2024-04-19 01:18 م

أنقرة وأربيل تستثمران في دماء "كوباني"

2014-10-23
كوباني/ لن تأخذ المعارك الدائرة في مدينة عين العرب (كوباني) السورية وجهتها شبه النهائية قبل أن تلقي تركيا بثقلها كاملاً لإدخال تعديلات على مشهد الجغرافيا السياسية لتوزع القوى الكردية في الشمال السوري. خلاصة باتت تؤكدها التطورات الأخيرة.

وأولى الأدوات التركية في هذا المجال، سعي أنقرة الحثيث خلال الأيام الأخيرة للاستعانة بحليفها الكردي الأول، رئيس إقليم كردستان في العراق، مسعود البرزاني، الذي دفع ببرلمان الإقليم يوم أمس إلى إقرار إرسال قوات من «البيشمركة» إلى «كوباني»، «للدفاع عنها» ضد هجوم تنظيم «داعش»، فيما لم يتضح ما إذا كان إرسال القوات سيكون بالتنسيق مع الحكومة المركزية في بغداد. ويأتي هذا القرار وسط الحديث المتزايد عن إمكانية انتقال نحو 200 عنصر من «البيشمركة» إلى «كوباني»، في مشهد أرادت سلطات أنقرة في تصريحاتها خلال الأيام الأخيرة أن يبقى غامضاً.
كلام أكثر وضوحاً قاله رئيس ديوان رئاسة إقليم كردستان، فؤاد حسين، في حديث إلى شبكة «روداو» الكردية. أشار إلى أن «الإقليم سيرسل أسلحة ثقيلة إلى كوباني»، مؤكداً أنه «لن تُرسَل قوة كبيرة من البيشمركة». وأوضح أنه «في اجتماعنا مع حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) والجهات السورية الاخرى، لم يطلبوا ارسال قوة كبيرة إلى كوباني، لكنهم طلبوا ارسال اسلحة لدعمهم، على الرغم من أن ارسال تلك الاسلحة يقتضي ارسال قوة معها تعرف كيفية استخدامها، لذا لن تذهب قوة كبيرة» من «البيشمركة» إلى هناك.
ولفت المسؤول العراقي الكردي إلى أن إقليم كردستان يجري مفاوضات مع الولايات المتحدة وتركيا منذ فترة في هذا الصدد، مضيفاً أن «اجتماعات ثنائية عقدت في اربيل وانقرة، واجتماعات ثنائية مع الولايات المتحدة، وثلاثية بين الجهات الثلاثة»، لافتاً إلى أن الاجتماعات مع الأتراك تناولت «ماهية موقف» أكراد تركيا «إذا سيطر داعش على كوباني، بالاضافة إلى سمعة تركيا الخارجية إذا اتبعت هذا النهج». وأكد أنه «اجري اجتماع مع الـPYD، وهم على اطلاع بذلك».
ويأتي حديث فؤاد حسين بالتوازي مع سلسلة اللقاءات التي عقدت في الأيام الأخيرة بين قيادات سورية كردية في مدينة دهوك في إقليم كردستان العراقي، بحثت أفق المواقف الكردية حيال التطورات في الشمال السوري، وتوصلت يوم أمس إلى اتفاق أولي سمي «اتفاق دهوك». وعموماً، ينقسم السوريون الأكراد بين طرفين: الأول، وهو الأضعف ميدانياً، يتبع «المجلس الوطني الكردي» وهو مقرب من البرزاني ومن «الائتلاف» السوري المعارض، فيما يتمثل الطرف الثاني بـ«حركة المجتمع الديموقراطي»، التي تضم حزب «الاتحاد الديموقراطي» بزعامة صالح مسلم، وتضم تالياً «وحدات حماية الشعب».
