2024-04-20 02:25 ص

المسعى الفلسطيني الى مجلس الأمن بين "تبادل الأدوار" و "توافق" اليسار واليمين في اسرائيل!!

2014-12-17
القدس/المنــار/ بعيدا عن الدخول في صياغات الاقتراحات الفرنسية والفلسطينية التي من المتوقع أن تقدم الى مجلس الأمن الدولي بشأن انهاء الاحتلال الاسرائيلي للأرض الفلسطينية، وكيفية إعدادها والعمل عليها، والقدرة على تحمل الضغوط والنتائج المترتبة .. وبعيدا عن تناول مدى الدعم العربي حجمه وجديته، صوريا كان أم حقيقيا، وما تتعرض له القيادة الفلسطينية من ضغوط عربية داخل الغرف المغلقة.
بعيدا عن كل ذلك، وفي هذه اللحظات الحاسمة والحرجة، فان هناك "تبادلا" للأدوار بين أوروبا وأمريكا، بخصوص الموضوع الفلسطيني والتوجه الى مجلس الأمن، فالاقتراح الفرنسي لم يأتِ صدفة، وأوروبا بكل دولها ليست صاحبة قرار مستقل، فاستقلالية قرارها تلاشت واندثرت منذ زمن بعيد، وتسير جميعها في الفلك الأمريكي، وفرنسا تحديدا معروفة بأنها "مقاول" التحركات والسياسات والبرامج الأمريكية، أما مهاجمة اسرائيل للتوجه الفرنسي بطرح مبادرة على مجلس الأمن.. فليس معروفا ان هذا الهجوم حقيقي أم شكلي ، جادا أم لايهام الفلسطينيين بأن اسرائيل تعارض المقترح الفنرسي، ويضم بين جنباته ما هو في صالح الفلسطينيين.
والأهم، من هذا كله، والذي يستدعي الدراسة أن هناك اشارات تركها الحراك الذي شهدته أوروبا في الأيام الأخيرة سواء في روما أو لندن أو باريس، فهذه الاشارات بالغة الأهمية، بالنسبة للعلاقة بين الفلسطينيين وبعض العواصم الاوروبية وأمريكا أيضا. كما أوضحت الاشارات ذاتها الكثير من الحقائق حول الوضع الداخلي في اسرائيل، التي تعيش موسما انتخابيا، وجعلت الصورة أوضح بكثير فيما يتعلق بالصراع الفلسطيني الاسرائيلي، ومن بين هذه الاشارات حالة التكاتف الغريب التي تقضي على "آمال" البعض، بأن استبدال الحكومات في اسرائيل في المرحلة القادمة، سيكون له نتائج ايجابية لصالح الفلسطينيين في حال تمكن اليسار من تشكيل الحكومة القادمة واقصاء نتنياهو.
إن قضية التوجه الفلسطيني الى مجلس الأمن أظهرت حقيقة المواقف، فكانت هناك هجمة شديدة من جانب ليفني التي دعت الفلسطينيين الى ضرورة التمسك بالمفاوضات والابتعاد عن الخطوات أحادية الجانب، داعية في نفس الوقت الى ضرورة التفكير في مسارات بديلة، أي البحث عن حلول للموضوع الفلسطيني في العواصم العربية المعتدلة.
ولم يتأخر ما يسمى بـ "حكيم اليسار" في اسرائيل ، شمعون بيرس، عن التدخل لمساندة نتنياهو من أجل عرقلة مشروع قرار أو مبادرة يتحدث عن انهاء الاحتلال، فعمل جنبا الى جنب في العواصم الاوروبية مع رئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو، واجرى اتصالات موازية وداعمة لتلك اللقاءات التي اجراها نتنياهو ، للتحذير من مخاطر مشروع القرار الفلسطيني الى مجلس الأمن.
ان تدخل بيرس لدى الاوروبيين سهل مهمة نتنياهو في اقناع المترددين بأن المقترح الفلسطيني لا يصب في صالح السلام.

هذا الأمر له الكثير من الدلالات والتفسيرات، من بينها أن لا خلاف واختلاف حقيقي بين اليمين واليسار في اسرائيل وتحديدا فيما يتعلق بالموقف من القضية الفلسطينية والتعامل مع الفلسطينيين، فالتنافس اليوم بين الاحزاب الاسرائيلية وبشكل خاص تلك الاحزاب التي ترى أن لها الفرصة في تشكيل الحكومة القادمة، هو تنافس يتمركز في وسط الحلبة الحزبية في اسرائيل، فهرتسوغ وليفني لن يخرجا بمواقف تدعم التوجه الفلسطيني، ولن يكونا "حزب ميرتس 2"، وفي أية تشكيلة حكومية قادمة لن يكونا بعيدين عن طريقة واسلوب وتعامل حكومة نتنياهو مع الموضوع الفلسطيني.
لذلك، من الواضح والمطلوب في المرحلة القادمة ليس فقط اعادة النظر فلسطينيا في شكل الرعاية الأمثل لعملية السلام، وانما ايضا التفكير في مدى الجدوى من هذه العملية واستمرارها في ضوء اتفاق سواء من الاوروبيين أو الامريكيين أو الاسرائيليين على أن عنوان عملية السلام بين اسرائيل والفلسطينيين على الاقل لسنوات قادمة لا يمكن أن يتعدى عنوان ادارة الصراع والاتفاقيات الانتقالية، خاصة مع الرفض الاوروبي والأمريكي لأية جداول زمنية لانهاء الاحتلال.
وفي حال النجاح في تمرير الصيغة الفرنسية ويتشارك الفلسطينيون في تبنيها، فانها ستقيدهم في طاولة التفاوض لسنوات قادمة، ومثل هذا الاقتراح سيكون مدعوما عربيا وتباركه الولايات المتحدة، فقد أقام عن كاهل واشنطن عبء استخدام الفيتو في مجلس الأمن ضد قرار يطالب بـ "انهاء الاحتلال"!!!
والاقتراح الفرنسي في حال تمريره سيعيد من جديد نصب طاولة المفاوضات دون ضوابط ودون جداول زمنية أو تواريخ مقدسة، أي أن الفلسطينيين سيدخلون باقدامهم من جديد الى دوامة مفاوضات سياسية تواصل الدوران بشعارات مختلفة، لكن، دون نتائج حتى لو صعد اليسار الى الحكم في اسرائيل، فهذا اليسار ممثلا يليفني وهرتسوغ أظهر مواقفه مبكرا من خلال وقوفه صفا واحدا في مواجهة المسعى الفلسطيني نحو مجلس الأمن لانهاء الاحتلال.