2024-03-28 10:42 م

اتفاق وقف نار يفتح المعابر ويعيد الإعمار و«لا ضامن إلا الله»

2014-08-27
صمود اسطوري استمر 51 يوماً ترجم اتفاقاً على وقف النار، حظيت بموجبه المقاومة على الحد الأدنى من مطالبها، بينها فتح المعابر واعادة الإعمار والصيد البحري، بعدما أفلح التواطؤ العربي والتعنت المصري في منعها من تحقيق كامل أهدافها، على أن يبقى معبر رفح في أيدي المصريين.... «ولا ضامن إلا الله»

واحد وخمسون يوماً وضعت أوزارها ونارها عن الفلسطينيين أمس. هو العدوان الأطول مع إسرائيل من بين ثلاث حروب شنتها عليهم في أقل من ست سنوات. وفعلاً أدمى العدو القطاع بأطفاله وبيوته، لكن الغزيين تعلموا قاعدة خلال الاشتباك مع الاحتلال تقول: «كلما أُثخن العدو أكثر، قصف وجزّر أكثر».

وبعيداً عن توصيف ما جرى بأنه انتصار أو نصف انتصار، فإن الغزيين يقرون لذواتهم والعرب ثم العالم بأنهم لم يُهزموا، وأنهم تحدوا أقوى آلة حربية في الشرق الأوسط، كذلك لم تخذلهم مقاومتهم التي أعدت للحرب جيداً، وأبلت حسناً كما تظهر يوميات المعركة، أكان ذلك على مستوى المدى الصاروخي أم المواجهة البرية، وصولاً إلى حرب الاستنزاف. وكان من أوائل من أكد الوصول إلى اتفاق لإنهاء الحرب من الجانب الفلسطيني رئيس السلطة، محمود عباس، وذلك بالتزامن مع إعلان الخارجية المصرية التوصل إلى اتفاق، وما لبث أن جاء الرد الإسرائيلي العلني بالموافقة بعد مدة قصيرة.
وتحدث عباس خلال مؤتمرين، الأول مقتضب لإعلان موعد بدء الهدنة (السابعة مساءً)، والثاني كان للحديث عن التفاصيل، لكنه شدد على أن الفلسطينيين لن يقبلوا بعد اليوم «الدخول في مفاوضات غائمة» مع إسرائيل، مضيفاً أنه سيضع «رؤية» لحل القضية الفلسطينية ومناقشتها. وقال، متسائلاً قبل بدء اجتماع القيادة الفلسطينية في رام الله: «غزة تعرضت لثلاث حروب، فهل نتوقع حرباً جديدة بعد سنة أو اثنتين، والى متى ستبقى القضية من دون حل؟».
من هذا المنطلق، تحدث رئيس الوفد الفلسطيني لمفاوضات التهدئة (حركة «فتح»)، عزام الأحمد، في تصريح صحافي، قائلاً إن القيادة الفلسطينية «ستطالب منذ الآن بتحديد سقف زمني لإقرار حل الدولتين بصورة ملزمة»، مضيفاً: «نريد دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وأن نبدأ تحديد الحدود وفق جدول زمني لإنهاء الاحتلال».

