2024-04-19 04:39 م

من تشرين التصحيح إلى تشرين التحرير ومقاومة الإرهاب

2014-11-16
بقلم : أكرم عبيد

لا شك إن الحركة التصحيحية المجيدة في سورية بقيادة الزعيم القومي الكبير حافظ الأسد , استعادت الوجه الأصيل لثورة آذار عام 1963 , وشكلت تحولاً استراتيجياً نوعياً في تاريخ سورية المعاصر , لمواجهة إرادة التزوير وتجسيد قواعد جديدة , لدولة القانون , وحققت جملة من الانجازات الوطنية , في مختلف المجالات الاقتصادية والعلمية والثقافية والاجتماعية والعسكرية والسياسية , وفي مقدمتها التعددية الحزبية في إطار الجبهة الوطنية التقدمية , التي جسدت الوحدة الوطنية الحقيقية بين أبناء الشعب العربي السوري , وشكلت النموذج المميز الذي يحتذى به , فاستعادت سورية من خلال الحركة التصحيحية دورها ومكانتها الريادية , على الصعيد القومي والإقليمي والتحرري العالمي بقيادة مفجر الثورة وملهما الزعيم القومي الكبير الخالد حافظ الأسد , الذي ربط الأهداف الوطنية , بالأهداف القومية .

وكان من أهم أولويات الحركة التصحيحية , التخطيط لإزالة أثار نكسة حزيران عام 1967, لاستعادة كرامة الأمة التي تجسدت بشكل علمي وعملي من خلال الانتصار الكبير في حرب تشرين التحريرية , التي قهرت الجيش الصهيوني الذي لا يقهر في أول حرب عربية صهيونية حقيقية في تاريخ الصراع العربي الصهيوني , من حيث التخطيط والإعداد والتنفيذ , لترسم معالم انتصارات المقاومة من فلسطين إلى  لبنان والعراق , لتصنع ثورة حقيقية من الذات العربية وعلى نفسها , على الواقع العربي المؤلم لتحطم جدار الخوف واليأس وتحيي الأمل من جديد في نفوس شرفاء الأمة , وتستعيد الكرامة المهدورة وتشكل مفصلاً تاريخيا في حياة الأمة , ليثبت للعدو قبل الصديق والشقيق , أن سورية التشرينين أصبحت رقم صعب على الصعيدين الإقليمي والعالمي , لا يمكن تجاوزها مهما حاول البعض من المتصهينين العرب تجاهلها , وفي مقدمتهم حكام المحميات الصهيوامريكية في الخليج وغيرهم من أنظمة الردة العربية المنصهينة , الذين يدركون أكثر من أسيادهم في الغرب بقيادة العدو الصهيوامريكي , أن سورية كانت وما زالت  تدفع ثمن مواقفها المبدأية الوطنية والقومية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية , وحقوق الشعب الفلسطيني , واحتضان المقاومة ودعم صمودها وتحقيق انتصاراتها على مجرمي الحرب الصهاينة , منذ هزيمة الاحتلال من جنوب لينان عام 2000 وتحرير الجنوب الذي شهده الزعيم الخالد حافظ الأسد واطمئن لمشروع المقاومة والصمود , قبل أن يرحل إلى الخلود الأبدي.

لهذا ومنذ اللحظة الأولى للتصحيح المجيد, ربط الزعيم الخالد مسألة الحرب والسلام في المنطقة بالقضية الفلسطينية , عندما قال " إن القضية الفلسطينية هي قضيتنا المركزية باعتبارها جوهر الصراع العربي الصهيوني وبالتالي هي محور نضالنا القومي " فصدق القول والفعل ورفض كل المشاريع والمخططات التسووية المجزوءة والمنفردة المشبوهة , ونبه إلى مخاطرها بشكل مبكر وقرع جرس الإنذار منذ أعلن رفض اتفاقيات كامب ديفيد الخيانية التي أخرجت مصر من معادلة الصراع العربي الصهيوني  , وأسست لانقسام الأمة العربية  .

