2024-03-29 05:40 م

سيناريوهات مرعبة تنتظر الأردن

2014-09-05
كتب الدكتور خيام محمد الزعبي*
من العراق وسورية وليبيا الى الأردن، لا يبدو أن ثمة شخصاً في مأمن من "جهادي" "الدولَة الإسلامية"، بل إن خطر الإرهاب بات على أبواب أوروبا، كما صرح بعض القادة العرب مؤخراً، في الوقت الذِي رفع رئيس الوزراء البريطانِي، دافِيد كاميرون، درجة التأهب ببلاده، إلى مستويات قصوى. بينما أصبح لوجود داعش خريطة في كل من سورية والعراق، أصبح الأردن على مرمى حجر من مقاتلي الدولة الإسلامية وبالتحديد في محافظة معان الجنوبية، وهي بؤرة للتوتر، حيث نظم عشرات السلفيين الجهاديين في وقت سابق مسيرة مؤيدة لداعش، مع مطالبة بإزالة حدود سايكس ــ بيكو وتأييد الفتوحات الداعشية في العراق، ويبقى السؤال: هل سيكتفي التنظيم بتفجيرات وعمليات تخريبية في الأردن؟ المدخل الذي دخلت منه داعش للعراق هو الطائفية، فكيف ستدخل إلى الأردن؟ إستناداً إلى براغماتية هذه الجماعات، أن "داعش" تختار نقطة الضعف في كل بلد لتتمكن منه، وفي الأردن فإن نقطة الضعف القاتلة لا تقوم على الدين أو الطائفة بل على الهوية، وبالتالي فإن "داعش" قد ينجح في شق الصف الأردني عبر إثارة النعرات بين الأردنيين والفلسطينيين، ومن المعلوم أن "داعش" لا يحتاج أن يعبر الحدود الأردنية، إذ أن لديه بالفعل مؤيدين في المملكة، ويكفي أن يطلق صافرة البداية لكي يتحركوا، وبحسب المراقبين فإن تقديرات حجم وحضور "الداعشيين" في الأردن تتراوح بين 5 إلى 7 آلاف مؤيد، غير أن التيار السلفي الجهادي الذي يتزعمه أبو محمد المقدسي وأبو قتادة، يريان أن من يناصرون الفكر السلفي الجهادي الدعوي من أتباعهم هم الكثرة وأن من يناصر "داعش" هم فئة الشباب، الذين يعتبرون وقود الحرب في العراق وسورية، ويفتقرون إلى الموجه الشرعي في أفعالهم وتصرفاتهم ، أمام هذا الواقع الذي أفرزه الوضع الأمني الخطير في العراق، بات حتمياً على دول الجوار والدول الغربية وضع إستراتيجية مستعجلة لمواجهة خطر داعش الذي صار عابراً للحدود وللقارات. وفي سياق متصل إن تنظيم داعش آخذ في التمدد بشكل سريع وخطير، فقد أعلن"داعش"، عن نفسه رسمياً في الأردن، وبدأ التنظيم في رفع "علمه" بالعديد من المحافظات والتي بدأها بـ"معان"، وفى تطور مفاجئ خرج عناصر التنظيم بالأسلحة إلى عرض الطرق الرئيسية، وقام مقاتلوه بإيقاف موكب حكومي ,وإطلاق نار وسط صيحات التكبير، الأمر الذي أثار حفيظة المراقبين تجاه غياب الدولة والأجهزة الأمنية عن ملاحقة ومراقبة ومتابعة هذه التحركات لمؤيدي "داعش". اليوم هناك خطط جديدة "لداعش" لإستعادة السيطرة على العراق عبر سورية والأردن بعد فرار آلاف العناصر من داعش إلى سوريا، فالضربات الأمريكية لتنظيم داعش بالعراق ودخول قوات البيشمركة والجيش العراقي وكذلك إرسال إيران آلاف العناصر من الحرس الثوري الإيراني لشمال العراق التي أدت إلى فرار غالبية قيادات وعناصر التنظيم إلى الأراضي السورية، بات داعش يسعى إلى إستعادة السيطرة على العراق عبر الأراضي السورية وغزو الأراضي الأردنية عبر الحدود الأردنية السورية مع محافظة درعا بعد تشوين مخازن للأسلحة على