2024-04-20 12:31 م

بين المؤامرة والحرب العالمية الثالثة الإسلام السياسي

2014-11-18
بقلم: الإعلامية مها جميل الباشا
عرّف تروشي (Truchy) الاقتصاد السياسي بأنه دراسة لنشاط الإنسان في المجتمع بقدر ما له علاقة بحصوله على الأموال والخدمات ...أو فن الحصول على إيرادات للدولة أو تحصيل الأموال لمصلحة الحكومة، محللون اقتصاديون آخرون عرّفه بأنه علم يدرس تسيير الموارد النادرة وطرق أشكال تحويلها. المجتمعات العصرية أو ما تعرف بالمجتمعات الغربية عندما يضيق عليها الحال الاقتصادي تسعى إلى تطبيق تعريف تروشي أو تعريف المحللين الاقتصاديين الآخرين سعياً منها إلى تحقيق الرفاهية المادية، لذلك حروبهم التي قامت سابقاً والتي تقام حالياً في الشرق الأوسط أو ما يسمونها المجتمعات البدائية إطارها واحد ألا وهو افتقاد الوعي في هذه المجتمعات الذي يحقق لها التقدم المادي. من هذا المنطلق نعي تماماً مدى العلاقة الوثيقة بين الاقتصاد والسياسة، وأن الصراعات السياسية القائمة في الشرق الأوسط بحجة من هنا وحجة من هناك ما هي إلاّ بوابة تخفي وراءها مصالح اقتصادية كبرى اجتازت المصالح التي قامت على اثرها الحربان العالميتان الأولى والثانية من بترول ومياه ... ما نشهده منذ قرابة الأربع سنوات حتى يومنا هذا من صراعات دموية وتدميرية تؤكد بأن ضخامتها تضاهي ضخامة حرب عالمية بامتياز، إذاً نحن أمام حربٍ عالميةٍ ثالثة. حربهم مظهرها إسلام سياسي، وباطنها جيو سياسي وللوصول إلى مبتغاهم لابد من الحصول على الكنز الغازي النفطي الهائل المكتشف حديثاً في حوض البحر الأبيض المتوسط الذي تقدر قيمته بنحو 122 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي وبنحو 107 مليارات برميل من النفط الخام الممتد من الساحل السوري إلى لبنان ومن ثم فلسطين إلى مصر ... التي أكدتها دراسات المؤسسة العامة للمسح الجيولوجي في الولايات المتحدة الأمريكية. إنصافاً للتاريخ: حربهم تلك انطلقت تحت شعار وسلاح الرموز الدينية الإسلامية أو ما يعرف بالإسلام السياسي إذا ما نظرنا إلى التسميات التي اطلقت على كتائبها وألويتها بغض النظر عن جنسيات جنودها، بدءاً من اتباع جيش الإسلام، أنصار الإسلام، أحرار الإسلام، جيش الأمة، الجبهة الإسلامية، أم المؤمنين، كتائب الفاروق وصولاً إلى جبهة النصرة وداعش الموجودة على الأرض السورية والعراقية " في حين لم تستخدم الجيوش الإسلامية سابقاً ذلك حتى ضد المشركين " اعتقدوا بان شعار الدين قد يسهل تنفيذ مآربهم التقسيمية بعد أن فشلوا في حروبهم التقليدية كما حصل في حرب تشرين التحريرية 1973 وصولاً إلى حروبهم مع المقاومة اللبنانية والمقاومة الفلسطينية ميدانياً وسياسياً . لذلك ما يُسرب من حين لآخر بأن الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني يسعيان إلى تنفيذ المخطط الذي اعتمداه لسياستهما المستقبلية وفق مشروع برنارد لويس عراب الصهيونية لتقسيم منطقة الشرق الأوسط إلى عدة دويلات صغيرة وضعيفة على أساس عرقي وطائفي ومذهبي للسيطرة على الغاز والثروات النفطية كما جاء في تصريحه لصحيفة وول ستريت، وأكدته صحيفة نيويورك تايمز صحيح مئة بالمئة بالوثائق التي نشرتها