض أو انتقاد للسلطة، باننا يا أخي تحت احتلال ولا نستطيع الا أن نتصرف على هذا الأساس، وهي الحجة والتبرير الذي يقدم للتغطية على العجز وعدم مجابهة سلطات الاحتلال وممارساته القمعية، وتبرير قمع الجماهير الفلسطينية عند مجابهة جيش الاحتلال من قبل الأجهزة الأمنية للسلطة الفلسطينية، او الدولة كما يريد البعض أن يسميها، وخاصة من لديهم الحساسية الزائدة ويحبون الالفاظ والالقاب حتى لو لم تكن ذات معنى او فعل. المناضلة خالدة جرار تسكن في رام الله وهي المصنفة منطقة أ، بمعنى أنها منطقة تقع ما شاءالله تحت سلطة السلطة الفلسطينية بحسب تقطيع أوصال الأراضي المحتلة عام 1967 فهذه الأراضي اعتبرت أراضي متنازع عليها تحت سقف اوسلو. قوات الاحتلال الصهيوني اقتحمت منزل المناضلة خالدة جرار على عينك يا تاجر، ببساطة وخرجت من المنطقة وكان شيئا لم يكن. فاذا كانت السلطة الفلسطينية لا تستطيع أن تحمي المواطن الفلسطيني في المنطقة التي من المفترض أن تكون تحت سيطرتها الأمنية، يحق لأي انسان فلسطيني أن يتساءل ما هي وظيفة السلطة وأجهزتها الأمنية اذن وما فائدتها على أرض الواقع؟ وأين ما يسمى بالدولة الفلسطينية التي نتغنى بها ليلا نهارا باننا أصبحنا عضو مراقب في الأمم المتحدة؟ ونتساءل ويتساءل معنا الملايين من شعبنا لماذا ترضى قياداتنا السياسية بهذا الذل والمهانة؟ ولماذا لا نوقع معاهدة روما ونلاحق المجرمين الصهاينة على جرائمهم التي يرتكبونها كل يوم من قتل الأطفال والنساء بالقصف الهمجي بالأسلحة الفتاكة والمحرمة دوليا وتحويل الجثث الى أشلاء متناثرة يوميا في غزة؟ ولماذا تقوم القيادة السياسية ووزير خارجيتها بسحب الطلب الذي قدم لمحكمة الجنايات الدولية للتحقيق في جرائم الاحتلال؟ ولماذا ما زلنا متمسكين باتفاقية أوسلو سيئة الصيت الذي اكل الزمان عليها وشرب، والتي لم تنفذ منها دولة الكيان الصهيوني أي من التزاماتها التي من المفترض أن تنفذها بحسب الاتفاقية؟ ولماذا تصر القيادة الفلسطينية المتنفذة وتتمسك بالتنسيق الأمني مع أجهزة الامن للكيان الصهيوني لتحقق للاحتلال وكيانه الامن والاستقرار على حساب شعبنا؟ ولماذا لا تذهب السلطة الفلسطينية الى الأمم المتحدة التي ما زالت لفظيا تقر بأن المستوطنات اليهودية السرطانية التي بنيت في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 بأنها غير شرعية ويجب ازالتها، وذلك لتحملها مسؤولية محاسبة الاحتلال وممارساته الغير قانونية والمخالفة للقوانين الدولية؟ وأين هي منظمة التحرير الفلسطينية من كل ما يدور ولماذا السكوت على الهيمنة والاستئثار بالقرارات الفلسطينية المصيرية من جانب حفنة لا تتجاوز ربما أصابع اليد الواحدة؟ سنوات ونحن نتحدث نظريا عن تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية في الاعلام ويسترسل قاداتنا في الحديث المنمق والجميل عن هذا الموضوع، ولكننا لم نرى شيئا على أرض الواقع؟ اللهم الا في المباحثات الغير مباشرة مؤخرا في القاهرة فقط، حتى لا يؤاخذنا البعض هنا. ولماذا ما زلنا متمسكين بالولايات المتحدة كوسيط وراعي للمفاوضات مع دولة الكيان الصهيوني، ونحن واثقين بانها ليست وسيطا بل طرفا منحازا مئة بالمئة للكيان الصهيوني وشروطه ومطالبه بشكل كامل؟ ولماذا وألف لماذا يمكن ان تقال في صدد الاحتلال والسلطة الفلسطينية وطريقة التعامل والتعاطي مع قضيتنا؟ خلاصة العبارة أن المشكلة الأساسية هي الاحتلال وهذا هو جوهر القضية. وللأسف فان قيادتنا المتنفذة أمضت ما يقرب من 25 سنة في التعامل مع افرازات هذا الاحتلال وتداعياته هنا وهناك، وليس مع الاحتلال الذي هو سبب كل ما جرى ويجري الينا الان، والحالة التي وصلنا اليها. وإذا لم يتم نسف كل ما سبق والتخلي عن منحى التدمير الذاتي، ووضع استراتيجية واضحة ورؤية مستقبلية ضمن إطار وحدوي فلسطيني سياسي وميداني معتمدا كل اشكال المقاومة المشروعة شعيبا ومقاومة مسلحة، والكف عن سياسات التبرير والعجز وبث الروح الانهزامية لمنافع اقتصادية وسياسية لفئة طفيلية لا وطنية، وانهاء حالة التفرد والاستئثار ومصادرة القرار الفلسطيني، فإننا لن نفلح في صراعنا الوجودي مع العدو الصهيوني وخاصة مع بروز محور عربي متواطئ وشريك لهذا العدو ويتحين الفرص للانقضاض على المقاومة وانهاء القضية الفلسطينية.

الملفات