2024-04-20 04:42 ص

لماذا لا يواجَه إرهاب المستوطنين بإدانة دولية مناسبة؟ هل نحن مقصرون بحق انفسنا؟ أم ماذا؟

2014-11-24
بقلم: أليف صبّاغ*
"بعد منتصف الليل اقدم مستوطنون اسرائيليون على اشعال النيران في بيت، بمن فيه من سكان، في خربة ابو فلاح قضاء رام الله، وفقط ، بسبب يقظة صاحبة البيت التي استفاقت، وهي تسمع اصوات الضرب على الباب ومن ثم تكسير الشبابيك وصب مواد حارقة الى داخل البيت وثم اشعالها، نجت هذه السيدة من الموت المؤكد في الفرن المصنوع صناعة اسرائيلية خالصة".
هذه ليست المرة الاولى التي يقوم بها قطعان المستوطنين الاسرائيليين، مدعومون من حكومة  وجيش الاحتلال، بعمليات حرق مشابهة وعمليات قتل ودهس اطفال ونساء واطلاق نار على المواطنين الفلسطينيين العُزّل، او حرق المزروعات او تقطيع اشجار الزيتون  وغير ذلك دون رقيب او حساب، لا من المحتل الاسرائيلي طبعا ولا من السلطة الفلسطينية صاحبة الحق والواجب في الدفاع عن مواطنيها. اضافة الى ذلك ، تحوّل اسرائيل، ووسائل اعلامها الرسمية وغير الرسمية، كل حادث طرق يشترك به فلسطيني ويكون ضحيته يهودي الى عملية دهس ارهابية، بينما يقوم المستوطنون بعمليات دهس مقصودة داخل القرى والمدن الفلسطينية، ويقتل فيها اطفال ابرياء وتتحول اوتوماتيكيا في نظر اسرائيل، واحيانا في وسائل الاعلام الفلسطينية ايضا، الى حادث طرق عادي، لا يتطلب حتى التحقيق فيمن فعل ذلك او تقديمه للمحاكمة. وفي الوقت الذي تصدر فيه حكومة اسرائيل توجيهاتها الى قوى المسلحة والمدنيين على حد سواء، بضرورة قتل اي فلسطيني يقوم بعملية مشابهة لما يقوم به المستوطنون او حتى بحادث طرق عادي، يسمونه عملية دهس مقصودة، تقوم السلطة الفلسطينية واذرعها المدنية والامنية بحماية اي مستوطن يقوم بعملية ارهابية ضد فلسطينيين، خشية ان ينتقم منه الضحايا، وتسليمه الى الجهة الاسرائيلية عبر حلقات الارتباط المدني او العسكري، لكي يتم تحريره بعد ذلك دون عقاب.
لكن الأنكى من هذا وذاك، هو كيف يتم عرض الحدث اعلاميا وسياسيا وكيف يتم استثماره في الصراع على الرأي العام الدولي او المحلي، في الاجابة على السؤال، من هو الارهابي؟ ومن هو المسؤول عن العمليات الارهابية ومن هو المعتدي وما هي الاسباب؟.
لسنا بحاجة للعودة الى سنين سبقت او اشهر عديدة سبقت، فيكفي ان نعود بضع ايام فقط الى الوراء لنلاحظ ما يلي: عندما يكون ضحية الحدث فلسطينيا، لا تتناوله الصحافة الاسرائيلية الا قليلا ، وتجد للفاعل كل المبررات لما قام به، فتربط الحدث بما قبله، او قبل قبله، او تنسب للفلسطينيين قصدا او ما الى ذلك ليتحول الارهابي اليهودي الى مسكين او تحويل القاتل الى ضحية، فالمستوطن الارهابي المتطرف يهودا غليك تحول في نظر الاعلام الاسرائيلي، الى حمامة سلام، يحب العرب بمن فيهم من حاول قتله!  وتناسى الاعلام، عن قصد، ما يقوم به هذا الارهابي من تجنيد للمستوطنين وقيادتهم لاقتحام باحة الحرم الشريف اسبوعيا. 