تظهر فيها تقسيم خمس دول إلى 14 دولة. تأكيداً على ما أقول لنستحضر ما حدث في مؤتمر "أنابوليس 2007" الذي كان في ظاهره دعوة للسلام العالمي لكن في مضمونه كان لتعزيز التحالف ضد الخطر الإيراني وتسهيل تفكيك الدول العربية والإسلامية إضافة إلى دفع الأتراك والأكراد والعرب والفلسطينيين والإيرانيين ليقاتل بعضهم بعضاً، كما فعلت أمريكا مع الهنود الحمر من قبل. إذا ما وضعنا امام انفسنا ما تتعرض له منطقتنا بشكل عام وسورية بشكل خاص من معارك دموية لا تميز بين طفل وامرأة وكهل .. بين عسكري ومدني على مختلف طوائفهم ومذاهبهم وتدمير للحضارة الإنسانية الممتدة منذ آلاف السنين ... يؤكد ما خطط له لويس آنفاً. لكن ما لا يتوقعه برنارد لويس عراب الصهيونية بأن مخططه سيصطدم بالبوابة السورية علماً بأن مخططه كان في طريقه إلى النجاح بدءاً من احداث تونس إلى ليبيا ومن ثم مصر في عهد مرسي إلى العراق لولا الصمود السوري. سؤال برسم المعنيين بالشأن العربي ؟ أليس الإخوان المسلمون من تسلّموا الحكم في مصر وتونس نتيجة ما يسمى الربيع العربي ؟ أين مصر وتونس اليوم من الإخوان المسلمين ؟ هل يمن اليوم هو يمن الأمس ؟ لماذا عادت الأحداث الليبية إلى الساحة الدولية بعد ان نالوا منها بعد اغتيال القذافي ؟ لماذا يحالون العودة إلى العراق مرة ثانية تحت مسمى خبراء عسكريين ؟ ماذا حققوا في سورية غير التدمير والقتل والتشريد ؟ بدأت مصر بعد سقوط مرسي ولاحقاً تونس بعد تنظيمها الانتخابات التي حُسمت لصالح العلمانيين تعودان إلى مواقعهما حيث كانت قبل نشوب الحرب الثالثة عليهما ما استدعى تدخلا عاجلاً تجلى ضغوطاً من هنا وضغوطاً من هناك من خلال التفجيرات التي تحدث في سيناء وغيرها. النقطة الأضعف بالنسبة إلى نوايا الغرب التقسيمية هي ليبيا لذلك عادوا إلى اشعال ساحاتها مجدداً خوفاً من اللحاق بمصر وتونس ... اليمن وما ادراك ما اليمن ... الأحداث الأخيرة الميدانية التي قصمت ظهر حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية حيث أسقطت كل مراهناتهم (السعودية وأخواتها) لينتهي بهم المطاف إلى تهديد أمن الخليج بشكل عام والسعودية بشكل خاص، لذلك سارعت السعودية إلى عقد قمة خليجية مستعجلة على أراضيها، التي تكللت بالمصالحة بينهم وبين قطر بعودة سفرائهم إليها، متعالين على جراحهم واستيائهم مما قامت وتقوم به قطر وحليفتها تركيا دعماً للإخوان المسلمين. في سورية المخطط التقسيمي كما خُطط له آنفاً فشل ولم يبق لهم إلا الرهان على (عين العرب) و (حيث آبار النفط) لكن سيفشل رهانهم كما فشل سابقاً، إذ ما نظرنا إلى الإنجازات الميدانية السورية سابقاً وحاضراً ولاحقاً إنشاء الله، وإلا أين نضع تحرير المناطق التي كانت تحت سيطرتهم على امتداد أشهر ؟؟ اضف إلى ذلك الأعداد الهائلة التي تمّ طردهم إما قتلاً أو إصابة أو أسراً. الحجارة التي دمرّوها تُبنى من جديد، البنى التحتية التي هدّموها تُعمر من جديد، الفوضى الخلاقة التي أوجدوها تُنظم، الآثار الاقتصادية الاجتماعية السلبية التي خلفتها حربهم يُعمل على إصلاحها وفق مشروع إصلاحي كبير بأيد وطنية بامتياز بشرط أن تكون المصلحة العامة تطغى على المصلحة الشخصية.