لقد رحل الزعيم القومي الكبير حافظ الأسد , وهو في أوج العطاء والتضحية , وقد تميز بشخصية قيادية استثنائية فريدة , فكان الرجل الأخلاقي والإنسان , والزعيم العربي الوحيد الذي لم يفرط ولم يساوم ولم يستسلم ولم يصافح الأيدي الصهيونية الآثمة , ولم يفكر ولو للحظة واحدة للهرولة للبيت الأسود الأمريكي كما هرول الآخرون, لذلك كان وما زال بنظر كل شرفاء الأمة الزعيم الكبير الذي قاد الأمة في أصعب الظروف واعقدها من ركام الهزيمة إلىرحاب النصر الكبير , في تشرين التحرير الذي أسس لانتصارات المقاومة المتعاظمة من لبنان إلى فلسطين والعراق .

 وفي عهد خليفته القائد بشار الأسد باني سورية الحديثة , والامتداد الطبيعي لمدرسة والده الفكرية القومية النهضوية , منذ خطاب القسم في تموز عام 2000 حتى اليوم , الذي تابع نفس النهج والمسيرة الكفاحية لتزداد عمقاً وشمولاً, في سورية بشكل خاص, وعلى امتداد الوطن العربي الكبير بشكل عام , والتي تميزت بكلماته الشجاعة في القمم العربية , والتي كان من المفروض بنظر كل شرفاء الأمة , اعتمادها كمنهج ودليل عمل لتحقيق المصالح القومية العربية وأهدافها الإستراتيجية , وفي مقدمتها الاستمرار في حماية نهج المقاومة وتحقيق انتصاراتها المتعاظمة , التي أسس لها انتصار تشرين التحرير , بدءا من تحرير الجنوب اللبناني , إلى هزيمة الاحتلال من قطاع غزة المقاوم , وتفكيك مستعمراته عام 2005 تحت ضغط قوى المقاومة , حتى الانتصار الكبير للمقاومة الوطنية اللبنانية الباسلة بقيادة حزي الله المجاهد , على مجرمي الحرب الصهاينة في حرب تموز عام 2006 ,وليس انتهاءاً بالصمود الأسطوري للشعب الفلسطيني وقواه المقاومة الباسلة في قطاع غزة المحاصر في حرب الكانونيين نهاية العام 2008 بداية العام 2009 , إلى الانتصار العظيم للمقاومة الشعبية العراقية المسلحة الباسلة , التي دحرت جحافل تحالف الشر الغربي بقيادة الإدارة الأمريكية المتصهينة , إلى صمود الشعب الفلسطيني وقواه المقاومة التي حققت أهم انتصار على العدو الصهيوني رغم الإمكانيات المحدودة وحصار غزة هذا العام في تموز 2014 وفرضت شروطها عليه بالقوة .

 وبصراحة كل هذه الانتصارات تمت بدعم ومساندة سورية , التي تدفع الثمن غاليا من دماء أبنائها وتضحيات شعبها الجسام وجيشها المقدام , في مواجهة التآمر العربي والفكر الوهابي الإرهابي , حليف الصهيونية وشريكها في الأطماع والأحقاد على الشعوب العربية , هذا الفكر الذي حاول عبر عقود إلهاء الجيوش العربية , وحرف بوصلتها عن العدو الحقيقي, واستنزاف طاقات الامة العربية , وبناها التحتية , باستخدام الفتاوى والتحريض , بدعم من الصهيونية العالمية , تحت مسميات الثورات المزعومة , أو الربيع العربي , الذي لم يجلب للعرب سوى الويلات والدمار , استنساخا لمحاولات سابقة , لاستهداف  سورية , عبر حركة الإخوان المجرمين , التي خططت لتدمير المؤسسات الوطنية الخاصة والعامة , وفي مقدمتها المؤسسة العسكرية والأمنية المقاومة , واستهداف الكفاءات الوطنية , من خلال مسلسل الاغتيالات الإجرامية,  التي استهدفت العلماء وأساتذة الجامعات ورجال الدين والضباط , ومحاولة تدمير البنى التحتية عبر التفجيرات الإرهابية.