 قد نفهم الاعلام الاسرائيلي المجنَّد بالكامل لنشر الرواية الصهيونية وان كانت مختلقة وبعيدة عن الحقائق الموضوعية، ولكن كيف يمكن ان نفهم قيام بعض وسائل الاعلام الفلسطينية بتبرير الأفعال الارهابية للمستوطنين من خلال ربط جرائمهم بما سبقها من عمليات فلسطينية؟ كيف يمكن ان تقول وسيلة اعلامية فلسطينية إن العمل الارهابي الذي قام به المستوطنون الليلة الفائتة بحرق بيت فلسطيني بمن فيه في قرية خربة ابو فلاح- قضاء رام الله، جاء "ردا" على عملية الكنيس قبل اسبوع؟ لا ادعي ان الوسيلة الاعلامية الفلسطينية تقصد تبرير جرائم المستوطنين ولكن النتيجة والاستنتاج الذي يبقى في ذهن القارئ يشير الى ذلك.
في مراجعة سريعة الى العمل الارهابي الذي قام به المستوطنون خلال الليلة المنصرمة، نجد ان عشرات المواقع الاعلامية الفلسطينية خاصة والعربية عامة نشرت الخبر، وفي غالبتها استخدمت النص نفسه والعنوان نفسه، ولكن لو تخيلنا ان الضحية في مثل هذا الحدث هو اسرائيلي، فأيّ حملة اعلامية يمكن ان تقوم بها اسرائيل؟ من نشر اخبار وروايات حقيقية ومتخيلة ومقابلات ببث مباشر وغير مباشر، باللغات المختلفة بهدف استدرار العطف العالمي والتضامن مع اسرائيل. وكم من تصريح ورسالة يمكن ان يوجهها رئيس الحكومة الاسرائيلية الى حكومات العالم والمؤسسات الدولية يطالبهم فيها برفع صوت التنديد والاستنكار ضد الفلسطينيين؟ واي اتهامات يمكن ان يكيلها الى رئيس السلطة الفلسطينية ورؤساء التنظيمات المختلفة؟ واي اجراءات يمكن ان يتخذها ضد كل من هو فلسطيني، وكأن اسرائيل هي الضحية الكبرى والمسكينة التي لا بد للعالم ان يحميها ويساعدها في محاربة الارهاب، يا حرام!  
هنا لا بد من السؤال، لماذا لم تَرقَ جريمة احراق بيت فلسطيني، بما فيه من سكان، في خربة ابو فلاح، الى مستوى عملية ارهابية وجريمة نازية تستحق الادانة الدولية؟ لماذا لم تتوجه وسائل الاعلام الفلسطينية الى كل من يدعي رغبته بالسلام في اسرائيل ليستنكر هذه العملية الارهابية كما تفعل وسائل الاعلام العبرية مع اعضاء الكنيست العرب ومع كل عربي لديه منصبا رسميا؟ ماذا فعل الناطقون الاعلاميون باسم "فتح" وباقي التنظيمات الفلسطينية لفضح السياسية الاسرائيلية المتمثلة بجرائم المستوطنين الارهابية؟ هل يكفي ان ننتظر طلبا من وسيلة اعلامية للتعليق على الحدث؟ ام ان علينا المبادرة للوصول الى العالم؟ وهل يكفي ان نصدر بيانا ونأمل ان يقوم احد المراسلين الاجانب بترجمته الى لغته؟ هل يكفي ان نتحدث مع انفسنا، لنقتنع اكثر واكثر ان اسرائيل لا تريد السلام؟ هل يجوز لنا، وبالذات للمسؤولين الفلسطينيين عن العلاقات الدولية ان يناموا هذه الليلة دون ان يهتموا بإصدار بيانات التنديد من كل القوى الدولية التي نددت بعملية الكنيس اليهودي قبل اسبوع؟ هل يجوز ان ينام المسؤولون الاعلاميون في السلطة قبل ان يجهزوا قائمة طويلة من جرائم المستوطنين في الاسبوع الاخير، على الأقل، والتي لم تحظ بما تستحق من ادانه دولية وتسليمها الى كل وسائل الاعلام المحلية والدولية والمؤسسات الدولية على حد سواء؟ هل يجوز لقوى الامن الفلسطينية ان تنام دون مراجعة الاحداث المتتالية والعمل على تأمين حياة المواطنين الفلسطينيين في وجه ارهاب المستوطنين المتصاعد كل يوم؟ اليس هذا هو الواجب الاساس لأي قوى أمنية في العالم؟ ام ان القوى الامنية الفلسطينية لها ربُّ آخر ودور آخر؟ اتمنى ان تكون الرسالة قد وصلت الى من يهمه الامر. 
* كاتب فلسطيني من الجليل