2024-03-29 11:43 ص

الدولة الفلسطينية .. والمناخ الفاسد !

2014-12-23
بقلم: محمد عياش*
يقول وزير خارجية الكيان الصهيوني أبا إبيان في مطلع الستينيات من القرن المنصرم : " نعرض على العرب عموما ً والفلسطينيين خصوصا ً أمرا ً لا يمكن قبوله ؛ وفي حال تم القبول ؛ يعد نصرا ً استراتيجيا ً ؛ وفي حالة الرفض ؛ نُحمّلهم المسؤولية لرفضهم عملية السلام " ! قدمت سفيرة الأردن في الأمم المتحدة دينا قعوار ليلة السادس عشر من كانون الأول لعام 2014 المشروع المهجن والمخفف بالكتابة الزرقاء إلى مجلس الأمن , والذي يؤمل منه إنهاء الاحتلال الصهيوني للأراضي الفلسطينية التي احتلت عام 1967 بما فيها القدس الشرقية والمشروع يحتوي على ثمانية بنود , والذي خضع إلى تعديلات لينسجم والمشروع الفرنسي . المشروع المقدم وعلى لسان أمين المبادرة الوطنية الدكتور مصطفى البرغوثي : " ضعيف وينطوي على أفكار خطيرة على القضية الفلسطينية " . المشروع ببنوده الثمانية مع إدخال التعديلات الفرنسية عليه يتضح لكل ذي عقل حصيف بأنه يرمي للعب على الوقت خدمة للكيان الصهيوني , وبالتزامن مع مواصلة الحكومة الصهيونية تكثيف الاستيطان بالرغم من جهود جون كيري لاستئناف المفاوضات وفي الاتجاه ذاته قال وزير الشؤون الخارجية الفلسطيني رياض المالكي : " إن رئيس الحكومة الصهيونية بنيامين نتنياهو يرد على جهود كيري بمضاعفة النشاط الاستيطاني غير الشرعي بوتيرة متسارعة " ! . ولابد من التذكير بمكان الاستهجان الذي أطلقه وزير خارجية لوكسمبورغ جان اسبيلورن مستغربا ً من المضي ببناء المستوطنات فوق أراض ليست ملك ( إسرائيل ) والنكتة التي أطلقها وزير خارجية الولايات المتحدة جيمس بيكر عندما زار الأراضي المحتلة والتقى رئيس وزارئها اسحق شامير بقوله : " في كل مرة أزوركم تعلنون فيها عن بناء وحدات استيطانية !! يعني بمعنى قدروا ظروفنا نحن الأمريكيين في كل زيارة .. إن العقول ( الترياسية ) التي تعمل في مجال السياسة بمواجهة سياسة استيطانية ثابتة لا تتوقف , لا تٌعدّل خطها السياسي والتعامل مع المكر الصهيوني بالمثل . ومنذ دخول الفلسطينيين بعملية السلام لم تجن سوى خيبات الأمل , بينما تواصل الحكومات الصهيونية المتعاقبة على الاستمرار بنفس الوتيرة وبخط سياسي ثابت بالتعامل مع الفلسطينيين , حتى بيكر يوما ً قال لكبير المفاوضين صائب عريقات :" في كل مرة تطلعني على الجديد من المستوطنات , وبعد فترة زمنية ستريني كامل الضفة الغربية وقد أصبحت مستوطنة إسرائيلية " . الدولة الفلسطينية بهذا الشكل لم ولن تقوم , والذين يراهنون على التربة المتمثلة بواشنطن ولندن وباريس سيخسرون الرهان , لأن الواقع الصهيوني بعيد كل البعد والتوجهات الجديدة , لأن الكيان الصهيوني يعمل على عامل الوقت والمتغيرات التي ستنتهي لمصلحته من تسفير وتهجير وتشريد وقتل وتنكيل بالشعب الفلسطيني حتى لا تقوم له قيامه .. فلابد لنا أن نبتعد عن الطوباوية , وأن نكون واقعيون لأن قضيتنا حساسة وتمر بمنعطف خطير بالتزامن مع الهجمة الغربية العسكرية الشرسة للمنطقة . لذلك قالت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية جين بساكي للصحافيين : " إن واشنطن اطلعت على النص الذي تم توزيعه في مجلس الأمن الدولي وإنه ‘‘ ليس شيئا ً يمكن أن نؤيده ’’ , وهناك دول أخرى لديها الشعور نفسه وتطالب بمزيد من التشاور " ونيابة عن الفلسطينيين , اعتبرت الفلسطينيين ( يتفهمون ) الاعتراض الأمريكي ! . التربة الصالحة لقيام دولة فلسطين , تحتاج لمناخ ملائم , والمناخ هو التماسك الفلسطيني الداخلي بالحقوق المشروعة , ونبذ الخلاف والاختلاف بين الفصائل الفلسطينية , والكف عن اللهاث وراء المشاريع الغربية التي تستهدف بالدرجة الأولى مساعدة الكيان الصهيوني لمزيد من التوسع والقضم للأراضي , العودة للفكر المقاوم والممانع للمشروع الصهيوني , والامتناع عن التعامل مع الدول التي تشترك والولايات المتحدة بمعاهدات الشراكة الاقتصادية والسياسية ... والأهم من كل ذلك , يجب الاقتناع بالاستراتيجية الصهيونية والعمل بعكسها , لأن ذلك يعتبر الطريق الصحيح لفهم حقيقة الصراع . معرفة العقلية الصهيونية مهمة جدا ً ؛ لأنها تعمل بعقلية شايلوك ‘‘ لا شيء مقابل لا شيء " ومن هذا المنطلق لا بد من العودة للكفاح المسلح العنصر الوحيد الذي تفهمه ( إسرائيل ) والحديث عن انتفاضة فلسطينية ثالثة ربما ستندلع في الضفة الغربية بسبب الممارسات التعسفية الإسرائيلية ؛ ولو أن الكيان الصهيوني لديه النية أو القبول بمبدأ الدولة الفلسطينية لظهرت بعض المؤشرات , في حين كل ما يتحرك صهيونيا ً يشي بالتقدم نحو الحلم الصهيوني الكبير ! بينما الحلم الفلسطيني لا مكان له بغياب الآليات الجدية وبحضور مناخ فاسد وتربة نتنة .
* كاتب وإعلامي فلسطيني مقيم في الجمهورية العربية السورية