2024-04-25 10:04 ص

مشروع "أنا أحب سورية"...تجربة جميلة في جامعة دمشق

2015-01-24
بقلم: الدكتور خيام الزعبي*
جميعنا لا يريد الحرب، فلماذا علينا الإنتظار كل هذا الوقت، والحرب تقترب منا رويداً رويداً لإلتهامنا؟ أين المبادرات ذات النوايا الصادقة في تطبيقها لحلحلة الأزمة؟ السياسيون والمثقفون في هذا البلد انكفأوا في منازلهم، والقوى والدول الخارجية تغذي هذا الصراع، وتؤجج الأحقاد بين الإخوة، ليتسنى لمصالحها أن تمر بسلام، وتنفذ أجنداتها بكل دقة لنجاحها، في هذا الإطار يظل الأمل معلقاً على أعتاق شبابها الذين وبلا أدنى شك مازال يجمعهم حب سورية، يتطلعون صوب المستقبل وهم يخططون له، هم الآن يزرعون الأمل الجديد في نفوسهم، ويتحفزون لكي يكون لهم الدور الأكبر ليعملوا وينتجوا، ويؤكدوا وجودهم، إنهم شباب يجري في عروقه حب سورية وكرامتها والدفاع عنها. سأتكلم بإختصار هنا تجربة مشروع تم تنفيذه من أجل إستعادة حب وطننا الكبير سورية في قلوبنا، وشعرت وأنا أشرف على ذلك المشروع ليس فقط بحب سورية يملأ قلبي ويتربع داخله، لكن هذا المشروع قد حرك في نفسي الأمل والإطمئنان على سورية ومستقبل شعبها، وجعلني أدرك بأن سورية ستظل دائماً على ما يرام. كان ذلك من خلال مشروع نفذته مع طلابي الدارسين في جامعة دمشق، فقد كلفتهم بمشروع إبداعي كان مضمونه: أنا أحب وطني سورية وأعتز بإنتمائي لها، أنا أفتخر بحضارتها التاريخية العريقة، أنا أدرس وأتعلم لأسهم في إعادة مجد بلدي، أنا من ذلك المنطلق سأقدم تصور يتضمن أفكاراً مبدعة للنهوض والإرتقاء بوطني، أنا سأرفق تصوري برسم تشكيلي يعبر عن حبي وإنتمائي لسورية، كثيرة هي الآمال والطموحات المستقبلية التي ينشدها أو يتمناها أبناء سورية وبالذات الشباب الذين يعتبرون شريان الحياة وعماد المستقبل، والشباب في مجتمعنا سورية تعلق عليهم الآمال لبناء سورية الحديثة، فهم أساس التطور وبناء الحضارات وبهم تبنى الأمم مجدها وحضاراتها، ورغم أن الهدف من هذا التكليف كان يتمثل بدرجة أساسية بإستعادة حب سورية وتكريس عشقها في نفوس الطلاب والطالبات، بعد أن هزتها الحوادث التي مرت وتمر بها سورية، إلا أنني تفاجأت بالطاقات والأفكار التي فجرها طلابي في مساهماتهم التي قدموها، سواء الأفكار الابداعية المكتوبة أو الرسوم التي أرفقوها بأفكارهم، هم طلاب وطالبات نشطون ينتمون إلى كل ربوع الوطن السوري، فرقتهم الإنتماءات الضيقة خارج أسوار الجامعة، فأردنا أن يجمعنا ويجمعهم حب سورية وعشقها، فهي قضية نلتقي من حولها جميعاً، بإستثناء من باع نفسه للمجرمين وأعداء وطنه الذين يسعون الى تجزئته وتفتيته، فبعد أكثر من أربعة سنوات ملئية بالصعوبات يجب ألا يدفعنا إلى الإحباط والتشاؤم، بل يجب أن تكبر معه الأمنيات والأحلام على وقع الإنفراج والحوار السياسي الذي بدأ بين النظام السوري والمعارضة في مؤتمر موسكو والذي من شأنه الخروج من الأزمة ونزع فتيل الإضطرابات وحقن الدماء، وإفشال المؤامرات الهادفة لضرب أمن وإستقرار سورية. اليوم نريد وطناً آمن ومستقر كي ننعم ونعيش فيه، بعد أن أصبحت رصاصات الموت والغدر والإغتيال تترصدنا بعناية، وفزاعات الموت كالإغتيال والعنف والخوف والرعب، لا تفارقنا أبداً ، شياطين الأرض " أميركا وإسرائيل" جمعتهم