2024-04-25 01:55 م

أمريكا وتركيا .... والتحالفات المميتة !

2014-10-30
بقلم: الدكتور خيام محمد الزعبي
اليوم خُلطت أوراق الشرق الأوسط وهُزت خريطته التي رسمها الإستعمار الأوروبي وضُربت تحالفات ومواقف عمرها عقود بعرض حائط المصالح الوجودية لأنظمة الحكم القائمة، هذا الوضع المُستجد أعاد خلط التوازنات الإقليمية في سورية وإذ برموز الأنظمة القديمة تعود إلى الساحة السياسية من باب مكافحة الإرهاب القديم - الجديد مستفيدة من أجواء الحرب الأممية على تنظيم الدولة الإسلامية، فالمتتبع لتطورات الأحداث الحالية التي تتفاعل على الساحة السورية الموغلة في وحل وبراثن التحالفات والحروب بين أطراف عدة, وتضم بين ثناياها قوى خارجية, يدرك وجود تحالف أمريكي تركي لتحقيق مصالحهم وأهدافهم في سورية، هذا التحالف المثير للغرابة يفسر ان كل طرف (التركي والأمريكي) ليس لهما مبادئ ثابتة في حروبهما وهي ليست أكثر منها عشوائية على ان تكون منظمة, المهم في الأمر هو أن تركيا أصبحت اليوم مجرد أداة فوضى يتم إستخدامها تارة بواسطة حزب معين ضد احزاب أو شخصيات أو مؤسسات أخرى, وتارة تستخدمها قوى خارجية كأمريكا ضد أعدائها في شتى أنحاء العالم من أجل الوصول الى مبتغاها. بمتابعتي للأحداث لم أتفاجأ مما تخطط له تركيا لتلعبه في المنطقة، و المتابع البسيط لقضايا المنطقة والأمة الإسلامية يلاحظ بشكل واضح بأن أقل ما في تحركات تركيا في الفترة الأخيرة أنها مريبة، خاصة وأن تركيا تعتبر الحليف الرئيسي لما يسمّى إسرائيل في المنطقة وبينها وبين الكيان اليهودي إتفاقيات عسكرية وثيقة، واليوم تركيا تعلم بأن أمريكا في ورطة كبرى فيما يسمّى الشرق الأوسط الكبير، وأمريكا قد هيأت تركيا منذ فترة لتلعب دور ما في المستقبل تحسباً لأي طارئ، فتستخدمها كحصان طروادة لمشاريعها في المنطقة، وبذلك وجدت تركيا فرصتها لتلعب دوراً محورياً إقليمياً كبيراً، فتركت أمريكا تركيا تضرب متى شاءت في داخل العمق العراقي بعد التحرير الأمريكي، وأصبح العراق مستباحاً من قبل تركيا من غير أن يتكلم أحد عن هذه التدخلات، وهذا جزء من الثمن الذي قدمته أمريكا لتركيا، كما تم إعطاؤها صلاحيات لتسويغ مخططات العدو وقيادة المنطقة، وبالمقابل عملت تركيا في سورية منذ إنطلاق العدوان على سورية في صيف عام 2011 على تقديم مبررات عديدة للتدخل العسكري للأراضي السورية، ولعبت دوراً أساسياً في دعم الحركات الإرهابية وتأمين ملاذات آمنة لها وتسهيل حركتها، والهدف الرئيسي كان ولا يزال لأردوغان هو إسقاط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وتقسيم سورية وإقتطاع أجزاء من الدولة السورية وضمها الى "الإمبراطورية العثمانية"، كما هدفت من اللحظة الأولى لهجوم داعش على العراق على تسهيل كل ما يحتاجه داعش من لوجستيات بأموال قطرية، والهدف الرئيسي إقتطاع الموصل وضمها تدريجياً الى "المجد التركي" وبذلك تستعيد الدولة التركية أمجادها وسلطتها وسلطانها، ولتحقيق الحلم التركي خطط أردوغان لإقامة منطقة عازلة مبرراً أنّ دعوته لإقامة هذه المنطقة هي لحماية تركيا من نتائج عدم الاستقرار في سورية، والحقيقة هي أنّ تركيا وأمريكا وحلفاؤها تمثل القوة الإقليمية الرئيسية المسببة للأحداث في سورية وهي اليوم أهم مصدر للمال والسلاح إلى داعش وأخواته، وقد عملت تركيا على إنشاء مراكز التجنيد ومعسكرات التدريب ومخازن السلاح على الأراضي التركية لصالح جماعة الإخوان المسلمين وسائر تشكيلات المرتزقة المشاركة في الحرب على سورية. وفي سياق متصل فقد إنكشف الدور التركي الرئيسي في تأمين إقامة وتجنيد الإرهابيين الأوروبيين والأميركيين والأستراليين وتسهيل إنتقالهم إلى سورية، ومعركة كوباني وموقف الاتراك منها ما هو إلا دليل ساطع حول مخططات أردوغان وكل مساعيه للسيطرة عليها ورفض إدخال مساعدات عسكرية الى المدافعين عنها ومنع حتى وصول مقاتلين أكراد إليها، من كل هذا تريد تركيا إعادة رسم خريطة العالم العربي وفق حساباتها من سورية الى العراق وليبيا واليمن ولبنان، وما تشهده الساحة السورية من تفجيرات ومخططات إنتقامية لا ينفصل عن أجندة الدول الخليجية التي تريد الإطاحة بالرئيس السوري وتبذل ما في وسعها من أجل تحقيق هذا الهدف إنطلاقاً من أنّ الوضع السوري لا يتناسب مع سياستها الخارجية، ولم يعد خافياً على أحد بأن تعاون بين المليشيات المسلحة والكيان الصهيوني في مناطق الجولان، والحدود الأردنية السورية، وهذا مؤشر على أن إسرائيل ليست خارج مخطط يضم تركيا، بقيادة أمريكية لإسقاط دول المقاومة، لأن نهج المقاومة - وثقافة المقاومة، كل مابقي من القوة العربية والإسلامية، في مواجهة المشاريع الغربية. وهنا يمكنني القول إن قيادات داعش، هم صناعة أمريكية تدربت على إجرامها في السجون الأمريكية داخل العراق، وفي غوانتنامو ، للقيام بدور تخريبي وتدميري للإسلام وللعالم العربي، كما نشهد اليوم، وقد امتلكت السلاح والإعلام المتطور، والتجنيد العسكري، من خلال الدعم الأمريكي وفتحت تركيا أبوابها لكل الفصائل والجهات القادمة إلى سورية والعراق، بأوامر أمريكية صهيونية، ووفق مشروع تركي يهدف إلى إعادة السيطرة على العالم العربي من البوابتين السورية والعراقية. وأخيراً أختم مقالي بالقول أن هذه التحالفات المميتة قد تشغل سورية ويرهقها ويستنزف الكثير من قوتها وثروتها ودم أبنائها ويثير العديد من الفتن والصراعات غير أنه أصغر من أن يقوض وطناً أو يتسلم زمام المبادرة، فإنتصار سورية وخروجها سالمة من الأزمة وإستيعابها لدروس هذه التجربة الصعبة سيليه تغيير كبير في المعادلات والخرائط العربية والإقليمية وحتى الدولية بما من شأنه تحقيق إنطلاقة نوعية لقوى الممانعة والنضال الوطنية وضمان تفوق ساحق لها. 
Khaym1979@yahoo.com