2024-04-20 07:37 ص

من خفايا غارات الرقة، وسيناريوهات الحرب على "داعش"

2014-09-24
كتب سمير الفزاع
هل بدأ زمن التهدئة؟ هل دخلنا مرحلة التسوية؟ هل هو زمن حصاد واشنطن وأدواتها لزرع تطاول وصار يهدد "حقولهم"؟ ما معنى وجود طائرات واشنطن وحلفائها في سماء الرقة؟ هل هي الحرب على داعش أم على سورية؟ هل تمّ إبلاغ الحكومة السورية بهذه الغارات أم تمت خارج إرادتها وبعيداً عن علمها؟ هل هو التمهيد للقضاء على داعش أم "تسوية" الأرض لإدخال "المعارضة المعتدلة" التي تحدث عنها أوباما ، وتدربها مملكة آل سعود؟ أسئلة كثيرة، تحتاج الإجابة عليها إلى شيء من التمهل والتدقيق، فكل إجابة، بالتأكيد أو النفي، ستفتح الباب واسعاً أما سينارويهات ضخمة وممتدة وخطيرة. سأحاول هنا صياغة إجابات على هذه الأسئلة، لنصل إلى تصور واضح للسيناريوهات القادمة على المتنطقة؛ روبما العالم. * زمن تهدئة الميدان، وتسوية الأزمات: لا يمكن لأحد في هذه المنطقة أو العالم، أن لا يرى حجم التوتر العالي الذي يشوب المنطقة من أقصاها إلى أقصاها، تفجر المنطقة بالإرهاب، إرتفاع منسوب التشدد الديني والطائفي والمذهبي والعرقي، إنكشاف هائل للإنظمة أمام شعوبها بتخاذلها وتحريضها وعمالتها وتصهينها... ما قد يفتح المجال واسعاً أمام قلاقل وإضطرابات تصيب ممالك ومشيخات، يصعب السيطرة عليها، ولا تملك الدول الإستعمارية التي ترعاها البدائل الجاهزة لتدارك لحظة إنهيارها أو تفككها، وتدني قدرة محور العدوان على سورية؛ إن لم تكن إنعدامها، على حشد القوة البشرية الكافية لمهاجمة سورية، وتحمل تبعات هذا العدوان على حلفائها وأدواتها في المنطقة، وخصوصاً الكيان الصهيوني، وتقدم سورية وحلفائها في مواجهة الصعوبات التي تواجهها، من روسيا التي توصلت إلى إتفاق يضمن إدارة ذاتية للمناطق الشرقية من أوكرانيا رغماً عن كل الغرب، إلى سورية التي باتت ماكينتها العسكرية تعمل بقوة وبإستخدام طاقة نارية كبيرة وبأسلحة جديدة ونوعية، إلى العراق الذي إستعاد جيشه وقواه المقاومة والحشد الشعبي المليوني زمام المبادرة في الميدان، وكنسهم الدواعش من مساحات شاسعه من المحافظات التي إستولوا على أجزاء واسعة منها. وصولاً لإيران التي أصبح وجودها ضمن "إدارة المنطقة" مطلباً أمريكيّاً، دون أي إعتراض جدي، إلى الصين التي ضمنت تدفق سلس للطاقة اللازمة لنمو مضطرد بعيداً عن إحتكار واشنطن لسوق الطاقة العالمي بعد إتفاقيتها مع موسكو ذات المليارات الأربعمائة ... كل ذلك يعني بأن "مصيدة" داعش أصابة بأضرارها، أكثر ما أصابة، هؤلاء الذين يقفون خلفاها، والذين أرادوا إستثمروا دمويتها وإستغلال إجرامها. هنا، بدأ الجنوح نحو تهدئة الميدان، والتحول نحو إيجاد صيغ لتسوية الأزمات. بدأ هذا المسار بالتهيئة للإنقلاب على داعش "بسيل" الفتاوى التي تكفرها، وتحرم الإنتساب إليها والمحاربة في صفوفها، وإدراجها على قائمة الإرهاب الأممية إلى جانب جبهة النصرة، وحث الدول على منع تمويلها... وتشكيل حكومة لبنانية، والحديث عن إتصالات بين الحكومة السورية وبعض الحكومات المشاركة في الحرب على سورية في سلطنة عمان، والوصول إلى هدنة الشهر بين فصائل المقاومة الفلسطينية والكيان الصهيوني، وتغيير رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي، وإتفاق