2024-03-29 09:46 ص

مشروع قانون القومية.. اتفاق على الجوهر وخلاف على الصياغة * تأثيرات سلبية خطيرة على الفلسطينيين والعرب * "استعدادات وقائية" لانتخابات مبكرة في اسرائيل

2014-11-26
القدس/المنــار/ كتب محرر الشؤون الاسرائيلية/ ليس هناك خلاف بين الأحزاب الاسرائيلية على سن قانون يهودية الدولة، وأن اسرائيل هي الوطن القومي لليهود، هذا الشعار الذي يؤثر بانعكاساته السلبية الخطيرة على العرب، ويؤثر سلبا على المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي. مشروع القانون هذا لا يتحدث فقط عن أراضي العام 1948، بل أيضا حق اليهود في "أرض اسرائيل" أي من البحر الى النهر، ويرى الاسرائيليون في ذلك حقا تاريخيا لهم، وأن أي "تنازل" من جانبهم للفلسطينيين هو "منّة" لا أكثر.
واقتراح قانون القومية، هو اقتراح من حزب الليكود والبيت اليهودي  ويتبناه نتنياهو لدواعٍ وأسباب مختلفة، من بينها محاولة استغلال هذه الورقة في صراعاته الداخلية في الليكود، وفي منافساته مع "بينت وليبرمان" على تزعم معسكر اليمين في اسرائيل، ويعتبر هذا القانون في حالة اقراره من أخطر القوانين التي تمس بالمواطنين العرب في اسرائيل.
وليس القانون وانما صيغته هي غير المتفق عليها، وتشكل تحديا كبيرا لائتلاف نتنياهو الحكومي، وأول من طرح هذا الاقتراح هو آفي ديختر عندما كان عضوا في حزب كاديما. وأعاد أعضاء الكنيست من الليكود والبيت اليهودي طرح اقتراح القانون من جديد على الكنيست، ويهدف اقتراح القانون الى تحديد هوية دولة اسرائيل وتعريفها كدولة قومية للشعب اليهودي، وينص اقتراح القانون على أن "أرض اسرائيل" هي "الوطن التاريخي" للشعب اليهودي ومكان اقامة دولة اسرائيل.
هذا الاقتراح ليس وحده الذي يؤثر على الحكومة، المختلفة عليه من حيث الصياغة لا أكثر، وانما هناك الكثير من "المطبات" التي قد تسقط حكومة نتنياهو الحالية التي تحمل رقم (33) منذ قيام اسرائيل، وخرجت الى النور بعد عملية ولادة عسيرة للغاية، حيث كان هناك اصطفاف وتحالف بين حزب البيت اليهودي برئاسة نفتالي بينت وحزب هناك مستقبل برئاسة يائير لبيد، وهذا الاصطفاف منذ بدايته وحتى فترة قريبة كان يشكل تحديا كبيرا لنتنياهو، قبل أن تفترق المصالح لكل من لبيد وبينت، حيث اضطر نتنياهو في بادىء الأمر وخلاله تشكيله للائتلاف الى الانتظار حتى الدقيقة الأخيرة من الوقت المحدد له لتشكيل الحكومة، في عملية ابتزاز واضحة خضع لها من جانب لبيد وبينت، حكومة نتنياهو الحالية التي حلفت اليمين في الثامن عشر من اذار 2013، غاب عنها المتدينون في سابقة ملفتة تحدث لأول مرة منذ الحكومة الـ 26، والحكومة برئاسة نتنياهو تعيش أزمة تهدد بقاءها، فهي منذ اللحظة الأولى ضمت مشاركين يبحثون عن تحقيق انجازات وعدوا بها ناخبيهم خلال الحملة الانتخابية، ويعتبرون الحكومة مرحلة انتقالية لتعزيز قوتهم باتجاه جولة انتخابية قادمة، وهذا الأمر ينطبق على لبيد، الذي كان يبحث عن تحقيق انتصارات تسعد الطبقة الوسطى في المجتمع الاسرائيلي من خلال تمرير تعديلات على القوانين الضريبية. ولكن ، حتى الان، شكل اختيار لبيد لحقيبة المالية اختيارا غير موفق، حيث تآكلت أسهمه في أوساط الناخبين، خاصة وأنه من ناحية تقليدية، فان حقيبة المالية تعتبر حقيبة "مكروهة"، لما يمكن أن يصدر عنها من اجراءات تمس بجيوب المواطنين، وبالنسبة لبينت، فانه الاخر رآى أن هذه الحكومة فرصة وجسرا لتعزيز مكانته، والاثنان لبيد وبينت يخوضان تجربتهما الأولى في العمل الحكومة وطموحهما "حدوده السماء" وكل منهما يرى بأنه رئيس الوزراء المستقبلي.
وأيضا تسيفي ليفني، هي الاخرى تمنت حدوث اختراقات في الملف التفاوضي مع الفلسطينيين الذي تسلمته، وبررت مشاركتها في حكومة نتنياهو على اساسه، وهو ملف لم تتحقق فيه اية اختراقات، وهذا يعني سقوط السبب الرئيس لبقاء ليفني في الحكومة. وليبرمان هو الاخر وجد أن تحالفه مع الليكود يمس بمكانة حزبه ويضعفه فقرر فك هذا التحالف واصبح التحالف كتلتين وقائمتين بعد أن خاضا معا الانتخابات الاخيرة، وليبرمان الذي التحق بتركيبة الحكومة متأخرا بسبب قضايا جنائية، كانت تنظر فيها المحاكم في اسرائيل يعتبر نفسه مناقسا قويا على قيادة المعسكر الوطني "اليمين" في اسرائيل.
