2024-04-19 01:21 م

"بيبي" قابل للسّقوط ، فهل يوجد من يُسقِطه!

2014-12-16
بقلم: أليف صبّاغ *
كل ما يجري في محيط بيبي نتانياهو في الأشهر والأسابيع والأيام الأخيرة يؤكد ان بيبي نتانياهو قابل للسقوط، ومعه كل نظرياته السياسية وعجرفته وتهديداته، وأن بقاءَه في الحكم مرتبط بمن يتوجب عليه او عليهم إتخاذ الخطوة المناسبة لتحقيق سقوطه.
الجمهور الاسرائيلي متمسك بنتانياهو طالما ان العالم وزعماء العرب عامة، والفلسطينيين خاصة، يسترضونه ويقدمون له الهدايا تلو الهدايا من الحساب الفلسطيني، علّه يرضى، ولن يرضى. متمسكون به طالما انه قادر على صد كل محاولة خجولة لإلزامه بالإنسحاب الى حدود الرابع من حزيران، وسيبقى الجمهور الاسرائيلي كذلك طالما انه لا يوجد قوة دولية تفرض ذلك عليه بقرار دولي. فالجمهور الاسرائيلي لن يتقدم نحو الحل طوعا طالما لم يُفرض عليه، وهو جمهور لا يفهم الا لغة الأمر الواقع وهو يتحدث بها على الدوام. 
كانت الصراعات داخل الحزب قد أجبرت نتانياهو قبول خصمه الحزبي، روبي ريفلين، رئيسا للدولة، حيث يوجه اليه الانتقادات من الموقع الرسمي الإجماعي الأعلى في اسرائيل، بعد ذلك انسحب غدعون ساعر، وزير الداخلية، من الحكومة والبرلمان على خلفية خلافه مع نتانياهو، قبل ذلك كان قد انسحب الوزير موشيه كحلون عشية الانتخابات الماضية، وهو أحد اكثر الوزراء شعبية لدى الليكود آنذاك، وكان من حظ بيبي ان كحلون لم يشكل قائمة جديدة في الانتخابات السابقة، كما انه لم ينضم الى قائمة موجودة، ولكن في هذه المرة، اختار ان يشكل قائمة، ستأخذ وفق استطلاعات الرأي من 8-10 مقاعد، ولا شك سيجتذب الى صفوفه جزءا من مصوتي الليكود وخاصة الشرقيين والفقراء. كل هذا لا يكفي، على ما يبدو، لإسقاط بيبي نتانياهو، فبات يواجه، اليوم، صراعات حادة في معسكره، وإن بَدَت هذه المرة من الجهة الأكثر يمينية داخل حزبه وخارجه. في حين إتفق بيبي مع نفتالي بينيت ألا يهاجم أحدهما الآخر خلال المعركة الانتخابية، لكي يوجها كل الجهود لاستقطاب أصوات اليمين، والظهور بموقف يميني موحَّد وقوي، جاءه المنافس اليميني داخل حزبه، موشيه فيغلن، ليعلن عليه حربا داخلية، فيُسقِط اقتراحاته واحدا تلو الآخر، وكان اهمها منع نتانياهو، بصفته رئيس الحزب، من تخصيص مقعدين في القائمة لمرشّحَين يختارهما بيبي دون دخولهما في عملية التنافس الحزبية. من جهة أخرى فاجأه حليفه الأقرب ليبرمان باٌستعداده لتشكيل حكومة مع هرتسوغ وليفني دون التمسك بنتانياهو. المعركة الانتخابية تتمحور فيمن يقف في المركز وليس في الاطراف، وبيبي نتانياهو خرج من "المركز" اليميني الذي وضع نفسه به سابقا ليختار اليمين المتطرف.
فوق هذا وذاك، فاجأته المقاومة الفلسطينية في غزة بنشر أفلام اسرائيلية تعتبر في مصاف الأسرار الأكثر أمنيّة، فكيف حصلت عليها وأي اختراق أمني حصل في صفوف الجيش فأدى الى حصول المقاومة على هذه الافلام؟
كل هذا لا يكفي، فجاءَهُ السيد الأمريكي، الحليف الأكبر لإسرائيل، وحامي الحمى، ليقول: إما ان تراعي مصالحنا، او أننا سنجلس على الحياد، ولن نستخدم قوة الفيتو، التي استخدمناها عشرات المرّات في مجلس الأمن، ضد الفلسطينيين. ألم يكفِ كل هذا ليفقد بيبي نتانياهو توازنه وسلطته ويسقطه بشكل مدوّ في الانتخابات القادمة؟ 
إعتاد بيبي نتانياهو ان تأتيه خشبة الانقاذ من الطرف العربي، والفلسطيني خاصة، فهل سيحصل هذه المرة ايضا؟ هل سيتنازل العرب عن الإمساك بزمام المبادرة وتركها للفرنسيين او للأمريكان ليقدموا مشروع قرار الى مجلس الأمن بدلاً من مشروع القرار العربي- الفلسطيني؟  حذار ! حذار! إن اي قرار لمجلس الأمن سيتحول الى مرجعية قانونية جديدة للمفاوضات الاسرائيلية الفلسطينية. إن إنتقص هذا القرار من الحق الفلسطيني المشروع دوليا، فإنه سيعيد المفاوض الفلسطيني الى دورة تفاوضية عبثية جديدة، وفق مرجعية أقل مما كانت عليه المرجعية السابقة، وهذا يعني تنازلا فلسطينيا مجانيا. ومن هنا لا يجوز القبول بأي مشروع قرار لا يتضمن الزام اسرائيل بالانسحاب الى حدود الرابع من حزيران خلال مدة اقصاها سنتين. ولا يجوز القبول بتقديم اي مشروع قرار ينتقص من حق اللاجئ الفلسطيني بالعودة الى دياره التي طُرد منها. أما العودة الى المفاوضات فلا يجوز ان تكون الا تفاوضا على كيفية الإنسحاب، وكيفية تفكيك المستوطنات، والتوقيت الزمني لذلك. 
لقد اثبتت سياسة الاسترضاء والانتظار والتأجيل فشلها الذريع، وعلينا ان ننتقل من خطاب الاسترضاء الى خطاب آخر تجاه أوروبا وأمريكا بالذات، واي دولة عضو في مجلس الامن، بتحميلهم المسؤولية الكاملة لما آلت اليه الأوضاع من تعقيدات، وتحميلهم المسؤولية عن أي تعقيدات إضافية، وأن المطلوب منهم هو الانصياع للشرعية الدولية التي فرضوها علينا خلال عقود مَضَت، فمثلما قبلنا بها مُرغَمين، عليهم فرضها على حليفتهم اسرائيل أيضا. ان قرارا حاسما وملزما في مجلس الأمن سيتم استقباله بخنوع في إسرائيل، ولن يغير الجمهور الاسرائيلي موقفه الا اذا فُرض عليه الحل بقرار دولي، القيادات السياسية الاسرائيلية وفي مركزها حزب العمل لا تجرؤ ان تقبل بحل يقضي بالإنسحاب الاسرائيلي الى حدود الرابع من حزيران، وسيكون من الاسهل عليها قبول القرار الدولي وإلقاء المسؤولية عن ذلك على نتانياهو وسياسته المعادية للسلام.  فهل من يسمع؟! 
*محلل سياسي مختص بالشأن الاسرائيلي