2024-04-19 11:04 م

المطلوب فلسطينياً .. في ظل العربدة الإسرائيلية

2014-12-16
بقلم: محمد بكر*
في مشهد ٍ قل نظيره على مسرح الشموخ والتحدي , تنامى فيه الشعور الوطني والانتماء للأرض إلى مستويات ٍ خارج حدود القياس , وفي صورة ٍ فريدة تعكس الروح الوطنية المجبولة بتراب الوطن , والمتشربة من كبريائه وعزته , وقف الشهيد الوزير زياد أبو عين كالجبل شامخاً راسخاً , لم تهزه الرياح , يطلق الصيحات , ويعلي اللاءات في وجه قطعان الكيان الصهيوني يردد بكل مفردات الرجولة, أننا لن نغادر الأرض وسنقاوم الاحتلال والاستيطان, وفي لحظة عز وعلى التراب الذي أحبه فبادله بدوره نفس المشاعر , وذات الاندفاعة , وبعناق العاشقين الأبدي أبى الجسد الطاهر إلا أن يفترش في حضرة معشوقه الأوحد وفي لحظة وفاء وإباء غادر الجسد ,ولازالت الروح تصدح , ولايزال صدى صيحاتها الطافحة رجولة وبطولة تعم أرجاء الوطن . بدوره يتوالى الإرهاب الإسرائيلي يوماً بعد يوم , وتفيض عربدته وغطرسته على كامل التراب الفلسطيني , وتتنامى ممارساته الوحشية بحق أبناء شعبنا العظيم , وبحق المقدسات والإرث التاريخي الفلسطيني , ولاتزال القيادة في رام الله تناقش سبل الرد , وتعلن عن انعقادها الدائم حتى للخروج بآلية لمواجهة التصعيد الإسرائيلي , وفي صورة لا ترتقي مطلقاً لمستوى الحدث الإجرامي الإسرائيلي يعود مسلسل الوعيد والتهديد بالمقاومة الشعبية , واللجوء إلى المحافل الدولية ومحكمة الجنايات ووقف التنسيق الأمني مع الاحتلال الإسرائيلي , ما يكرس ضعفاً غير مبرر في أسلوب الرد وطريقة التعاطي مع كيان ٍ جبل بالإرهاب, وغاص ولايزال حتى أخمص أذنيه في دماء الشعب الفلسطيني . الآلاف من الشهداء والجرحى كانت نتاج العدوان الإسرائيلي بعد الحرب الأخيرة على قطاع غزة , لم يتحرك خلالها الضمير الدولي ولن يتحرك , ومئات التجارب الماضية التي وضعنا فيها أحمالنا ومظالمنا التي يسطع فيها الحق الفلسطيني كسطوع الشمس , على الأبواب الدولية لم نعد منها إلا بخفي حنين , وحتى لو تم تصفية القيادات الفلسطينية فرداً فرداً , لن نجني إلا النتيجة ذاتها والخيبة نفسها في حال استمرار النهج التفاوضي والأساليب السلمية في مواجهة العهر الإسرائيلي , الذي يصم الآذان , عن كل القرارات الدولية الصادرة بحقه , كيف لا وقد غضت ما تسمى بالأمم المتحدة وتوابعها الدولية الطرف عن كل الموبقات والجرائم الصهيونية على مدى ستة وستين عاماً , فكانت مصدر التقسيم والعبث بالوطن الفلسطيني ,فيما لاتزال اليوم بمنزلة " القاضي " غير النزيه الذي يساوي الضحية بالجلاد ويشرعن للاحتلال جرائمه ويضعه في خانة المدافع عن النفس . إن المطلوب فلسطينياً اليوم وأكثر من أي وقت مضى ليس فقط وقف التنيسق الأمني مع الاحتلال الإسرائيلي , إنما تفعيل ذلك على الأرض والذهاب بعيداً في تمكين المقاومة الفلسطينية وتأجيج شعلة الكفاح المسلح ولاسيما في الضفة الغربية , والعمل الجاد على نبذ كل الخلافات الفلسطينية – الفلسطينية والتفرغ لإيجاد غرف عمليات مشتركة تضم جميع الفصائل الفلسطينية لجهة وضع برنامج عمل يؤمن الرد الموجع والأساليب الفاعلة والمؤثرة على السياسة العدوانية المتصاعدة التي ينتهجها الاحتلال الإسرائيلي على مدى عقود من الزمن , هذا البرنامج الذي يتطلب إعادة فورية للحسابات ولاسيما الإقليمية منها والدولية , ما يحتم التموضع الجدي في المكان الصحيح الذي يؤمن أعلى مستويات إيلام هذا العدو والتأثير في نهجه وأسلوب إدارته للمعركة , ما يؤمن الرضوخ القسري لإملاءات الشعب الفلسطيني والانصياع لمطالبه وحقوقه . نعم .. تسليح الضفة الغربية هو الطرح الذي يجب أن يكون من ضمن الأجندات الفلسطينية المطروحة في الفترة القادمة ولاسيما بعد أن مدت الأيادي الإيرانية لتفعيل هذا الإجراء على الأرض, بوصفه الأنجع والأقصر والأقل كلفة , والخطوة الصحيحة في طريق التحرير واسترجاع الحقوق المغتصبة . إن المسؤولية الوطنية والأخلاقية تحتم على السلطة في رام الله المضي قدما ً في تصعيد إجراءاتها بما يعزز القوة في المواقف وينهي سنوات ٍ من الوهم وجولات ٍ عديمة الجدوى من المفاوضات لم تسمن ولم تغن من جوع , وكانت السبب الرئيس في تمادي الاحتلال واستعلائه إذ لطالما كان ولايزال ينتهج استراتيجية الدم وزهق الأرواح , وما إن يلمس ضعفاً أو يستشعر باللين حتى يزيد من تسلطه ونفاقه ونكثه للعهود والاتفاقات . إن دماء الشهيد الوزير زياد أبو عين يجب أن تشكل نقطة تحول في استراتيجية عمل السلطة وبقية الفصائل ,والشرارة لتوحيد الصف الفلسطيني في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي , والنزول عن شجرة التودد للاحتلال ونسف كل ما من شأنه إضعاف الإرادة الفلسطينية والعمل على تفعيل روح المقاومة المسلحة مايعيد للقضية ألقها وللبوصلة مسارها الموغل في الانحراف . 
 * كاتب فلسطيني مقيم في سورية