ان المادة اللاصقة التي يمكن من خلالها تثبيت الائتلاف ضعيفة جدا، فكل له ايديولوجيته ومختلفة عن الاخر، لكن، هذا لا يعني أن عناصر الائتلاف جميعها دون استثناء معنية بالذهاب الى انتخابات مبكرة.
واللاصق الوحيد القوي والمؤثر هو اللاصق الموجود على كرسي المنصب، الذي يجلس عليه "المؤتلفون".. فالوزير يبقى وزيرا وعضو الكنيست يبقى على مقعده في البرلمان.
ويرى البعض في اسرائيل أن الحكومة الحالية ولدت مشوهة منذ اليوم الأول، فهناك عدم تجانس خطير بين مكونات الائتلاف، وانعدام التجانس بين أطراف الائتلاف يمنع الحكومة من مواصلة طريقها حتى نهاية المدة القانونية المتبقية لها، ومن أبرز ما يهدد هذه الحكومة ، ليس مشاريع القوانين المختلفة عليها بين الشركاء في الائتلاف، وليس عملية تمرير الميزانية للعام 2015، بل هو غياب عامل الثقة بين المكونات في الائتلاف الحكومي، وهذا يعني أن كل طرف يشعر بأن الطرف الآخر يستعد لافتعال أزمة واسقاط الحكومة في توقيت يراه مناسبا له، لكن، نتنياهو يحاول أن يجر الائتلاف لاطول فترة زمنية ممكنة هروبا من انتخابات مبكرة، فلا أحد يمكن أن يعلق مستقبله السياسي بهذا الاستطلاع أو ذاك، ولا أحد داخل الحكومة يرغب في تبكير الانتخابات اذا أردنا أن نستثني حديث بينت عن عدم تخوفه من انتخابات مبكرة، وهو صادق في ذلك، فهو نجم صاعد في اليمين وغير مرشح للسقوط أو التراجع ولديه فرص كبيرة للتقدم، لكنه، في ذات الوقت لا يدعو الى الانتخابات بشكل علني وصريح.
أما نتنياهو الخبير في ادارة الشؤون الداخلية والمناورة يدرك أن هناك تحديات كبيرة تنتظره خلال المرحلة القادمة، معظمها تحديات داخلية وصولا الى داخل البيت "الليكود"، لذلك، هو يستعد بالفعل لامكانية تبكير الانتخابات، وهناك انتخابات داخلية لاختيار من سيترأس الحزب في الانتخابات المقبلة في حال تم تبكيرها بالفعل، أي أن الاستعدادات التي يقوم بها نتنياهو حتى الان تجري تحت العنوان العربيض "الاستعدادات الوقائية" ويحاول تجاوز بؤر التوتر والتمرد داخل حزبه والانتخابات الداخلية التي ستتم بداية شهر كانون ثاني القادم على الاغلب، ومن شبه المؤكد أن تنتهي بتصدر نتنياهو لقائمة الحزب في أية انتخابات مقبلة، لكن، ليس هذا الخيار الوحيد المتبقي أمام نتنياهو أي الذهاب الى انتخابات مبكرة ، بل سيحاول بكل قوته أن يجر الائتلاف الحالي الى أبعد فترة زمنية وأقرب محطة، لكن، هناك تحديات كبيرة في الطريق، وهناك تنوع في المصالح داخل الائتلاف ستجعل مهمة صعبة، وهناك باب للهروب قد لا يكون آمنا، وهو تشكيل ائتلاف جديد والاستغناء عن حزب هناك مستقبل برئاسة لبيد وضم الاحزاب اليهودية المتزمتة كحركة شاس ويهدوت هتوراة، لكن، من غير الواضح، اذا ما كانت المفاوضات التي تدور حاليا والاتصالات التي يجريها مقربون من نتنياهو مع قيادات الاحزاب اليهودية الدينية المتزمتة ستؤدي الى نشوء ائتلاف جديد، وامكانية عقد تحالفات مع تلك الأحزاب خاصة وأن هناك شعورا عميقا بالمرارة والخيانة، والغضب الى درجة الحقد على نتنياهو بسبب تخليه عن الاحزاب الدينية، خلال تشكيل الائتلاف الحكومي الاخير وتفضيله وضع يده مع لبيد والاستغناء عنها، لكن، بالتأكيد رياح الانتخابات بدأت تهب على الساحة الاسرائيلية، ولو تأجل سقوط الائتلاف الحالي فان هذا لا يعني أن الانتخابات أصبحت بعيدة، فنتنياهو كما يؤكد المقربون منه لم يعد يتحمل مزيدا من الابتزاز والتهديد بورقة حل الائتلاف التي تلوح بها بعض الاحزاب المشاركة فيه، لذلك، وهو لا يستبعد أن يخوض منافسة انتخابية مبكرة، ويذهب الى انتخابات جديدة على خلفية الخلافات الخاصة بقانون القومية، وهو أمر ايديولوجي يمكن أن يشكل ورقة مهمة، يؤكد نتنياهو من خلالها تمسكه بما تجمع عليه أطياف اليمين في اسرائيل، كما هناك بعض الاشارات التي تدل على أن اسرائيل مقبلة على انتخابات مبكرة ومن هذه الاشارات حالة الاقبال التي نراها على المناسبات الاجتماعية الخاصة للعناصر المحورية والرئيسة في مركز الليكود، وهذا الامر يؤكد أن المحاور الرئيسة في الحزب المذكور باتت تستشعر باقتراب المعركة الانتخابية، ومقربون من نتنياهو يؤكدون أن الانتخابات سيجري تبكيرها، وأن الحكومة لن تستطيع الصمود بتركيبتها الحالية غير المتجانسة الى ما أبعد من شهر أيلول 2015.