2024-04-20 01:54 ص

سورية: سيناريوهات الحرب والمصالحة!!

2014-09-13
بقلم: الدكتور خيام محمد الزعبي*
تمر سورية اليوم بمرحلة تُعد من أخطر مراحل الصراع في تاريخها السياسي ومهددة بخطر الإنزلاق إلى العنف، فالصراع المتفجر في سورية بدا صادماً ومفزعاً وهو يشير إلى إن ما يحدث في سورية ليس أكثر من عملية إستنساخ للنموذج الصومالي وهو ما تتدحرج إليه سورية عبر متغيرين أولهما: تراجع خيارات السلام مقابل إزدياد عوامل العنف والتوتر وتصاعدها بوتيرة غير مسبوقة، وثانيهما:التدخل الغربي بالشؤون الداخلية لتحقيق أهدافه وأطماعه في المنطقة، فالحقيقة إن الأوضاع في سورية ليس فيها ما يدعو إلى التفاؤل فالحظ السيء لا يكف عن إلحاق الكوارث بالسوريين الذين ما أن يمتلأ وعاؤهم بآثار كارثة حتى تحل بهم كارثة جديدة أكبر من سابقتها وآخر تلك الكوارث هي المحاولات الرامية إلى إغراقها بالفتن المذهبية والطائفية والصراعات السياسية والحروب بالواسطة أو بالإنابة، فالتعبئة الخاطئة والتحريض والتسلح المخيف ينذر بحرب كارثية على سورية والتي يعتبر إنقاذها مسؤولية وطنية، كون أمن سورية مسؤولية قومية في حماية أمن المنطقة من المخاطر المُحدقة بها. لا يمكن لسورية أن تبقى أسيرة للفوضى وعدم الإستقرار، فكلما زادت الفوضى تراجعت فرص وصول البلاد إلى بر الأمان، وقد حان الوقت لتقدم الأطراف المتصارعة مصالح بلدها على مصالحها الشخصية، فالمصالحة مفتاح المستقبل للسوريين، ومن دونها لن تكون سورية قادرة على أداء دورها القومي، ومن هذا المنطلق هبت الحشود السورية للميادين من شتى المحافظات لتأييد دعوة الإصطفاف الوطني الذي يعد من أهم المقومات الذي ترتكز عليه أسس الآمن والأمان والإستقرار والذين عبروا من خلالها عن مدى إستيائهم للوضع الراهن ورفضاً للمشاريع الصغيرة والتي تهدف لزعزعة الأمن وتفكيك ذلك الترابط الوطني، لذا بات على الجميع أن يدرك مدى خطورة ما تمر به سورية وما نعاني منه فيتحتم علينا جميعاً في هذا الوضع المتأزم أن نتجه نحو هذا الخيار الذي من خلاله سوف نتخلص من التشتت والإنقسام والهرولة وراء المصالح الذاتية التي طغت على المصلحة الوطنية المثلى، إن بإصطفافنا الوطني ووقوفنا جنباً لجنب ويداً بيد سوف نعمل على إفشال تلك المخططات التي تسعى للإستيلاء على الوطن ومقدراته. ومع كل ذلك فإن مصيبة سورية اليوم هي أكبر من المحنة التي تتعرض لها فالإنهيارات التي يشهدها هذا البلد والحروب المتلاحقة هي فوق درجات الإحتمال وذلك ما ينبغي أن يدركه أبناء سورية قبل فوات الأوان حيث لابد وأن يستشعر كل الفرقاء أن الشوائب التي أدت إلى عرقلة التقدم نحو الهدف المنشود كان سببها الخلافات وتمترس كل طرف وراء مواقفه ومصالحه وإن مهمة إنقاذ سورية هي من المهام العاجلة التي تبدأ خطواتها بالإعلان عن المصالحة الوطنية وتحرك جميع شركاء العملية السياسية نحو توحيد الصف وتضييق فجوة الخلاف والتنازل لبعضهم البعض حتى يتسنى لهم السير معاً في طريق بناء سورية الجديدة وحمايتها من التمزق والضياع وطوفان الخراب الذي لن يستثني أحداً. وبالرغم مما تتعرض له سورية تمكنت قيادة الوطن السياسية والعسكرية والأمنية ومعها أبناء شعبنا وفي طليعتهم منتسبو القوات المسلحة والأمن من خوض معارك حاسمة في معظم المحافظات السورية ضد العناصر الظلامية الدموية، مسطرين أروع الملاحم في مواجهة الإرهابيين وتخليص المناطق من شرور أعمالهم الإجرامية, ولازالوا وسيبقون يواصلون معركتهم حتى يتم القضاء على آفة الإرهاب وكل الأعمال التي تستهدف وحدة الوطن، ومن هنا نقول بثقة أن القوات المسلحة والأمن هي المؤسسة الضامنة لكل السوريين وصمام أمان مساراتهم المحققة لآمالهم وتطلعاتهم بغد مشرق ينعمون فيه جميعاً بالحرية والعدالة والمساواة في الحقوق والواجبات، ومثلما إنتصر شعبنا وقواته المسلحة على صعوبات وتحديات الأمس هو أقدر اليوم أكثر من أي وقت مضى على قهر وهزيمة كل من يحاول النيل من مكتسباته وانجازاته أو العبث بأمانه، وفي هذا السياق يجب على تلك القوى المعادية للتغيير والتي تريد إبقاءنا في مربع الأزمات والصراعات والحروب العبثية أن تعيد حساباتها وستدرك أن رهاناتها خاسرة وأن سورية الوطن والشعب ليس وحده, بل يقف إلى جانبه أشقاؤه في الوطن العربي وأصدقاؤه في العالم, الذين يدركون أهمية موقع سورية الجيوسياسي الحيوي والإستراتيجي لأمن المنطقة والعالم, وبالتالي لن يسمحوا بعودتها إلى المربع الأول وإنزلاقها إلى كارثة الفوضى والتمزق إلى كيانات متصارعة، إزاء ذلك فلا خيار أمام السوريين سوى تغليب منطق العقل والحكمة والمضي معاً وقدماً صوب آفاق التنمية والنهوض الحضاري الشامل والمصلحة الحقيقية في بناء سورية جديدة تتسع لكل أبنائها. وأنا على يقين تام، ما يزال في الوقت متّسع لأن يلتقي الفرقاء لحل الإشكال وتحكيم العقل وإسعاف سورية من الفوضى والدمار وندعو كل العقلاء إلى مراجعة حساباتهم والقيام بواجب النصح والأخذ على يد الجميع لتدارك الموقف، لأن إستمرار المغامرة سيجد شعباً وجيشاً ما تزال غالبيته تعشق وطنها وتريد حمايته حتى الرمق الأخير، وهنا نناشد المكونات السياسية وكل شرفاء الوطن وكل غيور على وطنه أن ينقذوا الوطن من خطر الإنزلاق إلى العنف, فالحرب ستكون دماراً على الوطن وسلمه الإجتماعي. وأخيراً أختم مقالتي بالقول إنه يكفي حروباً لهذا الشعب كلها دماء سوريين، فتصدير الفوضى الى وطننا الحبيب سورية الهدف منه جعلها ساحة صراع طائفية سيدفع ثمنها الدم السوري ومستقبل الأجيال القادمة، لذا علينا الحذر من هذا المخطط الحاقد على سورية وأمن المنطقة. 
*صحفي وكاتب أكاديمي في العلوم السياسية 
 Khaym1979@yahoo.com