موسكو وكييف على صيغة الحكم الذاتي للمناطق الناطقة بالروسية شرق أوكرانيا... وصولاً إلى تشكيل حلف "دولي" سيكون من مهامه، محاربة داعش التي أنتجها، وسهّل لها "إنتصاراتها" أعضاء هذا الحلف أنفسهم، وربما كان الإتصال مع مندوب سورية الدائم في الأمم المتحدة، الدكتور بشار الجعفري، والرسالة الأمريكية إلى وزارة الخارجية السورية عبر وزير الخارجية العراقي، وغيرهما، يمكن أن تشكل البداية المناسبة لشرط سورية، عندما قالت: لن يكون هناك تنسيق أمني وعسكري لضرب داعش إلا بفتح قنوات إتصال علنية وسياسية مع الحكومة السورية. وإن كانت هذه الإتصالات الأمريكية، من باب الإخطار وأخذ العلم وليس التنسيق المباشر مع دمشق، ولكن ألا يعتبر ذلك تراجع من واشنطن عن تجاهل الحكومة السورية، وإبلاغها بشنّ الغارات، نصر لسورية، ودليل إضافي على خوف واشنطن من فعالية وسائل الدفاع الجوي السوري، أو مبادرة سورية إلى ردّ فعل قد يغير طبيعة الصراع؟. * ضرب داعش، بداية للحرب على سورية: هناك من يرى بأن ضرب داعش داخل الحدود السورية، يشكل البداية الفعلية لشنّ عدوان على سورية. لا أملك تفاصيل كثيرة حول هذا الخيار لتجعل منه، خياراً ممكناً وواقعيّاً. سأذكّر بعدد من العناصر التي تجعل منه خياراً غير ممكناً: 1- لا وجود لحشد بشري كاف لشنّ أي عدوان على سورية، يحقق الحد الأدنى من النتائج التي يريدها حلف العدوان على سورية؛ بل على العكس من ذلك تماماً، فالحشد الغربي، والأمريكي خصوصاً، هو الأدنى في المنطقة منذ العام 1990، وهناك مصاعب حقيقة، داخلية وخارجية، تمنع وجود مثل هذا الحشد. 2- أقرب موعد "لتخريج" الدفعة الأولى من الإرهابيين الذين تكفلت مملكة آل سعود بتدريبهم، هو من ثلاثة إلى خمسة أشهر، وهذا الوقت سيكون أكثر من كاف، لسورية وحلفائها، لتغيير الكثير من وقائع الميدان، إن لم يكن مجملها، لصالحهم ما سيجعل مهمة هذه الجموعات "إنتحارية" بالمعنى الحرفي للكلمة. 3- مثلت حرب غزة الأخيرة، واحدة من أكبر المفاجئات الإستراتيجية التي أنجزها حلف المقاومة في ذروة الهجوم عليه، وعلى سورية تحديداً؛ بل إن هذه الحرب مثلت جرس إنذار عملي ومجسم "بمعنى مصغر" لما يمكن أن يكون عليه حال المنطقة، والكيان الصهيوني، إذا ما تعرضت سورية لعدوان خارجي. 4- لقد أصبحت مهمات، كإغلاق مضيق هرمز من حيث تتدفق ثلث طاقة العالم، وحوض المتوسط حيث شرايين الكيان الصهيوني الحقيقة... وتعطيل الحركة الجوية في شعاع يمتد إلى مئات الكيلومترات خلف الحدود السورية، وتدمير تجمعات عسكرية غربية وعربية تبتعد عن ميدان القتال بآلاف الكيلومترات، أمر ممكن جداً وسهل التطبيق. ويبقى السؤال، أهناك أحد في هذا الكون قادر على ممارسة هكذا حماقة، وتحمل نتائجها الكارثية التي ستسقط الكثير من العروش وتغير الكثير من الخرائط؟ للتذكير فقط، خلال أسبوع سيطر الحوثيون وحلفائهم، على ثلثي العاصمة، ومعظم القطع العسكرية فيها، وأنحاز إلى جانبهم معظم التشكيلات المقاتلة... فماذا إستطاع هؤلاء جميعاً، من واشنطن إلى الرياض أن يفعلوا غير الرضوخ للمطالب الشعبية المحقة؟. 