2024-04-25 11:54 ص

حكومات ... مافيـــا الدم!!

2014-09-22
بقلم: الدكتور يحيى محمد ركاج*
كرّمَ اللهُ سبحانه وتعالى الإنسان بأن خلقه في أحسن تقويم وميزه بالعقل عن سائر المخلوقات رغم أن دورة حياته ابتدأت من نطفة تخرج من مجرى البول، وأجمعت شرائع الأرض والسماء جميعها على قدسية الروح وإكرام الإنسان وتقديره وعلو شأنه، فكانت نهضة الأمم وارتقاء الحضارة بتقديرها للنفس البشرية على وجه الخصوص، والحياة فوق الأرض على وجه العموم، وقد اتفقت المنظمات والهيئات الدولية في عالمنا اليوم على تقديس الإنسان وحماية حقوقه من الناحية النظرية، حتى وجدنا أن اهتمام الغربيون بالنفس والروح وصل إلى حد الاهتمام بالحيوانات الأليفة، وغير الأليفة بعد تهجينها وترويضها، فوصلت شعارات المنظمات والهيئات التي تعنى بحقوق الإنسان والطفل والمرأة وحماية حرياتهم في التنمية المستدامة ذروته في الدفاع حتى عن قضايا الشذوذ الجنسي والمثليين في تناقض صريح لحماية مراحل حياة الإنسان وحيويته. وفي مقابل هذه الحضارة الغربية المشوهة قامت مافيا الدم بالعالم ضمن صراع الأمم والحضارات باختراق الأديان وتشويهها بعد شرذمتها، فكانت شرائع العولمة في العصور السابقة ودياناتها تقوم على القتل والتنكيل وامتهان كرامة الإنسان وسلبه حقوقه استعباداً لمصالح فئة قليلة تمتاز بالثروة والسلطان العالمي. ولعل ذروة النفاق والدجل الذي تقوم عليه الحضارة الغربية يتكرس فيما وصلت إليه البشرية في هذا العصر من مستويات قذرة من القتل والتدمير والتنكيل بطرق معلنة وغير معلنة، لنجد أن الدول المنادية بحقوق الإنسان نفسها تنتهك ميثاق حقوق الإنسان فتقوم بتخفيف درجة المساعدات الغذائية للاجئين السوريين بنسبة 40% في حين تتزايد المبالغ التي ينفقونها في سباق التسلح وإراقة الدماء في سورية ومنطقة شرق المتوسط وباقي مناطق العالم، بما يفوق قيمة إطعام البشرية بكاملها لفترات ليست بالقصيرة، ولنجد أيضاً أن الأمم المتحدة التي تعلن عن هذا الأمر في وقاحة غير مسبوقة بحق الإنسانية هي من تقوم بشكل غير مباشر في الإقلال من الاستثمار الفعال للموارد الزراعية بتوجيه أصحابها بطرق مشروعة وغير مشروعة نحو الإقلال من إنتاج الغذاء والتوجه نحو إنتاجية المواد والعناصر ذات المردود المالي الأعلى والتي ترسخ سيطرة قلة ليبرالية قذرة على مقدرات وثروات الشعوب. ولنجد ذلك أيضاً في العمل الدؤوب على إطالة عمر الإرهاب الموجه إلى سورية واستمرار نزيف الدم فيها تنفيذاً لأطماع أبناء العم سام في احتواء مصادر الطاقة والغاز وحماية خطوط الإمداد في أوقح مفارقة عالمية لمهام حلف مسيلمة المعني ظاهرياً في مكافحة الإرهاب، باعتبار الإرهاب الذي يسفك دماء العراقيين حرام بينما التمهل والمماطلة في التعامل مع الإرهاب نفسه والإرهابيين ذاتهم عندما يقومون بسفك دماء السوريين في سورية نتيجة تمسك السوريون بالسيادة. ولا يقتصر الأمر على أبناء العم سام وحلفائهم المتصهينين، بل حتى يصل إلى باقي الساسة في العالم ممن يدعون الديمقراطيات والنزاهة ويرفعون شعارات العدالة والإنسانية والرحمة، في أقذر تلاعبات الإنسانية، عندما يغرق يومياً العشرات أو المئات من السوريين والأفارقة نتيجة الهجرات غير المشروعة باتجاه أوروبا عبر سماسرة ومافيات المال والتهريب بغطاء حكومي من قبل حكومات الدول التي تستضيفهم، ويتجولون بدول الاتحاد الأوروبي تحت غطاء من الحكومات الأوروبية التي تعاني من معدلات نمو سكاني غير متكافئة مع مستويات الإبدال التي تحتاجها من أجل تجديد دمائها والحفاظ على وجودها وكينونتها نتيجة انتهاء عصر الهبة الديموغرافية لديها وافتضاح أمر شيخوخة سكانها. إن مافيات الدم والمال لم يكتفوا بإراقة الدماء عبر تجارة السلاح ومحاولة استعباد الشعوب وتصدير الفيروسات والأمراض والأوبئة كما في فيروس ايبولا، بل أيضاً يسعون إلى تعويض عقد النقص لديهم على حساب الدماء الأخرى من القرابين الذين ينساقون خلف سراب الديمقراطيات الغربية وحقوق الإنسان، وحتى لا نبخس الناس أشياءهم فحقوق الحيوان لدى الغرب متقدمة ولكنها أيضاً على حساب غذاء الشعوب الأخرى التي يحاولون استعبادها، فإذا كنا الآن نشاهد قرابين الدم من السوريين والأفارقة نتيجة الهجرة التي تتم من أول خطواتها إلى بلد الاستقبال بعلم حكومات الدول وسادتها، فلماذا الإصرار على التضييق على دخول هؤلاء إلى بلدان أوروبا طالما كانت أوروبا ترغِّبُهم، وتجرهم إلى أن يسلكوا دروب الموت الشنيعة. فإذا لم يتحمل ضمير ما تبقى من شعوب العالم الشرفاء مسؤولياته نحو هؤلاء القرابين البشرية التي يُضحى بها يومياً فعلينا أن نترقب الأسوأ في الأيام القادمة، فقد تمتد كما يبدو من أحداث المنطقة العربية إلى اليمن ودول أخرى من المنطقة المراد استعبادها.

الملفات