أما من جهة «حماس»، فعبّر عضو المكتب السياسي للحركة، موسى أبو مرزوق، عن أن الدافع إلى الاتفاق كان «الحفاظ على أرواح الأبرياء وحقناً للدماء»، معلناً أنه استناداً إلى المبادرة المصرية 2014 وتفاهمات القاهرة 2012، «دعت مصر إلى وقف إطلاق النار الشامل والمتبادل بالتزامن مع فتح المعابر بين قطاع غزة وإسرائيل بما يُحقق سرعة إدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية ومستلزمات إعادة الإعمار والصيد البحري انطلاقاً من ستة أميال بحرية»، مشيراً إلى استمرار المفاوضات غير المباشرة بين الطرفين بشأن الموضوعات الأخرى خلال شهر من بدء تثبيت وقف إطلاق النار، وهي قضايا الميناء والمطار وتبادل الجثث والأسرى ووقف الإجراءات الإسرائيلية التي بدأت منذ فقدان ثلاثة مستوطنين وقتلهم في الضفة المحتلة.
وغاب عن البنود المعلنة الحديث المباشر عن اشتراط وقف الاغتيالات ضمن بند وقف الاعتداءات الإسرائيلية، لكن مصادر من «حماس» أكدت لـ«الأخبار» أن لفظ وقف الاعتداءات «براً وجواً وبحراً» يشمل بند الاغتيالات. وبعد ساعات من تثبيت الهدنة، أعلنت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، جنيفر بساكي، أن الولايات المتحدة «تدعم كلياً» اتفاق وقف النار في غزة. في غضون ذلك، عقد الأمين العام لحركة «الجهاد الإسلامي»، رمضان شلح، مؤتمراً صحافياً في بيروت أوضح فيه جزءاً من التساؤلات عن تفاصيل الاتفاق. وذكر شلح أنه لا ضمانات حقيقية لإنجاح الاتفاق، معلقاً بالقول: «الضامن هو الله». ورداً على سؤال بشأن القبول بالوصول إلى هذه الصيغة، عبّر بوضوح عن أن «من سوء حظ الشعب الفلسطيني أنه يحقق أعظم انتصار في تاريخ نضاله، لكن في أسوأ مرحلة تمر بها المنطقة العربية». وعاد شلح وأكد أن «التجارب السابقة تجعلنا حذرين لأن إسرائيل لا تقيم اعتباراً لأحد»، مراهناً على «سلاح المقاومة وصمود الشعب في التصدي لأي اختراق لاحق». وأشار إلى أن موضوع رفح كان من الصعب إدخاله «حتى في ملحق بالاتفاق»، لأن القاهرة أصرت على أن تبقى قضية المعبر الذي وصفه بأنه «البوابة الجنوبية لسجن قطاع غزة» شأناً فلسطينياً ـ مصرياً». وأشار في الوقت نفسه إلى أن الفصائل جميعاً «لا تمانع الاشتراط المصري بوجود سلطة الرئيس محمود عباس على معبر رفح»، معقباً: «نترك المعبر وديعة عند الإخوة في مصر ليتصرفوا بها بما يمليه عليهم دورهم ومكانتهم».
ورفض الأمين العام لـ«الجهاد» الإجابة عن سؤال يتعلق بمدى رضاهم عن الاتفاق الذي أُعلن، ورفض تصنيف الدول التي وقفت داعمة أو محرضة على الحرب، قائلاً إن الشعوب صارت تعرف جيداً من يدعم المقاومة في المنطقة، «كما أننا قررنا أن تكون مواجهتنا مع إسرائيل فقط، ولم نتأثر بمشكلة حماس مع مصر، ولذلك لم نغادر القاهرة»، داعياً إلى الاطمئنان إلى «سلاح المقاومة لأن قدراتها العسكرية نقطة لم نسمح بأن تكون على طاولة المفاوضات»، مستدركاً: «يجب تصدير ما فعلته المقاومة في غزة إلى الضفة في أقرب وقت، واستراتيجيتنا الآن قائمة على تثبيت ما تم إنجازه في هذه الجولة».
أما في إسرائيل (يحيى دبوق)، فـ«هرّب» رئيس حكومتها، بنيامين نتنياهو، قرار الموافقة عن وزرائه بلا تصويت في المجلس الوزاري المصغر، أو في الحكومة بكامل أعضائها. وقال مصدر سياسي إسرائيلي رفيع للإعلام العبري، إن «إسرائيل ردت بالإيجاب على اقتراح لوقف النار من دون أن يصوت الوزراء، إذ لا موجب قانونياً لذلك». وهو ما أكده مصدر في ديوان رئاسة الحكومة، قال إنه تلقى رأياً قانونياً ينص على أنه لا حاجة لعقد جلسة لمجلس الوزراء المصغر من أجل اتخاذ قرار والتصوي عليه، فيما تناقلت وسائل إعلامية (موقع واللا) أن شكوكاً دارت حول إمكان المصادقة على الاتفاق في حال التصويت عليه، «إذ إن أكثر من نصف الوزراء يرفضونه». (للاطلاع على التفاصيل أنقر هنا).مع ذلك، قال مسؤول إسرائيلي عبر القناة الثانية العبرية، إن الاقتراح المصري لا يستجيب لكل الشروط التي شددت «حماس» على أن الاتفاق لا يمر من دونها، وعلى رأسها الميناء البحري والمطار وإطلاق سراح أسرى اعتقلوا أخيراً في الضفة وأيضاً تحويل الأموال إلى القطاع. ووفق المصدر، فإن «إسرائيل أصرت طوال الطريق على التمسك بالقناة المصرية مقابل إصرار حماس على القناة القطرية ـ التركية». وأضاف: «من الناحية العسكرية، تلقت حماس ضربة هي الأقسى منذ تأسيسها»، لكن مسؤولاً عسكرياً إسرائيلياً قال للقناة نفسها، إنه «خلال شهر واحد ستجري مناقشة مختلف القضايا العالقة بين الجانبين».
المصدر: صحيفة "الاخبار" اللبنانية