2024-04-25 05:01 م

أمريكا وأنقرة.. الخلاف على الأولويات لا الأهداف * واشنطن نجحت في "تخدير الخلايجة" والجيش السوري الأقوى على الأرض

2014-11-26
القدس/المنــار/ زيارة نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن الاخيرة الى تركيا، انتهت دون أن تحقق أية انفراجات في الخلاف الأمريكي التركي حول طريقة التعاطي مع الأزمة السورية، من حيث الأولويات والقضايا الملحة والأكثر الحاحا.
وفي الوقت الذي تصر فيه أنقرة على ضرورة رؤية خطوات عملية وفعلية على الأرض ضد الدولة السورية، ولو بشكل محدد في منطقة حلب توقف حالة القضم البطيء للقوات السورية لمناطق كانت تسيطر عليها العصابات الارهابية ، بات الجيش السوري يقترب من اكمال طوق السيطرة في هذه المدينة، وتحقق تقدما كبيرا في مناطق الأرياف الخاصة بها.. في وقت تتراجع فيه قوات ما يسمى بالمعارضة الى داخل الاراضي التركية، وتتبعثر صفوفها بشكل يجعل من غير الممكن اعادة ضخها من جديد لمقاتلة قوات الجيش السوري على الاقل في الفترة الزمنية المنظورة، حيث هناك أهمية كبيرة لعامل الوقت وضرورة أن تكون هناك خطوات من جانب التحالف لوضع حد لتقدم الجيش السوري في الشمال، وترى تركيا أن الخروج بمقترحات سياسية تحت عناوين مختلفة كتجميد مناطق القتال، وحلب أولا، ليست كافية لوضع حدٍ لتقدم الجيش السوري، الا أن واشنطن ما تزال غير مقتنعة بالترتيب التركي للاولويات للحرب على الارهاب، فواشنطن ترى أن الأولوية هي محاربة داعش وبعض التنظيمات الصغيرة التي تهدد مصالح واستقرار حلفاء واشنطن الذين يدعمون الحلف الأمريكي وبرامج الولايات المتحدة بالمال والمشاركة الفعلية.
وتقول دوائر سياسية لـ (المنــار) أن هذا لا يعني أن الادارة الأمريكية باتت تمسك ببقاء القيادة والدولة السورية، بل على العكس تماما، فالموقف الأمريكي لم يتغير، وهو يرغب في أن يرى سقوط الدولة السورية اليوم قبل الغد، لكن، هناك تكتيك أمريكي يفرض على واشنطن القيام بالمساومة في موضوع النظام القائم في دمشق وفي مختلف الاتجاهات، سواء باتجاه الحلفاء والاصدقاء، أو باتجاه الأعداء والخصوم في الخارج كروسيا وايران، وهذا يعني أن الرغبة في اسقاط القيادة السورية ما زالت موجودة على طاولة الادارة الأمريكية، وهذا، لا يعني أن لا تتسبب ببعض التحالفات والتبدلات والمستجدات في هذا الملعب السياسي أو ذاك في احداث تحول في الموقف الأمريكي.
وبالنسبة لطريقة التكتيك الأمريكي مع الحلفاء، فان موضوع اسقاط القيادة السورية شكل عاملا مهما في تجنيد الأموال والميزانيات وتمويل الحملات الأمريكية في المنطقة وضد داعش، حيث عمدت واشنطن الى القاء "الجزرة" أمام حلفائها في الخليج على شكل الدعوة لاطلاق عمليات التدريب لارهابيي ما يسمى بالمعارضة السورية المعتدلة، فتلقفتها السعودية سريعا وفتحت أبواب معسكراتها لتدريب ما يسمى بالارهابيين "المعتدلين"، وفي محاولة لطمأنة هذه الأنظمة بأن اسقاط القيادة السورية هو في قمة أجندة العمل الأمريكي في المنطقة،لكن، هذا لا يعني أنها وصلت الى رأس الأولويات.
تركيا لم تقتنع بهذه الخدعة الأمريكية، ورفضت التعامل معها وتحدثت أكثر من مرة على لسان أكثر من مسؤول فيها بأن معسكراتها مفتوحة لتدريب الارهابيين منذ بدء الأزمة السورية ولم تغلق حتى اليوم، وتقول الدوائر السياسية أن واشنطن تدرك عدم وجود فائدة وغير مقتنعة بأهمية مقترحها الخاص بتدريب المعارضة السوربية المعتدلة، وهي تعتبر هذه الخطوة مقترحا مرحليا يشغل أنظمة الخليج ويسهل طريق المال نحو الخزينة الامريكية، لتمويل حروبها وبرامجها، ولا أحد يعلم متى سينتهي مفعول هذا "التخدير" الأمريكي للانظمة التي تلهث وراء اسقاط القيادة السورية ، وهذه الأنظمة لا تحاول البحث عن طرق للاستفادة ولا تسعى لاعادة النظر في قراراتها وسياساتها على المستوى الخارجي، وحالة التخدير التي تعيشها جعلتها غير قادرة على الاحساس بما يدور حولها من تغيرات ولقاءات للتوصل الى صفقات بين هذا القطب أو ذاك في المنظومة الدولية ، وهي تحالفات انعكاساتها مباشرة على ما نشهده من تطورات في منطقة الشرق الأوسط.
وتضيف هذه الدوائر أنه من الناحية العملية، فان الفائدة من عمليات التدريب لتشكيل قوة مسلحة لاسقاط النظام السوري مشكوك في أن تقطف ثمارها. وهذا يعني أن الجيش السوري يبقى القوة الاساس على أرض الميدان، ومن الصعب أن تتم هزيمته ببضعه مئات أو الاف يجري تدريبهم في معسكرات بالسعودية وتركيا، خاصة وان البحث عن "قوة معتدلة" يكون ولاؤها خالصا للغرب ليس بالأمر السهل ، فلا توجد ضمانات بأن يكون الدافع المالي قادرا على تمسكهم باسقاط النظام السوري، فطوال الفترة الماضية شكل العامل الديني والحديث عن الجهاد،  المشغل والممول لعملية التجنيد والتدريب ضد النظام السوري ،  ومن الصعب الان أن يتم الحديث عن استخدام العصابات الارهابية المسماة بالجهادية وهذا التعامل من جديد في ضوء البحث الذي تقوم به أمريكا وحلفاؤها ودول الخليج عن قوى معتدلة لمواجهة الجيش السوري وملء الفراغ الذي تتركه عمليات طرد داعش من المناطق السورية، كما أنه لا توجد أية ضمانات بأن لا يتسرب جزء من هذه القوة المعتدلة الى ما تبقى من قوى متطرفة على الأرض السورية ، وهذا يعني العودة من جديد الى سيناريوهات تمرد المجموعات الارهابية على مشغليها ومرسليها ومموليها.