المصالح المشتركة لينصّب تركيزهم على سورية لأنها مفتاح الشرق الأوسط وكان ينقصهم شركاء ليستغلوهم في تنفيذ هذا المخطط فتسابق العرب و الغرب لتقديم فروض الطاعة لهم، وهم هناك يجتمعون يتناقشون ويتعارضون وبعد ذلك يتخاصمون ويتكاشفون ومن ثم يتفقون ويقتسمون غنائم الوطن فيما بينهم. بالرغم من كل ما يحصل ستبقى سورية موحدة بشعبها وحدودها وجميع طوائفها لأنها نموذج فريد للعيش المشترك، ولولا هذه اللحمة لما صمدت سورية حتى الآن، صحيح أنه لا يخلو بيت من قتيل أو جريح، لكن من إستمع إلى أم الشهيد التي تحتضن صورة ابنها وتقول:" مات فداءً لسورية كي نحيا نحن وتبقى سوريةً"، يعرف أن كل أم شهيد بألف أم خارج الوطن، وكل عامل يخاطر بروحه ليعمل ويطعم عائلته يوازي مئات رجال الأعمال الذين تنصلوا من مسؤولياتهم تجاه وطنهم وحزموا أمتعتهم ورحلوا، وكل طبيب يتراكض لإسعاف الجرحى المدنيين ضحايا الهاون، يساوي مئات الأطباء الذين اضطروا للسفر بحثاً عن وطن آخر. أتمنى أن يكون هذا العام، عام الأمن والاستقرار في ربوع وطني سورية وينتهي في حلقاته العنف والخراب... أمل أن تكون السعادة عنوانه وأن يُطمس فيه كل أدوات الجريمة وان تتفق كل القلوب وتتشابك كل الأيادي وتفكر العقول وتنظر العيون لما فيه الصالح العام وتحل كافة المشاكل، فسورية محتاجة للجميع للملمة جراحها ، مهمتنا الآن غلق الصفحات السوداوية التي ملأتها سيئات الماضي الكئيب وفتح صفحات جديدة ناصعة البياض نرسم فيها مستقبلنا المشرق ونخطط في ثناياها ملامح قادمنا الجميل في سورية. في سياق متصل أرى إن سورية ستبقى على الدوام صامدة بفضل محبة والتفاف الشباب حولها، فهم أكّدوا للعالم أجمع على أنهم سوريون بإنتمائهم وقيمهم، فهم مشاريع شهادة حين يستدعيهم الوطن في سبيل إعادة الأمن والاستقرار إلى ربوعه، تعالوا معي كي ننطلق ونُكسر القيود ونحطم القيود ونزيل الجدار الإسمنتي الذي بناه الأعداء وتجار الحروب، وتفويت الفرصة على أصحاب الأجندات بإستغلال الأزمات وإستثمارها لتحقيق مآربها، وعدم الوقوع في فخ الفوضى الهدامة، وتحقيق مصالح الوطن والمجتمع العليا، والتوحد حول المشروع الكفيل بمجابهة الهجمة على بلدنا وشعبنا وأمتنا وبناء المستقبل الزاهر. وأخيراً يمكنني القول إنها خلاصة مشروع عشته مع طلابي والذي حرك في وجداني الأمل، فأردت مشاركة الجميع به لننشر الخير والحب في نفوسنا، ومن هذا المنطلق أحلم أن يصبح مشروع "أنا أحب سورية" مشروعاً وطنياً كبيراً، يشارك فيه كل سوري غيور على وطنه من كل المحافظات السورية، بجميع إنتماءاتهم الجغرافية والسياسية والمذهبية، وهناك ثقة تملأ نفسي بأن هذا الحلم سيصبح حقيقة في الأيام القادمة، كون مبادرة "أنا أحب سورية" تسير نحو خطى ثابتة وخصوصاً أن رسالتها واضحة من البداية، تهدف إلى وحدة الوطن وتكوين قاعدة شبابية متينة تدعو إلى إنجاح هذا المشروع بأسلوب متحضر عن طريق القنوات الرسمية والطرق المشروعة المتاحة التي تخدم الوطن والمواطن بشكل واقعي وحضاري، وتعزيز الروح الوطنية لدى الجميع وبناء برامج تلبي جميع احتياجات الشباب وتفعيل جو ديمقراطي سلمي بروح المواطنة تخدم الوطن واللحمة الوطنية متنوعة الأطياف بعيدة كل البعد عن روح الطائفية كونها تخدم البلد. 
Khaym1979@yahoo.com