2024-04-26 01:05 ص

هل ذهبت " سكرة " الغرب في موقفه الجديد من داعش؟؟

2014-09-02
بقلم : محمد بكر
ثلاث سنوات ونصف من الحرب على سورية ماانفكت خلالها الدولة السورية وهي تحذر مراراً وتكراراً من تنامي الممارسات المقيتة على أراضيها الممهورة بخاتم التنظيمات التكفيرية المتطرفة, ولجهة أن الخطر " القاعدي " لا حدود ولا دين له ,وستطال حممه عاجلاً أم آجلاً المنطقة برمتها , " استيقظ " الغرب أخيراً لما حذرت منه سورية , صدر القرار الدولي 2170 الخاص بمكافحة داعش والنصرة تحت الفصل السابع , أوباما بحث إمكانية التدخل عسكرياً ضد داعش داخل الجغرافية السورية , فرنسا وإيطاليا "قرعتا " أجراس الخطر " الداعشي" , بريطانيا هي الأخرى لم يفتها " قرع " الأجراس ذاتها بل بات ديفيد كاميرون يستشعر بالسهام " الداعشية" وقد اقتربت من شوارع لندن , بدورهم تظاهر النرويجيون وبحضور رئيس وزرائهم تنديداً بممارسات داعش في كل من سورية والعراق , بدأ العالم " يهيج ويموج " من ظاهرة داعش , وبين ليلة ٍ وضحاها "تدعدش " المشهد الدولي برمته ,وبات يحضر كل قلق وخوف ورعب الدنيا بأسرها لمجرد لفظ " داعش " , وحده الإرهاب الإسرائيلي غاب عن العين الغربية, وتلاشت جرائمه في غزة من الذاكرة الأممية , فهل كان التحول الطارئ على سلوك وموقف الغرب من إرهاب " داعش " ولاسيما في سورية, على قاعدة " ذهبت السكرة وجاءت الفكرة " ؟؟ وهل كان اجتماع وزراء خارجية مصر والأردن والسعودية وقطر والإمارات في الرياض من أجل البحث الفعلي في تنامي وتغلغل " داعش ", وتلمساً حقيقياً لحل سياسي للأزمة السورية ؟؟ أم إن للقصة "فصلٌ جديد" وللعبة " شيطانها " المختبئ في التفاصيل ؟؟ في اعتقادنا أن مايتم تناقله عن تدارسات أميركية هنا, وبحثٍ وتمحيص ٍهناك حول إمكانية تدخل الولايات المتحدة الأميركية عسكرياً لضرب " داعش " في سورية, هو للاستهلاك الإعلامي وإن " نهما ًَ " أميركياًَ لتنفيذ ذلك ( وبالتنسيق مع الحكومة السورية ) هو الأقرب لما تخطط وتفكر به الإدارة الأميركية ومعها أحلافها الغربيين , هذا النهم الذي يخفي خلفه سيلاً من الأبلسة وسوء النيات لجهة مايُحاك من دوائر السَوء, وما يُخط من سيناريوهات جديدة في مسلسل التحشيد والتعويل , ذلك المسلسل الذي لم تهب رياح الحلقات الأخيرة من أجزاء عديدة منه في السابق كما يشتهيه "السيناريست " الأميركي لجهة إسقاط الدولة السورية , واستنزاف قدرات محور المقاومة , بل على العكس كرست مزيداً من الصمود , واللهجة القاسية على لسان هذا المحور , وظهّرت توازناً دولياً جديداً , لم يعد فيه الأميركي صاحب السطوة والكلمة العليا واليد التي تبطش كيفما ومتى تشاء. في مؤتمر صحفي لهما في سياق الحدث ذاته أكد كل من شاك هاغل وزير الدفاع الأميركي ورئيس هيئة أركانه المشتركة ديمبسي أن المعركة طويلة جداً مع " داعش" , هذا الكلام الذي جاء مباشرةً عقب دعوة أوباما لجهة وضع ماسماها استراتيجية طويلة الأمد لمواجهة " داعش " , وهنا نقول ونسأل : إذا كان الغرب متفق كلياً على ضرورة محاربة داعش ,وإن كانت كل الجهود الدولية تصب في ذات الخندق , فلماذا تكون المعركة مع " داعش " طويلة ؟ وكذلك استراتيجية مواجهته ؟؟ بمعنى آخر أن التدخل العسكري الأميركي لن يكون برأينا من أجل مكافحة جدية " لداعش " , وكل ذلك "النهم " سيكون للظفر بصيدين ثمينين الأول هو أن الإطالة المتعمدة للمعركة مع " داعش ", سيقابلها بالضرورة تدخلاً عسكرياً مستمراً, ذلك التدخل المتمتع بغطاء وتأييد دولي بذريعة مكافحة الإرهاب وتالياً التطبيق الفاعل لنظرية هنري كسينجر في الإحراق والتدمير من الداخل . الثاني : هو أن التدخل العسكري الأميركي لن يصب في اعتقادنا في خندق القضاء النهائي على ظاهرة داعش , على قاعدة " تسمين العجول واقتراب موعد الذبح " لأن ذلك يناقض تماماً مبدأ الاستراتيجية طويلة الأمد والمعركة الطويلة , وسيكون هذا التدخل استكمالاً لما عجزت عن تحقيقه كل تلك المجاميع المسلحة على الأرض السورية على مدى سنوات الحرب, لجهة استهداف مواقع عسكرية محددة للجيش العربي السوري بالشكل المثالي ,وتالياً فإن الانحراف عن وجهة وبوصلة هذا التدخل المسماة " داعش " سيكون حاضراً بقوة في الفكر الأميركي وهذا ماتنبهت له وحذرت منه القيادة السورية على لسان وزير الخارجية لجهة أن الدولة السورية ستواجه أي انحراف عن المهمة الدولية بما تمتلكه من الإمكانات المتوفرة لديها وإن أي انحراف هو بمنزلة العدوان. في اعتقادنا أن انتظار " الإرهاب" إلى حين ارتداده باتجاه مموليه وداعميه والتهديد والتظهير المستمر لذلك, لن يغادر دائرة " أنا في انتظارك مليت " وإن حدث ,فإن مفاعيل تلك الارتدادات ستكون في حدودها الدنيا لطالما كانت ولاتزال كل عوامل حياة وديمومة هذا الارهاب في قبضة الغرب وأدواته من الرجعية الخليجية تحركه كيفما تشاء ومتى تريد ,وعليه فإن وضع استراتيجية فاعلة يخط أحرفها المحور المعادي لمحور واشنطن يعد أمراً ملحاً لجهة الإسراع في تطبيقه دون انتظار و" استعطاف " الحشد الدولي الذي يخفي في طياته مايخفي من سيناريوهات الاستهداف والتآمر والطعن في الظهر , فلا أحد يستطيع أن " يقلّع الشوك"إلا أيادي المصاب به. فهل سينجح الغرب ورأس حربته الأميركية في تحقيق مايصبوا إليه بذريعة مكافحة الإرهاب ؟؟ أم إن عيون "متبني العقيدة القومية" ستبقى جاحظة ترقب بدقة تحركات الغرب وتكون على أتم الاستعداد لإفشال مفاعيل أي أبلسة أو انحراف عن المسار.
 *كاتب سياسي فلسطيني مقيم في سورية 
mbkr83@hotmail.com