2024-03-19 06:44 ص

القدس والمقدسات في دائرة الخطر!!

2014-10-21
بقلم: اسلام الرواشدة
البرامج الاسرائيلية لتهويد مدينة القدس والمساس بالحرم القدسي الشريف والسيطرة عليه، ليست وليدة الساعة، وانما هي قديمة يجري تنفيذها على مراحل وبأشكال وطرق مختلفة، مستغلة الظروف ومتحينة الفرص، في الداخل وفي المحيط، وهناك العديد من الهيئات والمؤسسات والوزارات التي تتولى الاشراف على عملية التهويد التي تطال كل شيء في المدينة المقدسة، وتقوم بها جمعيات استيطانية لا تجد عناء في توفير الأموال اللازمة لذلك، مع دعم واسع في كل الميادين من جانب الحكومات المتعاقبة في اسرائيل، وهذا يعني أن ما تتعرض له القدس والمقدسات فيها هو سياسة حكومية رسمية، تنفذها أدوات عديدة، متفقة على هدف واحد بات واضحا لم يعد خافيا على احد، واستمرار برامج التهويد الذي وصل الى حد العمل على تقسيم الحرم مكانيا وزمانيا، يؤكد أن اسرائيل ليست معنية اطلاقا بعملية سلمية مع الفلسطينيين، لذلك، يمكن القول أن الممارسات الاسرائيلية، أدخلت المدينة المقدسة في دائرة الخطر الجدي تفرض على أكثر من جهة ومحور وطرف تحمل مسؤولياتهم أمام خطر داهم، يريد أن يقتلع كل ما هو عربي واسلامي، وصل الى درجة التعرض للحرم القدسي الشريف، وهو مسجد اسلامي وجزء من العقيدة الاسلامية، والمساس به يمس كل مسلم على وجه هذه الأرض.
وإمعانا في التحدي، يعرض الشهر القادم على الكنيست الاسرائيلية مشروع قانون للتصويت عليه، وهو تقسيم الأقصى مكانيا وزمانيا تحت شعار مساواة الحق في العبادة للمسلمين واليهود وتخصيص مكان ومواعيد محددة لصواتهم، ويحظر المشروع تنظيم المظاهرات والاحتجاجات، وهذا الأمر مخطط له منذ أكثر من عام، لكن، الحديث العلني عنه، منذ أن تقرر عرض مشروع القانون المذكور على الكنيست.
هذا التمادي في الاعتداءات والمضي في برامج التهويد والتعرض للحرم القدسي الشريف، بوتيرة عالية ، مرتبط من حسيت مستويات التنفيذ، وتوقيته بالاحداث التي تمر بها الساحة العربية، ولا مبالاة الدول العربية لما تشهده مدينة القدس وتتعرض له من عمليات اقتلاع وتهويد وتغيير معالم.
ما تتعرض له القدس اليوم من تهويد هو "إعلان حرب" على الأمة الاسلامية بكافة شعوبها ، فالمساس بالحرم القدسي الشريف هو تعدٍ متعمدٍ وبسياسة ممنهجة على عقيدة هذه الامة التي صمتت طويلا على سياسة اسرائيل وانتهاكاتها، ومضت الى حروب داخلية تشعلها قوى الشر تكون هي وقودها، وهذا ما تشهده ساحات كثيرة، استغلت اسرائيل الأحداث فيها لتكثف وتصعد من اعتداءاتها.
هذه الامة التي تنتهك مقدساتها منذ بدء الاحتلال قبل عقود طويلة من الزمن، ما تزال صامتة على ما يجري، وهذا الصمت يشكل فرصة سانحة لاسرائيل لمواصلة انتهاكاتها وجرائمها، ما دام العجز يلف الأمة، وأبقاها مكبلة اليدين غير قادرة على وقف الاعتداءات على مقدساتها.
