2024-04-20 03:00 م

سورية على شفا حرب...والغرب يتحين الفرصة

2014-09-20
بقلم: الدكتور خيام محمد الزعبي 
يخيل إليك أنها حرب بين النظام السوري والمليشيات المسلحة وداعش كطرف ثالث له تأثير أقوى من المجموعات المسلحة في المعادلة، ولكن حقيقة الحال هي حرب شعواء بين أمريكا و روسيا وحلفاؤهم في المنطقة، فأمريكا تدعم الجماعات المسلحة وداعش في سورية, أما روسيا فتدعم النظام السوري بكل ما تملكه من قوة، لذلك تعمل الولايات المتحدة الأمريكية على ضرب سورية بأيدي عربية وبغطاء جوى أمريكي – أوروبي – أطلسي وذلك بالسعي لحشد إقليمي بالدرجة الأولى، وحشد دولي أيضاً وهو ما يذكرنا جيداً بأحداث العراق وليبيا، فالأحداث في سورية الهدف منها هو "التغيير الجيوسياسي" وتحقيق تغييرات في المواقع الإستراتيجية بالمنطقة، والتدخل في الشؤون الداخلية للدول ذات السيادة من قبل الإدارة الأميركية التي تعمل على تفتيتها وتخريبها والدفع الى إنهيار العقد الإجتماعي بين المواطنين ونشر الفوضى بين مختلف المناطق. ومن هذا المنطلق تلعب روسيا دوراً مهماً في هذه الفترة التاريخية التي يشهد خلالها العالم الكثير من التوترات والأزمات الدامية بسبب لاعقلانية سياسة الإدارة الأميركية ومحاولاتها الدائمة بالهيمنة الأحادية على العالم، فهناك حرباً باردة تدور الآن بين روسيا وأمريكا في الشرق الأوسط من خلال الساحة السورية، فالسؤال المهم الذي يفرض نفسه هنا هو، هل تكون الأزمة السورية سبباً لعودة الحرب الباردة بين أمريكا وروسيا؟، أو أن هناك تبادل في المصالح بين واشنطن وموسكو ليحقق كل منهما مأربه وأهدافه من خلال الأحداث الدائرة الآن في سورية؟ . في إطار ذلك لم يكتف الغرب وفي مقدمته الولايات المتحدة وإسرائيل بتفتيت المنطقة بل مصرة أيضاً على محاصرة روسيا ومحاولة نقل الحالة الإسلامية لتكون مدخل داخل روسيا لتفجيرها من الداخل وأيضاً إلغاء أي مواقع لروسيا على البحر المتوسط وبناء شرق أوسط جديد لتكون لتركيا وإسرائيل حوضا إستخبارياً واحداً قابلاً لتفجير النظام الإيراني من الداخل، ومن هذا المنطلق إنتبهت روسيا إلى هذه الوقائع وقامت بالتصدي لها من خلال مواقفها السياسية بقوة حتى أعادت لنفسها الحضور على الساحة الدولية " التنفيذية والواقعية " مما جعلهم يعتبرون إن الدفاع عن دمشق كأنها الدفاع عن موسكو وهذا ما حصل في جورجيا، فمن غير المستبعد أن تصر روسيا على عنادها حيال الملف السوري لعلمها بأن دمشق ستكون آخر القلاع التي تحمي جزء من المصالح الإستراتيجية للدولة الحالمة بإستعادة أمجاد الإتحاد السوفييتي، لذلك فإن الحرب الباردة تدور الآن بين روسيا وأمريكا في الشرق الأوسط من خلال الساحة السورية . من الواضح أن هدف الولايات المتحدة فى العراق وليبيا، هو التخلص من شخص كل من صدام حسين ومعمر القذافي تحت دعوى التخلص من الأنظمة الإستبدادية ونشر الديمقراطية، والجميع يرى الآن مدى تقدم الديمقراطية فى العراق وليبيا، ولكن الجزء الأكبر الغاطس من جبل الجليد يعكس أهداف أكبر بكثير مما نتصور، فالمسألة ليس لها علاقة لا بالديمقراطية