نعم ها هي سورية المقاومة والصمود اليوم , دخلت النصف الثاني من العام الرابع , للحرب الكونية المعلنة عليها بصمود أسطوري أذهل العالم , رغم التضحيات الجسام , بعشرات الآلاف من الشهداء الأبرار والجرحى , لحماية الوطن والمواطن ومواجهة الهجمة الإرهابية الوهابية التكفيرية , التي تعتبر الوجه الأخر للصهيونية العالمية , بفصولها الإجرامية الدامية , التي تتعمد في هذه الظروف العربية الصعبة , استثمار الأحداث في سورية والعراق ولينان واليمن ومصر وغيرها , لتحقيق أهدافها في تهويد القدس , وهدم الأقصى , لبناء ما يسمى الهيكل الثالث المزعوم , كمقدمة لإعلان قيام ما يسمى يهودية الدولة , بدعم ومساندة تحالف الشرالغربي , بقيادة الادارة الأمريكية , الذي استجلب عتاة الإرهاب العالمي من النفايات العالمية , وأقام لها معسكرات التدريب , وزودها بالمال والسلاح والتقنيات اللوجستية, والمعلومات الاستخباراتية , وتجيش وسائل الإعلام وإمبراطورياتها العالمية على مدى أكثر من ثلاث سنوات , للتحريض وكيل الاتهامات لسورية وجيشها المقاوم , لكنهم أمام صمود وعظمة الشعب السوري المقاوم , الذي صنع انتصار التشرينين  بتضحياته الكبيرة , والتفافه حول قيادته التاريخية بقيادة الرئيس بشار الأسد , وبدعم الأصدقاء , وفي مقدمتهم على روسيا وإيران ودول البريكس , وانتقل الإرهاب من هزيمة إلى أخرى تحت ضربات الجيش العربي السوري المقاوم .

واليوم يتلمس داعمو الإرهاب , من وهابيين وإخوان مجرمين , خطر صنيعتهم  داعش , التي نمت وترعرعت في أحضانهم النتنة , على الحقد وجز الرؤوس, والمجازر الجماعية , ونبش القبور , وتعميم ثقافة الفتنة المذهبية والطائفية, قبل أن تطال رؤوسهم العامرة بالخيانة, وخاصة بعد بروز تناقضات بين أصحاب مشروع داعش الإرهابي , ومشروع الإخوان المجرمين , هاذين المشروعين المجرمين الذيين توحدا بالشكل قسراً , على استهداف سورية قلب العروبة النابض , واختلفا بالمضمون , تبعا لواءاتهما السياسية لهذا النظام المتصهين او ذاك , فباتوا يطالبون بمحاربة الإرهاب , ويفتون بحرمته , بعد أن كان وسيلة لهم لنيل الحرية والديمقراطية المزعومة.

لكن التناقض الأكبر , كان في إستراتيجية الرئيس الامريكي اوباما المزعومة في محاربة إرهاب صنيعتهم  " داعش " بعد الخلط بين الأهداف السياسية والعسكرية وخاصة بعد استجابته لشروط النظام السعودي المعاق في دعم ومساندة ما يسمى المعارضة المعتدلة المزعومة بحجة مواجهة " داعش " على حد زعمهم مع العلم أن هذه المعارضات سبق لها وانضوت تحت يافطة " داعش " أو النصرة " وتجاوزت كل الخطوط الحمراء لأسيادها الذين يحاولون اليوم إعادتها لبيت الطاعة الصهيوامريكي يعد تهديد مصالحهم في العراق وتهديد لبنان لغاية في نفس الإدارة الأمريكية التي عادت إلى المنطقة من بوابة " داعش " وتحاول تحقيق ما عجزت عن تحقيقه عبر عصاباتها من خلال التدخل العسكري المباشر في المنطقة بشكل عام وفي  استهداف سورية بشكل خاص غير أن  الشعب العربي السوري المقاوم الذي صنع انتصار تشرين بتضحياته والتفافه حول قيادته وبطولات جيشه بدعم شرفاء الأمة بقيادة محور المقاومة وكل أحرار العالم وفي مقدمتهم إيران وروسيا والصين و دول البريكس وغيرها  انتقل الإرهاب من هزيمة إلى هزيمة تحت ضربات الجيش العربي السوري وقوى المقاومة بقيادة الرئيس بشار الأسد التي أصبحت في الربع ساعة الأخيرة من الانتصار الكبير لبناء نظام شرق أوسطي مقاوم جديد .

akramobeid@hotmail.com

الملفات