2024-04-17 01:53 ص

دمشق والقاهرة تواجهان " الإرهاب" ذاته

2014-10-27
بقلم: الدكتور خيام محمد الزعبي
المشهد الحالى فى الشرق الأوسط يشير بوضوح إلى أن الولايات المتحدة وحلفها الدولي ينفذون مخططاً كبيراً والهدف هو الجيش المصري، بإعتباره العمود الأساسي للدولة المصرية وأقوى الجيوش في المنطقة، وهو الجيش العربي الوحيد الذي صمد أمام مؤامرة الربيع الأمريكي التي نجحت في تدمير جيشي العراق وليبيا، وتشتيت الجيش السوري واليمني وفشلت في إستكمال المخطط التآمري في مصر، بخروج الشعب في ثورة حقيقية كبرى أسقطت المؤامرة الأميركية وأنقذت البلاد من النتائج الكارثية لربيع الفوضى الأمريكية، وأمريكا ذات وجهين الوجه الأبيض التي تحاول أن تظهر به أمام العالم تحت شكل الديمقراطية وحقوق الانسان والعدالة الإجتماعية، والوجه الحقيقي الأسود التي لا تظهره لأحد وهو إزدواجية المعايير في كل شيء وتحقيق حلمها هي وإسرائيل من النيل الى الفرات، فالحقيقة التي يجب أن ندركها بيقين إن هدف اأمريكا وحلفاؤها هو إبادة الشعب المصري والسوري والعراقي لصالح إسرائيل، وتصفية ما تبقى من بيت العرب من موروثات عالقة على غرار التضامن العربي أو العمل العربي المشترك. اليوم تستخدم أمريكا جماعات الإسلام السياسي كحليف ووكيل بالإنابة لها في منطقة الشرق الأوسط لتنفيذ مخططها "الشرق الأوسط الكبير" ، لضمان إستمرار هيمنتها و سيطرتها على المنطقة وضمان أمن إسرائيل، ونحن نعلم جيداً أن أمريكا هي التي تحرك العالم كله مثل لعبة الشطرنج وتستخدم كل الطرق الدنيئة واللعب بالفتنة الطائفية باسم الدين ونشر الفوضي وتقسيم الدول وتفتيتها الي دويلات من أجل نهب وإستغلال ثروات هذه البلاد وتقسيم الأدوار على بعض حلفاؤها مثل تركيا وقطر وغيرهم من الدول الأوربية الأخرى بما يحقق مصالحهما وأهدافهما ضاربين بعرض الحائط طموحات وأهداف وآمال الشعوب العربية التي تعاني من التشتت والضياع، وفي إطار ذلك ينبغى علينا أن لا ننخدع بالتصريحات سواء من الإدارة الأمريكية أو حلفاؤها بالمنطقة، لأن الإستراتيجية مازالت قائمة وإنما قد يتغير التكتيك، فالذي يحدث في سوريا ، وليبيا ، واليمن ، والعراق ، والشرق الأوسط بشكل عام هو تهديد مباشر لأمن مصر القومي، ينبغي معه مزيد من التضامن بين أبناء الوطن الواحد، ودعم مؤسسات الدولة المصرية والالتفاف حول القوات المسلحة وهو يخوض حرب حقيقية ضد الإرهاب الذي يهدد حياة ومستقبل الشعب المصري. إنه لم يكن مفاجئاً أن يعود الإرهاب إلى العبث في شبه جزيرة سيناء لأن العمليات العسكرية التي تكافح الإرهاب هناك حققت إنتصارات ونجاحات مميزة، فضلاً عن نجاح الأمن المصري في مداهمة عدة بؤر إرهابية إذ تمكن من ضبط مثيري الشغب، والمحرضين على العنف ضد عناصر الجيش والأمن، فالذي حصل في سيناء هي "حرب وجود" تتعرض لها الدولة المصرية، لكسر إرادة شعبها وجيشها، لكن قوى المعادية والإرهاب لن تفلح أبداً في تحقيق أهدافها، بفضل تكاتف المصريين ووقوفهم سداً منيعاً وراء جيشهم، وبالتالي فإن الأفعال الإرهابية، لن تثني المصريين عن تحقيق إرادتهم في تنفيذ إستحقاقات خارطة الطريق وإجراء الإنتخابات البرلمانية، مهما حاولت يد الغدر أن تنال منها ومن عزيمتها، وعلى رغم أن الحكومة المصرية تبذل جهوداً كبيرة في مجال مكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار بعد ثلاث سنوات من الفوضى والعبث بمقدرات وأمن البلاد، فإنها مطالبة اليوم أكثر من أي وقت مضى، بأن تضرب بيد من حديد، وأن ترد بمنتهى القوة بما يردع قوى الإرهاب ويقتص لأرواح الضحايا، وإنطلاقاً من هذا، فإن مواجهة هذا الإرهاب الأسود الذي يستهدف القوات المسلحة عمود الدولة المصرية، تتطلب أن يكون المصريون على قلب رجل واحد، وأن يدركوا أبعاد المؤامرة التي تحاك ضدهم، وأن يتصدوا لهذه القوى الظلامية التي تسعى بكل قوة إلى جر البلاد إلى الوراء والتخلف. وبالتالي إن استمرار الدم في كل من سورية ومصر مصلحة أمريكية إسرائيلية يريدونها مقسمة وملغاة من دورهما في الصراع العربي الصهيوني، حتى ينتج مشروع الشرق الأوسط الكبير ضد الوجود العربي، وعدم تحقيق نهضة وتطور بين البلدين والقضاء على فكرة القومية العربية وإبقاءهما خاضعتين للهيمنة الصهيوأمريكية، هناك أنظمة عربية وإسلامية صرفت أموالاً طائلة على تنظيمات إرهابية منها داعش بتخطيط أمريكي لإسقاط الدولة السورية والمصرية ودول عربية اخرى ضمن مشروع ما يسمى الشرق الأوسط الجديد، فالذي إستبعد سورية من الجامعة العربية هو من أتى بالحريق العربي الى كل من مصر وتونس وليبيا واليمن، وإنطلاقاً من ذلك، يجب على مصر أن تتبنى عودة سورية إلى الجامعة العربية حتى لو أدى ذلك إلى غضب الإدارة الامريكية وحتى لا تظن الدول الحليفة لأمريكا أنها قادرة على تحريك ما تريد أن تحركه، وفي إطار ذلك إن المجتمع الدولي مطالب بمساعدة مصر عسكرياً في محاصرة الجماعات الإرهابية في سيناء، وتقديم الدعم العملي للسلطة المصرية، والتضامن معها في حربها على الإرهاب، من خلال التعاون المشترك لقطع التمويل عن تلك التنظيمات على غرار الحرب التي أعلنتها أمريكا على تنظيم "داعش"، والتأكيد علي العلاقة الوثيقة التي تجمع بين التنظيمات الإرهابية المختلفة في المنطقة والتي تعتنق ذات الفكر والأيديولوجية المتطرفة وتتعاون فيما بينها علي المستوى العملياتي، الأمر الذي يفرض على المجتمع الدولي التعامل مع هذه التنظيمات على قدم المساواة من الأهمية والخطورة دونما التركيز على تنظيم بعينه وإغفال باقي التنظيمات الإرهابية. فأنا على يقين تام إن إعادة بناء العقد التحالفي السوري المصري هو الذي يستطيع الآن أن يقيم توازناً جديداً في المنطقة وأن يحدث تغييراً مهماً في معادلة إدارة الصراعات، كما إننا على ثقة تامة أن الشعبين السوري والمصري قادران على تجاوز وتخطي أزمتهما ومحنتهما الراهنة بفضل تماسكهم ووحدتهم الوطنية، لأنهم يدركون جيداً دورهم في المنطقة العربية من خلال عودتهم لتبوأ موقعهم ومكانتهم العروبية والقومية في مواجهة كل المشاريع الامبريالية في المنطقة العربية الرامية الى تجزئة وتقسيم الأقطار العربية وتفتيت وحدة الانسان العربي من المحيط الأطلسي حتى الخليج العربي. وأختم بالقول أن مصر وسورية وهما يتجهان لأن يكونان جزيرة من الاستقرار في منطقة شديدة الإضطراب، مدعوتان للوقوف صفاً واحداً وبحسم أمام الإرهاب الذي يهددهما في أكثر من مكان، ومن هذه النقطة يجب على الدول العربية العمل المشترك لدحر قوى الإرهاب وهزيمة هذا التيار المتطرف ورد هجمته عن منطقتنا ومجتمعاتنا وأهلنا. 
Khaym1979@yahoo.com