2024-04-20 12:58 م

الفرعنة الأمريكية واللاءات الروسية ...

2014-10-30
بقلم محمد بكر*
يمضي التحالف الأمريكي قدماً في تظهير مواقفه المناوئة للإرهاب ويواصل تصوير مشاهده في الجزء الثاني من مسلسل النفاق وازدواجية المعايير, وبعيداً عن العفوية والأفعال " اللاإرادية " تحضر الأخطاء والعثرات عن سابق قصد لجهة المشهد الأخير في عين العرب إذ تحصّل فيه "داعش" على عدد من الأسلحة التي انحرفت عن وجهتها المقررة عن طريق الخطأ بحسب التبرير الأمريكي في صورة صارخة وتجسيد مثالي للكذب الأمريكي . المفارقة الأبرز في المشهد الحاصل على الساحتين العراقية والسورية فيما يتعلق بالعمليات العسكرية التي يقودها " تحالف الشياطين " المشكل بحسب المعلن لمواجهة الإرهاب, هي تنامي ذلك الإرهاب وتمدده واتساع رقعته وارتفاع وتيرة إجرامه ليطال كلاً من لبنان ومصر واليمن في ستهداف ٍممنهج لقدرات المؤسسات العسكرية لتلك البلدان ما يعزز نظريتي كونداليزا رايس وهنري كسينجر في الفوضى الخلاقة والإحراق من الداخل حتى بات ذلك الإرهاب بمنزلة " شريان الحياة " لتلك الفوضى والعامل الرئيس لديمومتها واستمراريتها . بموازة ذلك وبالتزامن مع الاستراتيجيات التي يطرحها التحالف الأمريكي يحضر التشخيص الدقيق من قبل الأطراف المعترضة على النهج والأسلوب الأمريكي في تعاطيه مع الإرهاب ويغيب " التداوي الفاعل" إذ وجدت فيه إيران ولا تزال تحالفاَ استعراضياً وكذلك عدته الدولة السورية تحركاً عديم الجدوى إذا ما استمر بذات الأسلوب لجهة استبعاد وعدم التنسيق مع الأطراف المعنية به في حين عده حزب الله وعلى لسان الأمين العام في اللقاء السنوي للعلماء والمبلغين بأنه عملية " تقليم أظافر" ورسم خطوط حمراء " لداعش " للوقوف عندها وعدم تجاوزها .وكذلك فإن الموقف الروسي من التحالف الأمريكي والقراءة الدقيقة لتوجهات واشنطن وحلفائها و" ازدراء" التحركات الأمريكية أحادية الجانب كان حاضراً بقوة في الخطاب الروسي وهو ما انعكس بصورة واضحة على تصريحات لافروف الأخيرة لجهة أن العلاقات الروسية – الأمريكية في حالة جمود ووصلت إلى طريق مسدود في بعض الملفات , ومن كانوا شركاء لروسيا في السابق " بحسب لافروف أيضاً " باتوا اليوم غير شركاء بسبب الممارسات الفردية خارج الإطار الدولي بدوره عد الرئيس الروسي من سماهم " الرابحون المفترضون " في الحرب الباردة بأنهم يسعون إلى إنشاء نظام جديد يناسبهم وحدهم مضيفاً أنه جرى إضعاف نظام الأمن العالمي من قبل عدة دول , وبالطبع لا يحتاج الأمر هنا للكثير من البحث والتدقيق لمعرفة أن المقصود هم دول التحالف أنفسهم. في اعتقادنا أن استمرار مسلسل إطلاق اللاءات والانتقادات في وجه الخطط والمشروعات الأمريكية والغياب المادي لمفاعيل " الفرملة " في وجه الاستراتيجيات الأمريكية المتبدلة والمتسارعة والمضي في ثنائية " ترقب ورصد كل ماهو جديد في جعبة الأمريكي وإفشاله " لن يصوغ أية قيود على اليد الأمريكية المستمرة في بطشها وغيها . صحيح أن إفشال مخططات العدو وعدم إيصالها للمآلات التي يرغب بها ويتمناها, يضع المُفشِل في خانة الانتصار إلا أنه يبقى في إطار " الانتصار المؤقت " إضافة إلى أن عملية الإفشال تلك تتطلب بذل مستويات قياسية من القدرات والإمكانات المادية والبشرية في حين لايخسر الطرف الآخر كل مايبذله المُفشِل, لطالما أن الأول يمتلك سيلاً من الأدوات والمجاميع التي تنفذ كل ما يخطه ويفكر به وما عليه هو سوى تغيير التكتيك والتحول من أبلسة لأخرى , ولاسيما أن المعركة مع ذلك النهج والتعامل مع تلك الاستراتيجية يتطلب وقتاً طويلاً وتالياً الاستنزاف الطويل والمستمر لقدراتنا ومواردنا ومؤسساتنا إذ أكد السيد حسن نصر الله أن المعركة لاتزال طويلة قبل الانتصار النهائي وأن محور المقاومة في موقع انتصار لطالما أنه يفشل خطط الأعداء وهو ما أكده الرئيس الأسد غير مرة لجهة أن المعركة طويلة ومعقدة . والمتابع اليوم لتطورات المشهد السياسي في الوصفة الأمريكيةالمسماة " ربيعاً " ولاسيما على الساحة السورية يدرك بدقة التحولات الحاصلة في السلوك الأمريكي وكيفية انتقاله من مرحلة لأخرى وصياغته المستمرة لسيناريوهات جديدة بأدوات ومسميات جديدة, وبالرغم من الكم العددي وجملة اللاءات المطروحةعلى طاولةالروسي في ساحات نزاعه مع الأمريكي والتشخيص الدقيق لحجم وخطورة الأمراض الأمريكية في المنطقة إلا أن كل الجرعات المضادة المأخوذة كانت ولاتزال في إطار المسكنات وهاهي المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية تعلن وبالفم الملآن وبعد مضي سنوات من الكباش السياسي الدولي عن مضي الولايات المتحدة في تعزيز القدرات العسكرية لما سمته المعارضة المعتدلة لتحسين جلوسها على طاولة المفاوضات . فهل يستمر مسلسل إفشال الخطط الأمريكيةوصولاً للانتصار النهائي ؟؟ أم إننا سنشهد تغيراً نوعياً في مجابهة الفرعنة الأمريكية تتورم معها اللاءات الروسية حاملة عودة قريبة للتاريخ ينفلت فيها الغضب الروسي بتوقيع خروتشوف الثاني ؟؟
 * كاتب فلسطيني مقيم في سورية .