2024-04-20 01:47 م

العالم يحبس انفاسه ..لافروف إلى فيينا وظريف لم يغادر وكيري عدّل برامجه للبقاء

2014-11-22
إذا أردت أن تعرف ماذا سيجري في العالم فعليك أن تعرف ماذا يجري في فيينا، هكذا بدا العالم يحبس أنفاسه مع بيان البيت الأبيض عن خلافات جدية لا تزال عالقة في المفاوضات حول مستقبل الاتفاق حول الملف النووي الإيراني، 

لكن الأنباء اللاحقة عادت ونقلت عن مصادر متطابقة في فيينا، أنّ الوزيرين جون كيري ومحمد جواد ظريف توصلا إلى حلّ وسط يحتاج تشاوراً مع القيادة السياسية في كلّ من واشنطن وطهران، وراجت أنباء سرعان ما تبدّدت عن نية ظريف السفر إلى طهران لهذا الغرض، لتؤكد المصادر الإيرانية من فيينا أنّ ظريف باق على رأس الفريق المفاوض ولن يغادر فيينا إلى حين انتهاء المفاوضات.

الحل الوسط الذي صاغه كيري وظريف كان موضوع تداول مع حلفاء واشنطن في لندن وباريس، بينما بدا أنّ محاور الحلّ الوسط جاءت بعدما تعقدت المفاوضات بسبب العودة الأميركية إلى طرح قضية مفاعل ناطنز للبحث، انطلاقاً من كونه يعمل بالماء الثقيل، وكانت واشنطن تصرّ على استبداله لأنه ينتج مادة البلوتونيوم المشعّ المستخدمة بصورة فورية في تصنيع السلاح النووي، وعادت فقبلت التسليم ببقائه لتعود وتتراجع مجدّداً، فطرحت طهران في المقابل بقاء كامل أجهزة الطرد المركزي التي تشغلها ضمن سلة كاملة عنوانها، كل شيء في إيران لا صلة له ببعد عسكري للملف النووي، وهذه إفادة الوكالة الدولية للطاقة النووية، ولن نفاوض على تبديد أوهام، ولذلك لن نعدّل شيئاً من الموجود، من مفاعلات وأجهزة طرد مركزي.

يقول الخبراء إنّ إيران تشغل واحداً وعشرين ألفاً وخمسمئة جهاز طرد مركزي، وكانت قبلت بالاكتفاء بتشغيل عشرة آلاف وصولاً إلى سبعة آلاف وخمسمئة والصعود تدريجاً إلى العشرين ألفاً وخمسمئة خلال خمس سنوات، أيّ عام 2021 عندما تنتهي عقود تزويد روسيا لإيران بالوقود النووي لتشغيل مفاعلاتها.

مع تعقد الوضع، وتمسك الأميركيين والأوروبيين برفع تدريجي للعقوبات مقابل تخفيض إيراني تدريجي للقدرات ضمن خطة ثلاث سنوات، وهو ما رفضته إيران بالمطلق، مع تلميحات كيري بتدرّج رفع العقوبات بعد فقدان الرئيس أوباما غالبية الكونغرس، وتشدّدت إيران خصوصاً بعد تضمين مقترحات واشنطن منح مراقبي ومفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية صلاحيات جديدة، تتخطى مهامها التقليدية، مستوحاة من صلاحياتها في حالة تفكيك سلاح نووي وهو ليس الحالة الإيرانية، وهنا شعر الوفد الإيراني أنّ مشكلة واشنطن الداخلية هي السبب لضعف قدرة الرئيس الأميركي باراك أوباما على الوفاء بعهوده برفع العقوبات إذا تمّ توقيع الاتفاق.

تمّت المشاورات مع طهران وواشنطن، فعاد ظريف بخيار المغادرة إذا تجمّدت المفاوضات عند هذا الحدّ وصار فشلها محتوماً، ويبدو أنّ هذا هو مصدر الالتباس في الإشاعة حول سفر ظريف، بينما عاد كيري بالدعوة إلى خلوة ثنائية إيرانية أميركية، للبحث في تغيير قواعد البحث عن الحلول، وخرج الوزيران بما قالت مصادر أوروبية إنه تفاهم صاغه كيري وظريف لجدول مفاوضات يسهّل التوصل إلى التفاهم.

اتصل كيري بنظيره الروسي سيرغي لافروف، طالباً المعونة لإنقاذ فرص التفاهم، وجرت اتصالات إيرانية روسية وأميركية روسية مكثفة متواصلة، سيختمها لافروف بالسفر اليوم إلى فيينا للوقوف على رأس وفد روسيا في إدارة المفاوضات وتقديم الحلول التي يعتقد الروس بحصيلة تشاورهم مع الفريقين الأميركي والإيراني أنها قابلة لتشكيل قاعدة التفاهم، والأهمّ لمنح الضمانات التي يريدها كلّ من الفريقين لالتزامات الفريق الآخر من جهة ولعدم إساءة استخدام التزاماته من جهة أخرى، ووفقاً لمصادر وثيقة الصلة بالمفاوضات، يبدو أنّ لافروف سيقدم لإيران ضمان موسكو لعدم تعرّض أدائها النووي لأيّ تحرش مفتعل تحت عنوان وكالة الطاقة الذرية طالما تلتزم بنود الاتفاق، مقابل ضمانته لأميركا أنّ رفع العقوبات عن إيران لن يطلق يدها لاستثمارات متصاعدة في الملف النووي لخلق أمر واقع جديد، ويبقى وفقاً للمصادر المتابعة ملف العقوبات وآلية رفعها، في ضوء الارتباك الأميركي والإصرار الإيراني.

اليوم كلّ العالم عيونه على فيينا لترقب كلّ خطوة وكلّ كلمة، وفي بيروت عيون حزينة لاستقبال عيد استقلال باهت، فلبنان يتحقق من فقدانه للاستقلال مع شغور سدة رئاسة الجمهورية بقرار خارجي واضح، بوضع الفيتو السعودي على المرشح الرئاسي الأبرز العماد ميشال عون، كما تأكد من تراجع تيار المستقبل عن التفاهمات التي كانت قد قطعت شوطاً مهماً حول الملف الرئاسي قبل الفيتو السعودي.

لبنان الفاقد للاستقلال صار اليوم بلا عيد رسمياً، وتمرّ المناسبة بلا احتفالات، تحت شعار الظروف الراهنة الحرجة والدقيقة، واللبنانيون يسألون: متى لم نسمع كلمة الظروف الحرجة والدقيقة؟تحل اليوم الذكرى الـ71 لعيد الاستقلال من دون احتفال رسمي كما كانت العادة كل عام، في القصر الجمهوري في بعبدا بسبب شغور رئاسة الجمهورية منذ 6 أشهر ونيف، وإصدار رئيس الحكومة تمام سلام تعميماً قضى بإلغاء الاحتفالات الرسمية للمناسبة في ظل الأوضاع الراهنة».

المصدر: صحيفة "البناء": اللبنانية