2024-04-24 05:27 ص

ماذا بعد الانتصار؟!

2014-08-27
بقلم: إسماعيل عجوة
المقاومة الفلسطينية حققت انجازات كبيرة، وفرضت معادلات غبر مسبوقة في ميادين مختلفة، كسرت هيبة اسرائيل وكشفت خاصرتها الرخوة وأدمت مواطنيها، وسخرت من قوة ردعها.. وأدخلت الى الساحة الاسرائيلية مفاهيم جديدة، وشطبت من أذهان الاسرائيليين الشعور بالغطرسة وأسطورة جيشهم، وباتوا يطلبون بحلول نهائية تبعد عنهم شبح الرعب والخوف والقلق والخراب الاقتصادي.
هذه المقاومة التي تآمر عليها كثيرون، وحاولوا سرقة انتصارها وتجييره للاسرائيليين، فتحت الأبواب واسعة لاستثمار هذا الانتصار، على الأرض نجاحات وتحقيق تطلعات.. وهذا يتطلب رؤية جديدة لمرحلة حرجة قادمة، فهناك مشهد جديد فرض نفسه، تحميه مقاومة محصنة قادرة على ردّ سهام الساعين لكسرها وتصفيتها، المعركة طويلة، وصعبة، ولا بد من توفير كل الأدوات لكسب هذه المعركة، فليس أمام الفلسطينيين الا خيار واحد وهو خيار البقاء والانتصار.
وفي ضوء ما أفرزه العدوان الاسرائيلي البربري من حقائق لا بد من إعادة تقييم كل المواقف والسياسات لكل الاتجاهات والوصول الى قاسم مشترك يتقيد الجميع به، ويتناول جميع ميادين العمل كافة، تحتضنه وحدة وطنية صلبة، تستأصل الأنانية والمنافع الشخصية والتفرد، والامتناع عن الانضواء تحت رغبات هذا المحور أو ذاك، فقضية فلسطين فوق كل الصراعات والمحاور، وتفرض نفسها على سلم أولويات كل شعوب الأمة، بعد أن عملت دول عربية بينها على استبعادها، وتهيئة الساحات لتصفيتها، فما شهدته وتشهده سوريا على سبيل المثال، يهدف في النهاية الى تقوية المحور المتحالف مع اسرائيل لشطب قضية فلسطين، هذا المحور الذي يرى اعضاؤه بأن بقاءهم مرهون برضى اسرائيل واسنادها لهم، وتقديم الخدمات لها.
51 يوما من العدوان البربري على قطاع غزة وسقوط الاف الشهداء والجرحى وتدمير الاف البيوت والمؤسسات وتخريب الخدمات والمرافق... تستدعي وقفة جادة من كل القيادات الفلسطينية، احتراما للدماء والتضحيات ، وقفة تصنع استراتيجية ورؤية جديدة، لمواصلة المشوار ، ومقارعة الاحتلال المتعنت منعا لانتكاسة أو هزيمة، ومحافظة على هذا الانتصار الذي حققته المقاومة، وأجبرت نتنياهو على إستجداء وقف اطلاق النار عبر تدخلات واشنطن واصدقائه في المنطقة، كل شيء الان بحاجة الى مراجعة، بعيدا عن القبول أو السماح لأية جهة بطرح نزع سلاح المقاومة، فهذا السلاح هو الذي شكل عاملا مهما من عوامل تحقيق الانتصار.
والمراجعة السريعة والضرورية في ظل هذا التحول، يتطلب تعزيز التحالفات مع القوى والجهات الداعمة للشعب الفلسطيني، ولتلك الجهات التي قدمت الدعم للمقاومة، دعما متعدد الاشكال، وفي مقدمتها ايران وسوريا وحزب الله، والتوجه السريع نحو دول صديقة، طلبا للدعم والمشورة والتضحية والاسناد كروسيا والصين والهند وأمريكا اللاتينية، مع ضرورة رفع الصوت عاليا في عواصم العرب، بأن توقف تآمرها، وعدم المس بقضية الشعب وانجازات المقاومة ، لا خداع ولا نفاق ولا ضغوط.
والمرحلة الجديدة تفرض أيضا قبر الانقسام، والانضواء تحت لواء الممثل الشرعي الوحيد للفلسطينيين، وتعزيز مؤسساتها لتقود النضال بأشكاله المختلفة، والاتفاق على موقف موحد، ازاء كل ما هو مطروح، وما قد يلقى أمامنا في المقبل من الايام، والحذر من التدخلات الخبيثة، من جانب اولئك الذين ما زالوا يقدمون الخدمات لاسرائيل، ويسعون الى فتح أبواب التطبيع معها، والحفاظ على الحقائق والمعادلات التي فرضتها المقاومة، وفي مقدمتها، الهزيمة التي منيت بها اسرائيل وفشل عدوانها البربري، وما يترتب على ذلك، من تطورات يجب استثمارها، وأن لا يسمح لجهة أيا كانت بتمرير أهداف اسرائيل في الساحة الفلسطينية، واعادة الوضع الى ما كان عليه قبل هذا الانتصار الذي خرجت الجماهير في كل أماكن تواجدها للاحتفال به، هذه الاحتفالات رسالة الى كل القيادات، مفادها، ضرورة الحفاظ على ما تحقق، وضرورة مواصلة قطف النتائج والثمار والتمسك بالاوراق التي تمسك بها المقاومة وشعبها.
إن الحرب لم تنته والمعارك لم تتوقف، وبالتالي، مواجهة المقبل من الايام لا يستدعي الاسترخاء والتباطوء، فكل أمر بيّن ولا غموض فيه، وأن لا تتوقف عند هذا الحد، بل المضي بارادة قوية في معارك الشرف وميادينها المختلفة، لكنس الاحتلال وانتزاع الاستقلال والحرية، وبهذا أيضا نهدم قواعد وجدران التخاذل التي ارتفعت في وجوهنا لاحباطنا وتركيعنا، وأن لا نأمن للخوارج الذين ينفذون برامج صهيونية أمريكية لضرب وتخريب ساحات الامة خدمة لتل أبيب وواشنطن وصولا الى قهر شعبنا وتصفية قضيته.

الملفات