2024-03-28 11:55 م

استراتيجية التحالف: عين ٌ على دمشق وعين ٌ على حزب الله

2014-09-18
بقلم : محمد بكر *
يستمر " النهم " الأميركي لجهة تشكيل مايسمى تحالفاً دولياً وإقليمياً لمواجهة الدولة الإسلامية "داعش" ,يمضي أوباما في إطلاق استراتيجيته " العتيدة " في قيادة ورسم ملامح هذا التحالف , تعود الجولات المكوكية لكيري إلى المنطقة لتتصدر الواجهة والحدث السياسي يرمي خلالها "الشباك" الأميركية في بحور الإقليم للظفر ما أمكن برؤية ونهج موحد والعنوان دائماً " داعش" ,في جدة كان " للنهم " صورةٌ " أشد كفراً ونفاقا ً" ومشهد ٌ طافح ٌ " بالهزل السياسي" ,فاحت منه بزخم روائح النفاق والدجل تحسسته حتى " الأنوف المحمرة" من زكام ٍصيفي , لا بل باتت المملكة العتيدة تطالب بضرورة تجفيف منابع الإرهاب ووقف التمويل والتسليح, ونهر إرهابها لايزال يغدق مالاً وسلاحاً , كيف لا وهي التي قبلت وبكل فجاجة أن تقيم معسكرات لتدريب ماسماه سيدها في البيت الأبيض " بالمعارضة المعتدلة " وقد صم الآذان وأعمى العيون عن عشرات التقارير التي تحدثت عن ماهية المجموعات المقاتلة في الداخل السوري لجهة أن النسبة الأكبر منها ينتمي إلى مجموعات متطرفة , لابل بات جهاز الاستخبارات المركزية الأميركية يحصي بدقة أعداد " داعش" , ولاعجب في ذلك, لطالما كانت ولاتزال " الرحم " السعودية والقطرية والتركية " الولاّدة الولود" لأمثال هؤلاء,بدورها لم تأت فرنسا على أي جديد وأعادت عرض مشاهد جدة الاستعراضية ذاتها, وعليه فإن سؤالاً هنا يلح بشدة في الطرح؟ لماذا هذا التزامن مابين الحديث عن تشكيل تحالف دولي وإقليمي ضد " داعش " وإعلان الولايات المتحدة الأميركية عن دعمها لما سمته المعارضة المعتدلة في سورية , ولماذا يؤجل أي دور تركي في الوقت الحالي ضمن التحالف المزمع إنشاؤه ليحدد لاحقاً بحسب ما أعلن كيري ؟؟ في السياسة عندما تتشابك عليك الأحداث وتتعقد خيوط اللعبة فما عليك إلا أن ترقب وتتابع بدقة كل صغيرة وكبيرة على الساحة " الإسرائيلية " ومنها فقط وتحديداً, تستطيع أن تجد الحل السريع للمتاهة السياسية الحاصلة, وتدرك يقيناً بواطن المعلن, وترى جلياً مايدور خلف الكواليس, وما يطبخ بعيداً عن العيون . في تقرير نشرته القناة الإسرائيلية الثانية تحدث عن تنامي قدرات حزب الله , حدد التقرير رقماً لما يمتلكه الحزب من صواريخ نوعية يصل عددها لمئة ألف صاروخ مضيفاً /أي التقرير/ أن أي مواجهة " إسرائيلية " مع حزب الله ستكون مختلفة كلياً عن معركة الجرف الصلب في غزة , بينما أعلنت القناة العاشرة أن جيش الاحتلال وضع خطة لإخلاء المستوطنات الحدودية تحسباً لأي مواجهة مع حزب الله, بدورها تحدثت مصادر إسرائيلية أخرى عن أن التحالف الأميركي ضد " داعش " سيلهي دولاً عن قتال " إسرائيل " وسيقرب دولاً أخرى منها , في حين عدّ ليبرمان وزير الخارجية في حكومة العدو الصهيوني أن " داعش " لا يشكل تهديداً دائماً على "إسرائيل " وهو الذي أعلن في 11/ 4/2014 في مؤتمر صحفي عن أن عشرات الشخصيات العربية والإسلامية من الخليج وأخرى من دول ٍلم تقم علاقات في السابق مع " إسرائيل " قامت بزيارة الكيان الصهيوني في الفترة الأخيرة وتقاسمت مع الجانب الإسرائيلي وجهة النظر لجهة أن إيران تشكل الخطر الأكبر في المنطقة إضافة إلى تشاطر القلق من بقاء " النظام " السوري وتزايد قوة حزب الله . إذاً هو ذا بيت القصيد الأميركي من وراء ذلك التحالف , ولاسيما أن كل ما تم طبخه على نارٍ هادئة خلال السنوات الماضية من الوصفة المسماة " ربيعاً " وبالرغم من دموية المشهد وجبال الخراب الحاصلة في سورية إلا أن لظى الصمود السوري ونيران التدخل الناجح لحزب الله في معارك القصير والقلمون والسقوف العالية التي بات يعلن عنها الحزب في أي مواجهة مع الكيان الصهيوني, كانت الكفيلة بحرق الطبخة الأميركية بكل مكوناتها وخلطاتها التي لم تعد "سحرية " ولم يسعد مذاقها الأفواه الصهيو –أميركية على الإطلاق ,لذا تأتي الوصفة المسماة " داعش " في محاولة لإضفاء الروائح الزكية على " ما شاط ومط ّ " من الطبخة الشرق أوسطية , هذه الوصفة ومع كل مارافقها من نفخ " إعلامي " ممنهج لاستيلاد الهول المطلوب منها كظاهرة وواقع ,ستكون في اعتقادنا بمنزلة الخلطة "السحرية" الأميركية الجديدة و"الحصان الأسود" الذي يمتطيه "تحالف الشر " لتحقيق " الصدمة الفجائية " من السيناريو الجديد ومن هنا نقرأ ونفهم ما أكدته دوائر سياسية ومصادر مطلعة لصحيفة المنار المقدسية عن حشود من المجموعات المسلحة يجري العمل على ضخها باتجاه الحدود اللبنانية السورية في محاولة لإلهاء حزب الله عما يُدبر على الجبهة الجنوبية وأخرى يتم ضخها باتجاه القنيطرة بهدف تأمين طريق درعا ريف دمشق ومحور القنيطرة دمشق , هذه الإجراءات التي تعد في اعتقادنا بمنزلة "القصف التمهيدي" للضربات التي قد يشنها التحالف الجديد داخل الأراضي السورية والتي ستعمل أيضاً على تهيئة "المناخ الاستثماري المثالي " للمشروع الأميركي على الأرض السورية و تؤمن ضغطاً مزدوجاً فيما لو تم استهداف مواقع عسكرية للجيش السوري , وعليه وفي ذروة هذا السيناريو المعقد ستكون عيون التحالف جاحظة نحو دمشق لإحداث "خرق نوعي " باتجاه العاصمة , هنا وعند هذه المرحلة تحديداً تأتي مفاعيل الدور التركي " المؤجل", على جبهة الشمال للتدخل المباشر لجهة التطبيق الفاعل " لفكي الكماشة " على حلب ودمشق . أدركت إيران واستشعرت بمايحاك بذريعة الإرهاب فجاء الرد سريعاً على ما يجول في العقل الأميركي وعلى لسان نائب وزير الخارجية حسين عبد اللهيان لجهة أن إيران لن تشارك في تحالف استعراضي وستدعم بقوة سورية والعراق في مواجهة الإرهاب في حين حذر علي لاريجاني الولايات المتحدة من ماسماه " اللعب بالنار " , بينما أكد رئيس هيئة الأركان العامة أن المراد من التحالف هو تقسيم المنطقة ,كذلك بدا حزب الله هو الآخر يغير من سياسته على الجبهة الشمالية لجهة زيادة الاحتكاك مع " الجيش الإسرائيلي "بحسب ما حذرت منه القناة العاشرة على لسان ضابط إسرائيلي كبير في جبهة الشمال, بدوره أكد كيري في حديث لقناة سي بي اس أن بلاده لن تنسق مع الحكومة السورية في حال تم توجيه ضربات لداعش في سورية وستعمل أميركا على عدم التصادم مع الجيش السوري مضيفاً أن السوريين لن يقوموا بأي عملٍ سيندمون عليه, ما يؤكد سوء النيات الأميركية . فهل ستجهض/ الاستراتيجية الدفاعيةالوحيدةوالمستمرة/ لجبهة المقاومة مفاعيل أي انحراف محتمل لا بل مؤكد لتحالف الشر؟؟ أم سيكون للتصعيد الحاصل جزؤه الأهم وطعمه المختلف الذي قد نكون معه على موعد تصبح فيه السيطرة على الجليل واقعاً ملموساً, ويقين الدخول إلى القدس حقيقة, تنتفي معها بالضرورة أي سيناريوهات أميركية جديدة , وتعود البوصلة إلى مسارها الحقيقي الذي أوغل بعيداً في التيه والشذوذ.
 *كاتب سياسي فلسطيني مقيم في سورية
mbkr83@hotmail.com