وأمام الاعتداءات والهجمات الاسرائيلية المسعورة، لا بد من وقفة صريحة وصادقة وبدون مواربة، فلم يعد الوضع الذي تعيشه القدس، عروبتها واسلاميتها ومقدساتها يستدعي المداهنة والصمت، مصارحة هدفها البدء بخطوات جادة لحماية المدينة قبل ضياعها والبكاء عليها.
أولا: هناك ست هيئات ومؤسسات اسرائيلية تعمل جميعها لتنفيذ برامج تهويد المدينة، إضافة الى وزارة باسم القدس، علاوة، على البلدية الاسرائيلية ووزارة الاسكان جميعها، لها مهام تنحصر في تغيير معالم المدينة ، بدعم حكومي صريح وواضح.
بينما في الجانب الفلسطيني، هناك اسماء تحمل اسم المدينة، عي عبارة عن لجان متصارعة، أكثر ما يمكن أن تقوم به، تصريحات كلامية، لا تسمن ولا تغني عن جوع، بعيدا عن التخطيط والتنسيق فيما بينها، وحتى الان لم ينجح الجانب الفلسطيني في اقامة مركز أبحاث خاص بمدينة القدس، وبالتالي، لجان القدس هي أسيرة للمعلومات والأرقام التي تصدر عن بلدية الاحتلال وبعض المجموعات المتعاطفة مع الفلسطينيين، تعيد نشرها بعد حذف الجهة التي أصدرتها.
وأخطر ما تتعرض له المدينة، هو ما تقوم به شركة تطوير القدس الشرقية، وهي شركة اسرائيلية تعمل على مسح الخطوط الفاصلة بين شرقي القدس وغربها، محدثة تداخلا بات من الصعب معه امكانية التوصل الى تسوية. أما في الجانب الفلسطيني، فهناك عجز في اقامة شركاء بناء لمواجهة هذه الشركة والبرامج التهويدية الاخرى التي تقوم بها العديد من المؤسسات الاسرائيلية. ويغيب عن المدينة ، أي اثر للاثرياء الفلسطينيين، الذين يتعمدون فقط استغلال وشراء مبانٍ قائمة كالفنادق من أصحاب لتصليحها واستغلالها، ولم يقم أي منهم ببناء مساكن أو شقق سكنية، في حين لا تعجز الجمعيات الاستيطانية عن توفير المال اللازم لتنفيذ عمليات استيطانية ضخمة داخل المدينة وفي جهاتها الأربع، كذلك، لا بد من الاشراة هنا الى العجز في خوض معارك دبلوماسية على الصعيد الدولي لفضح ومواجهة ما تقوم به اسرائيل في المدينة المقدسة.
أما على الصعيد العربي والاسلامي، فالعجز واضح، والصمت مريب، فما نسمعه عن دعم عربي ، فهو غير صحيح، والدول العربية والنفطية منشغلة في دعم العصابات الارهابية، وصولا الى تدمير الجيوش العربية خاصة ذات التأثير في سوريا والعراق ومصر، وهذا جزء وحلقة من مخطط تخريبي تشارك فيه هذه الدول وتموله، من شأنه اضعاف الصمود الفلسطيني، واشغال الامة عن الاخطار التي تهدد القدس، واعطاء الفرص لاسرائيل لمواصلة عدوانيتها، وتطبيق برامج التهويد والاقتصلاع، وتغيير المعالم في مدينة القدس، هذه الدول تسارع على الفور في الطلب من مجلس الأمن الدولي، بحشد الجيوش لشن الحروب على شعوب الأمة، ولكنها، أمام ما تتعرض له القدس، يصيبها العمى والصمم.
وهنا، يمكن القول، اذا كانت الأمة حريصة وقلقة على القدس ومعنية بالدفاع عنها ودعم صمود أهلها، فان المطلوب من شعوب هذه الأمة التحرك الجاد العاجل للجم أنظمتها والتصدي لخياناتها، حتى يمكن اجهاض وافشال برامج التهويد الاسرائيلية.

الملفات