الحدود، فتدفق عناصر داعش العراقية إلى الأراضي السورية يؤدى إلى إعلان خلافة داعش بسورية والتمدد للأراضي الأردنية ثم غزو العراق بعد مساعي التنظيم وجبهة النصرة لطرد الجيش الحر من المناطق التي سيطر عليها. تتزايد التساؤلات حول مصادر التهديد التي يمكن أن يتعرض لها الأردن في الفترة القادمة نتيجة إنتشار وتمدد تنظيم "داعش" وبيان مسار جديد لإعادة رسم التوازنات السياسية في الشرق الأوسط، بالطبع هناك عوامل تهديد لا يستهان بها خاصة بعد تمدد تنظيم داعش في الدول المجاورة، ففي المجتمع الأردني هناك بؤر تتعاطف مع فكر داعش ربما ليس سياسياً بقدر ما هو تعاطف في الطروحات الإجتماعية والدينية المتشددة وهي بؤر ستسبب الإزعاج للأردنيين، بالإضافة الى عربدة إسرائيل في المنطقة خاصة في غزة والتي تسبب غضباً شعبياً عنيفاً هو في الأساس موجه ضد إسرائيل ولكن يمكن أن يتم إستغلاله وتوجيهه في مسارات نحو الدولة من قبل جماعات تريد ممارسة دور سياسي خطير والتلاعب في الأمن الداخلي، فضلاً عن اللجوء السوري الذي يُنهك البنية التحتية التنموية في الأردن ويشكل خطراً على التماسك الإجتماعي، ولا ننسى التهديد الإقتصادي الذي يؤثر على حياة الغالبية العظمى من الأردنيين ويحتاج لسياسات متوازنة في مواجهته، ومن هذا المنطلق فإن الخطر الأكبر الذي تشكله داعش على الأردن أمنياً هو مدى قدرتها على بناء قاعدة من المنتمين لها في المجتمع الأردني وبشكل هادئ وصامت ومن ثم تتحول إلى كتلة حرجة من المتعاطفين القادرين على إثارة المشاكل الأمنية داخل الأردن، هذا أمر متوقع جداً وخاصة من خلال الرسائل التحريضية التي يتم بثها وتستهدف المجتمع الأردني، وفي إطار ذلك لا يمكن أن ننكر وجود نسبة من التعاطف إما عن قناعة أو عن جهل مع داعش والتنظيمات الجهادية السلفية الأخرى وإذا ما تمكنت هذه التنظيمات من بناء قاعدة صلبة في العراق وسوريا فإنها ستشكل خطراً داخلياً على الأردن ينمو بالتدريج من داخل المجتمع نفسه. وأخيراً أختم مقالتي بالقول، يبدو الأردن حالياً على أبواب سيناريوهات"مرعبة" لما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع في ظل دق طبول "الحرب الأهلية" في العراق وسورية وموقف أمريكي متباطئ فيما يحصل في المنطقة، ومن هذا المنطلق يجب على الأردن أن يتأهب لمرحلة جديدة كونه حاضنة واسعة للتطرف والفكر التكفيري الذي يمثله تنظيم "داعش"، فإضطراب الأوضاع في الأردن مسألة وقت، وان النار تحت الرماد، ومازال الكثير من الشباب الأردني المتطرف يعول على الفرصة السانحة للإنضمام الى هذا التنظيم المتشدد، وبالتالي فإن المخرج الوحيد لا يكون إلا بعقد مؤتمر وطني يكون قادراً على لمس نقاط الخلل بين الفئات الشعبية في الأردن، ليحقق المطالب الشعبية الرافضة للفساد والمطالبة بتأسيس العلاقات بين أفراد الشعب بناء على هوية المواطَنة بالدرجة الأولى، وضم الجميع تحت لواء مناهض للتيارات السلفية المهددة لأمن الأردن، كي لا يكتوي مرة أخرى من تنظيم "القاعدة"، بعدما إكتوى قلب العاصمة الأردنية في العام 2005 من تفجيرات أعدها التنظيم نفسه. 
*صحفي وكاتب أكاديمي في العلوم السياسية 
Khaym1979@yahoo.com