2024-04-20 12:24 م

مابين إرث عرفات ووصية البرغوثي .. الانقسام الفلسطيني إلى متى؟؟

2014-11-18
بقلم: محمد بكر*
ألف أيوب ٍ فيك, ومن أناملك الشاخصة للنصر تفجرت ألف ثورة ٍ , صبرت فقهرت جبروت السجان , وصابرت فكسرت قيد الطغيان , كيف لا وأنت الطافح رجولة ً وكرامة ً وبطولة ً في زمن ٍعز فيه الرجال وتكاثر فيه الهوان . من سجن "هداريم " الإسرائيلي كانت كلمات الأسير الفلسطيني القائد مروان البرغوثي حاضرة بقوة في الوجدان الفلسطيني , لامست الروح الوطنية لدى الأحرار والشرفاء وحركت مشاعر المقاومة التي لم يتوقف العمل على إخماد جذوتها وتجريدها من قوتها وسلب انتصاراتها خدمة ً للكيان الصهيوني , تلك الكلمات " التوجيهية " التي عكست بحق الحس الوطني العالي للقائد البرغوثي ومقاربته الصحيحة للمشهد الفلسطيني وفي مناسبة خاصة وذات وقع خاص عند الفلسطينيين على مختلف انتماءاتهم السياسية والحزبية وهي الذكرى العاشرة لرحيل الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات , إذ جاءت وصايا القائد البرغوثي في مرحلة خاصة أيضاً تغلغلت فيها أيادي الحقد والخبث لم تخرج بصماتها عن الفاعل الإسرائيلي ذو المصلحة الأولى والعليا في نسف وتخريب أي مصالحة فلسطينية – فلسطينية وفي توقيت مدروس لضرب كل مقومات التقارب الفتحاوي – الحمساوي و لاسيما مع عودة الحديث عن اتفاق قريب بين الحركتين , إذ تأتي التفجيرات التي شهدها قطاع غزة والتي استهدفت منازل لقيادات من حركة فتح في إطار تلبية الرغبات الإسرائيلية الجامحة في تفتيت الصف الفلسطيني والقضاء على ما من شأنه استيلاد أي عامل من عوامل الوحدة الفلسطينية, ما يهدد الوجود الإسرائيلي وكيانه الاستيطاني العنصري. للأسف تسارعت حلقات مسلسل " تقاذف التهم " للعرض مجدداً على المسرح الفلسطيني , التي لن تفضي إلى أية نتائج إيجابية ولن تصب في خندق المصلحة الوطنية الفلسطينية على الإطلاق بل على العكس ستزيد طين الانقسام بلة وتؤجج مشاهد التشرذم التي ضاقت بها أعين الشعب الفلسطيني ذرعاً وهو الذي بحت حناجره هتافاً وتأييداً لإنهاء الانقسام وتشكيل حكومة وفاق وطني يشارك فيها الجميع دون استثناء . ماطرحه القائد البرغوثي في كلمته من دعوات إلى التمسك بإرث عرفات ومبادئه وبخيار المقاومة الشاملة والبندقية التي استشهد من أجلها خيرة قياداتنا وأبنائنا بوصفه الخيار الأقصر لدحر الاحتلال ونيل الحرية, إضافة إلى مناشدته لدعم حكومة الوفاق الوطني, ومواصلة مسيرة المصالحة على أسس صحيحة ووقف التنسيق الأمني مع الاحتلال , كل ذلك يؤسس في اعتقادنا للمشروع الوطني الفلسطيني الفاعل القادر على مواجهة التحديات الجسام التي تفرضها السياسة الصهيونية الماضية قدماً في تصعيد مواقفها العدوانية والإجرامية ضد المقدسات الفلسطينية وأبناء شعبنا العظيم. في الذكرى لعاشرة لرحيل أبو عمار يجب التأكيد على أنه مهما كانت انتقاداتنا كفصائل وكتاب ومثقفين للأداء السياسي لياسرعرفات في جوانب ونقاط كثيرة منه , لكن الثابت في التاريخ الفلسطيني والذاكرة الفلسطينية أنه لا خلاف عليه كرمز تاريخي وقائد ذو" كريزما" خاصة ومميزة كان لها حضورها على المستوى الدولي والعربي ولاسيما الفلسطيني استطاع أن يلملم التناثرات الحاصلة في الصف الفلسطيني ويبوتق الخلافات إلى حد ٍ كبير في دائرة ضيقة عصية على التشظي والانفلات اللامحمود بعكس الحاصل اليوم على الساحة الفلسطينية التي تفتقد حالياً لقائد يمتلك الموروث القيادي الجامع الذي كانت تختزنه شخصية ياسرعرفات ولاسيما بعد "الانجرافات " التي أصابت "التربة الخصبة" لحماس بخاصيتها المقاوِمة والتحول الذي طرأ على سياسة ونهج العديد من قياداتها وكوادرها في ظل ما سمي بالربيع العربي ومارافقه من تدخل " غيرمبرر" في شؤون الدول الأخرى نصرة ً لجماعة وتعصباً لحزبية أساءت إلى السمعة المقاوٍمة وحرفت البوصلة عن القضية الأم فلسطين , إضافة إلى استمرار السلطة في تمسكها بالنهج التفاوضي والانسلاخ التدريجي عن منظومة الكفاح المسلح وتبني سياسة المقاومة الشعبية التي لم ولن تؤسس لحجر واحد في مشروع التحرير, ومضيها " أي السلطة " في إطلاق التصريحات التي تسيء هي الأخرى إلى التاريخ النضالي للشعب الفلسطيني, من عدم السماح باندلاع انتفاضة ثالثة إلى التنسيق الأمني مع الاحتلال, مروراً بما صرح به مؤخراً" رئيس السلطة " أبو مازن على شاشة تلفزيون العدو بأن السلطة مستعدة للذهاب إلى سبعة ٍ وخمسين دولة لتقنعها بالاعتراف بالكيان الصهيوني وتدعوها للتطبيع معه إذا ما اعترفت " إسرائيل" بدولة فلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية , ومن هنا كانت دعوة القائد البرغوثي إلى إعادة النظر في وظائف السلطة ومهامها وأن تكون مهمتها الأولى هي مساندة ودعم المقاومة الشاملة " أي بما فيها الكفاح المسلح " وهذا مالم يحدث و لم يتكرس تطبيقاً فاعلاً وحقيقياً في جدول أعمال السلطة الفلسطينية , وكما كان حصار و اغتيال الرئيس الراحل ياسر عرفات قراراً إسرائيلياً- أمريكياً بهدف إجهاض انتفاضة الأقصى المبارك بحسب ماجاء في كلمة البرغوثي , فإن اغتيال كل الجهود الرامية لتحقيق وفاق وطني فلسطيني, وإذكاء الفتن سيكون حاضرا أيضاًً في الفكر الإسرائيلي – الأمريكي لإجهاض أي ولادة لمصالحة فلسطينية – فلسطينية . إن قضيتنا الفلسطينية قضية عادلة بكل حيثياتها وصورها كان أبناؤها ولازالوا أصحاب الأرض لاتحتمل مزيداً من " الدفاع الفاشل " وعليه فلتصونوا الذكرى والإرث " العرفاتي " ولتحفظوا وصاياً البرغوثي نهجاً وتطبيقاً ولتنهوا الانقسام المقيت وإلا فلتتنحوا جانباً فالساحة ملأى بالمدافعين الناجحين . 
 * كاتب فلسطيني مقيم في سورية