ولا بحقوق الإنسان، ولا بمساندة الشعوب المقهورة التي تدعو الغرب لمساعدتها من أجل نشر الديمقراطية، فالشعوب غير القادرة على تحقيق ذلك بنفسها، لا تستحق أصلا لا الحرية ولا الديمقراطية، كما أن الغرب لم يجلب لأحد أبدا الحرية والديمقراطية، وهذا الكلام ليس بحاجة إلى إثباتات وبراهين، لأن الآثار والنتائج والتداعيات لا تزال قائمة إلى الآن فى كل الدول التي مر عليها الغرب رافعا راية الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان. إن خطة الولايات المتحدة الأمريكية لتشكيل ائتلاف دولي لمحاربة جماعة "الدولة الإسلامية" المتشددة تعكس رغبة واشنطن في فرض زعامتها على المنطقة بدلاً من التصدي للإرهاب، ولا أتصور أن هذا الإئتلاف يعني مكافحة الإرهاب وذلك لأن أمريکا دخلت مرحلة الصراع مع داعش في وقت متأخر جداً والجدير بالذكر أن الكثير من الدول باتت تنظر إلي المبادرة الأمريكية بعين الشك والترديد خاصة وان بعض حلفاء واشنطن الذين طالبوا بتشكيل الإئتلاف الدولي لمحاربة هذا التنظيم هم من الذين قدموا أنواع الدعم لعصابة داعش الإرهابية في الحرب ضد النظام السوري والمحاولات الكثيرة للإطاحة به إلا إنهم وبعد فشلهم في تحقيق هذا الهدف دخلت داعش الأراضي العراقية، وهناک الكثير من التساؤلات حول نفوذ هذه العصابة إلى داخل الأراضي العراقية إذ کيف يمکن لهذه العصابة أن تدخل أرض العراق في غضون أسبوع واحد وتبدأ نشاطاتها في عدة محافظات عراقية دون أي تنسيق مسبق حيث أن الهدف الأول لأمريکا من دخول داعش هو إجبار المالکي على الاستقالة من رئاسة الحكومة في العراق وعندما دعا الأخير واشنطن إلى دعمه بالأسلحة رفضت الأخيرة هذا الطلب وهنا تدخلت روسيا الساحة لإنقاذ العراق من الأخطار المحيطة به من داعش . إن الإستفزازات الغربية لروسيا تتوالى بشكل غير مسبوق، وليس سراً أن الصراع الآن يصل إلى ذروته بين روسيا من جهة، والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وحلف الناتو من جهة أخرى، لأسباب ليس بينها حقوق الإنسان أو حماية الشعوب المضطهدة، بل من أجل مصالح كبرى في المنطقة، وبالتالي فإن الأحداث التي نشهدها أثبتت فشل سياسات الإدارة الأمريكية التي كلفت الإنسانية جمعاء الكثير من الضحايا والفوضى ونشوء التيارات الدينية المتطرفة في مختلف الدول وعلى رأسها سورية والعراق. وأخيراً أختم مقالتي بالقول إن دماء السوريين والعراقيين ستكون وقود الحرب المقبلة، وقد يأتي دور من حولها من الجيران الإقليميين، لذلك إختلفت الحرب في عنوانيها فأحدهم قال من أجل الحرية، والآخر لإقتلاع جذور الإرهاب، أم لإسقاط محاور بعينها في وجهها الحقيقي، تتعدد أسباب الحروب وعنوانها الموت الواحد، العنجهية الأمريكية ستقابل حتماً بعناد روسي ،ستتقاتلان على إختلاف الأساليب لتحاول كل منهما كسر شوكة الأخرى، أن المنافسة بين الجانبين ستلقي بظلالها على منطقة الشرق الأوسط وسورية ليست بعيدة عنها، وبنظري قد تشتعل المنطقة بحرب إقليمية، قد تتبدل المعادلات وتقلب أوراقها لكن الثابت فيها أننا فقط نحن الخاسرون والذين سندفع الثمن.