وجاء الإعلان الرسمي عن «اتفاق دهوك» في مؤتمر صحافي تلا فيه القيادي في حزب «الاتحاد الديمقراطي» الدار خليل بياناً قال فيه: «نظراً إلى أهمية توحيد الموقف الكردي، تقرر تشكيل مرجعية كردية مهمتها رسم الاستراتيجيات والسياسات العامة للكرد وتجسد الموقف الكردي في كافة المجالات المتعلقة بالشعب الكردي في سوريا». وأضاف ان المرجعية «تتشكل من حركة المجتمع الديموقراطي والمجلس الوطني الكردي واحزاب وفعاليات خارج الاطارين». وبخصوص «الادارة الذاتية» في المناطق الكردية في سوريا، التي تتألف وفقاً للرؤية الكردية من «ثلاثة كانتونات»، قال خليل: «تقرر الشراكة الفعلية فيها... وتوحيدها سياسياً وادارياً». وبشأن «الحماية والدفاع» ذكر أن «الجانبين وجدا أن واجب الحماية والدفاع عن غرب كردستان مهمة تقع على عاتق أبنائه، وهي مهمة تقع على الجميع»، لافتاً إلى أن «الاجتماع قدر عالياً الإمكانات الدفاعية والتضحيات الكبيرة التي قدمتها وحدات حماية الشعب وتوصل الجانبان الى قرارات مهمة بشأن تعزيز القدرات الدفاعية».
وليس «اتفاق دهوك» الأول بين تلك الأطراف، بل سبقه اتفاقان، لعل أهمهما «اتفاق هولير (أربيل)» الموقع نهاية عام 2012. ووصف مسعود البرزاني الاتفاق الموقع تحت إشرافه أمس بـ«التاريخي... وأفضل جواب لأعدائنا هو التوجه نحو توحيد الخطاب والتعاون والتعايش معاً».
وبينما قد يريح إشراف البرزاني على الاتفاق الطرف التركي، إلا أن الرئيس رجب طيب أردوغان استخدم أمس عمليات القاء المعدات والأسلحة الاميركية من الجو الى المقاتلين الاكراد في عين العرب ليهاجم مجدداً «أعداءه» من بين الأطراف الكردية. وقال إن العمليات «خاطئة»، لوقوع «المساعدات» في «أيدي حزب الاتحاد الديموقراطي» الذي تصفه أنقرة بـ«الإرهابي».
عموماً ستحدد الأيام المقبلة مدى نجاح أنقرة في استخدام ورقة البرزاني، وسيتبين أي وجهة ستأخذها الأطراف السورية الكردية. لكن المهم أن دمشق استبقت مساء أول من أمس الأحداث لتعلن عبر وزير إعلامها، عمران الزعبي، أنها لا تزال الطرف الأول ضمن المعادلة. وقال الزعبي ان سوريا قدمت «الدعم العسكري واللوجستي» لمدينة عين العرب، مضيفاً: «فعلت ذلك ولا أحد ينكر».
وتابع: «لن يقتطع شبر واحد من الاراضي السورية لصالح احد، لا عصابات ومجموعات ارهابية ولا دول ولا كيانات. فالاراضي السورية خط احمر ونحن مستعدون كمواطنين سوريين للدفاع عن الوحدة الوطنية والسيادة حتى آخر سوري في سوريا».
الكلام التحذيري الأقوى والمبطن أعلنته طهران أمس، حين قالت المتحدثة باسم الخارجية، مرضية أفخم، إن «مدينتي عين العرب وآمرلي (العراقية، التي اشتهرت أيضاً لدى قيام قائد فيلق القدس قاسم سليماني بالمشاركة بنفسه في معركة فك الحصار عنها) قد تحولتا إلى منطقتين مهمتين ورمزيتين لمقاومة الشعب في مواجهة الإرهابيين، ونأمل أن تحقق مقاومتهم نتيجتها في هزيمة الإرهابيين»، مضيفة في الوقت ذاته أن «المباحثات بين إيران وتركيا بناءة وايجابية، رغم وجود بعض الخلافات».
المصدر: صحيفة "الاخبار" اللبنانية