5- الإثنين، 2014-09-22 يعقد مجلس الأمن القومي الروسي برئاسة فلاديمير بوتين لمناقشة "سبل التعاون مع الشركاء في مكافحة تنظيم داعش". ويعلن الناطق الرسمي باسم الرئاسة الروسية أن "أعضاء مجلس الأمن تبادلوا الآراء حول الأشكال الممكنة للتعاون مع الشركاء الآخرين فيما يتعلق بمكافحة تنظيم داعش في إطار القانون الدولي". وفي اليوم التالي قالت وزارة الخارجية الروسية، في بيان حول توجيه ضربات جوية لمواقع تنظيم "داعش" في الأراضي السورية، إن "الجانب الروسي يذكِّر بأنه لا يمكن القيام بأعمال من هذا القبيل إلا في إطار القانون الدولي، الأمر الذي يستوجب أن تعلن الحكومة السورية موافقتها أو يصدر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة القرار المناسب، وليس مجرد تقديم إشعار من جانب واحد بالبدء بتوجيه ضربات". وأضاف البيان "أن موسكو كانت قد نبهت مرارا إلى أن مَن ينفذ السيناريوهات العسكرية بشكل انفرادي بناء على مبادرة من قبله فهو يتحمل كامل المسؤولية عن عواقبها". وحتى لا يكون الكلام المشحون بنبرة التهديد نظرياً، يتم الإعلان عن رسو السفينة الصاروخية "سموم" المزودة بأنظمة صاروخية مضادة للسفن والغواصات وصواريخ طوربيد، ونظام دفاع جوي صاروخي مضاد للطائرات والصواريخ المجنحة من "طراز كروز وتوماهوك" وسواهما. وتزود قناة الميادين بمعلومات خاصة تفيد بأن السفينة الحربية الروسية التي رست اليوم في مرفأ طرطوس السوريّ كانت محمّلةً بأسلحة لسوريا، أهمُّها مضادّات جويةٌ وبحريّة. * تقليم أظافر داعش، والإبقاء على خيار الدولة: والمقصود هنا، ضرب حركة داعش الإرهابية مع الحفاظ على هذا الجيب "الهجين" الممتد من أواسط العراق حتى شرق وشمال سورية. أي متابع لتطورات الميدان في سورية والعراق، سيصل إلى قناعة تامة بأن مثل هذا الخيار صار خلفنا، فمستوى التنسيق العسكري والأمني السوري العراقي، والوعي الشعبي في العراق لخطورة هذه الخطوة، وتقدم الجيش العراقي الكبير حتى أنه بات على مشارف الموصل، وطبيعة تحرك الجيش العربي السوري في وسط سورية وإنجازاته الميدانية الكبرى هناك، ما يؤهله لتوفير إستعدادات كبرى لخوض معركتين كبيرتين في الشمال والجنوب، إلى جانب الدعم الروسي الكبير، الذي سنرى تطورات مهمة على مناسيبه قريباً جداً خصوصاً بعد قرارات مجلس الأمن القومي الروسي الأخيرة... مضافاً إليها مأزق تمدد خطر داعش في عدة إتجاهات، وخصوصاً في الساحة التركية. * كلمة أخيرة: قصف واشنطن وأدواتها للمناطق التي تسيطر عليها داعش في سورية والعراق، أمر يصعب التعامل معه نفسيّاً، ويمكن تبرره "براغماتيّاً، وتقبله ميدانيّاً، شرط أن يبقى في "حدوده المقبولة". داعش والنصرة أدوات صهيوأمريكية-نفطية، فلا مشكلة مع تصفية واشنطن وأدواتها لأدواتهم؟ أما إن حاولوا تجاوز الخطوط الحمر فإن الردّ يجب أن يكون جاهزاً. الطائرة(القاذفة) التي أسقاطها كيان العدو في الجولان اليوم كانت تحمل اثنين من ضباط الجيش العربي السوري، العقيد الطيار البطل حسن هادي من جبل العرب الأشم، من مدينة السويداء، والعقيد الطيار البطل الشهيد طارق قناة من محافظة درعا الحبيبة، جيش أسقط على صخرة إنتمائه الوطني والقومي الخرافي، كل حملات التحريض والتفتيت، ومحاولات شق صف وتمزيق وحدة المؤسسة الوطنية الجامعة، الجيش العربي السوري، قادر حتماً على ردّ الصاع صاعين، وعلى قلب الطاولة على حلف العدوان وقت يشاء.