2024-04-19 03:59 م

من يصنع الارهاب سيحرق اصابعه قبل الاخرين !!

2015-01-24
بقلم : أكرم عبيد                                                    

الارهاب ليس جديداً على العالم لانه  نتيجة تراكمات وردأت فعل بشكل عملي منذ احتلال افغانستان عام 2001 حتى اليوم .

لذلك إن العمليات الارهابية الدامية التي ضربت قلب العاصمة الفرنسية باريس كانت متوقعة وحذرت وسائل إعلام فرنسية واوربية من حدوثها بعد تسريب معلومات استخباراتية افادت بإمكانية تنفيذ مثل هذه العمليات الارهابية سواءً في فرنسا بشكل خاص وفي  اوروبا بشكل عام .

وتعليقاً على هذه العمليات الارهابية التي ضربت فرنسا في قلبها باريس قال رئيس وزراء فرنسا الأسبق دومنيك دوفيلبان في برنامج تلفزيوني فرنسي عن تنظيم «داعش»: «إن تنظيم «داعش» ما هو إلا وليد مشوّه لسياسة الغرب المتغطرسة التي ضاعفت بؤر الإرهاب في العالم" ونحن في الغرب مسؤولون عن إنتشار "داعش" وعن إنتشار الجهل والتطرف، ويجب مراجعة سياسيتنا جذرياً وأن نتخلى عن دعمنا وتحالفاتنا للأنظمة المتطرفة والمتخلفة، لأنها أنظمة معادية للإنسان والحرية".

وهذه شهادة فرنسية حقيقية تمثل معظم الرأي العام الشعبي لفرنسي والاوروبي والعالمي جاءت من شخصية فرنسية عليمة في بواطن الامور وخلفيات ابعادها السياسية الاستعمارية القديمة الجديدة .

 لذلك فإن هذا الدرس الدامي يفرض على المراقب ان يتساءل هل ستبدأ الحكومة الفرنسية بعد هذه العمليات الارهابية الدامية في باريس مراجعة سياساتها العنصرية اليمينية المتطرفة من العرب والمسلمين بشكل عام ؟؟

وما علاقتها بالعدوان على ليبيا وسورية ؟؟ ولماذا تستخدام سياسة المعايير المزدوجة والكيل بمكيالين بخصوص هذه البلدان بعد الاصرار على التحالف مع الوهابية التكفيرية السعودية والوهابية القطرية والنظام العثماني الطوراني التكفيري بقيادة اردوغان و الاصرار بشكل خاص على إستهداف سورية البلد العربي العلماني التقدمي الوحيد في الوطن العربي .

نعم منذ ان تدخلت السلطات الفرنسية في اعلان الحرب على ليبيا وتدمير بناها التحتية والمجتمعية وقتل زعيمها بالاضافة لتدخلها غير المباشر في سورية خرجت فرنسا عن سياستها التقليدية التي اسسها الرئيس الراحل شارل ديغول الى خليفته جاك شيراك والتي قامت على اساس عدم التدخل في شؤون البلدان العربية

لكن الرئيس ساركوزي قلب كل المعادلات وخرق كل المواثيق بعد المشاركة في العدوان على ليبيا واستمرت هذه السياسة العدوانية في عهد اولاند بعد التدخل الاستخباراتي في سورية وخاصة بعد تسهل مهام الاف الارهابيين الفرنسيين والاوروبين والمرتزقة بالوصول الى سورية عبر الاراضي التركية بموافقة وتسهيل النظام التركي .

لذلك فإن فرنسا كانت ولا تزال هي الدولة الأوربية الأكثر حماسا لدعم الإرهاب المسلح للجماعات الوهابية التكفيرية التي تفتك في سوريا وليبيا والعراق واليمن ، ومن الطبيعي ان يرتد هذا الإرهاب على صانعيه وفي مقدمتهم فرنسا سواءً بشكل  عشوائي أو وفق مخطط معد سلفاً ليسهل إعادة تموضع فرنسا من جديد في المنطقة عسكريا وخاصة في مناطق نفوذها السابقة في مستعمراتها السابقة وفي جوارها العربي لتقسيم المسقم واعادة امجاد سايكس بيكو ولكن بمفاهيم صهيوامريكية .
وإنطلاقاً من هذه المعادلة والاحلام الاستعمارية الجديدة القديمة من حقنا ان نتساءل هل الهجوم على مجلة شارلي إيدو، سيعيد سيناريو برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك لتوسيع دائرة الاجتياح والعدوان لاحتلال بعض البلدان العربية كما حصل في افغانستان وبعدها العراق ؟ وخاصة أن فرنسا تعتبر أكبر قوة عسكرية في أوروبا الغربية وبعد الهجوم الإرهابي على المجلة .

لا شك ان المشهد السياسي الفرنسي يوحي للمتابع ان الحكومة الفرنسية قد تغامر في   ازديادة نشاطها العسكري في المنطقة العربية،لدعم ومساندة العمليات الأمريكية في العراق أولاً ثم التدحرج نحو سوريا وتوسيع نطاق عمليات السيطرة والنهب في ليبيا تحت شعار محاولة نشر الاستقرار في الدولة الفاشلة.

لهذا السبب فإن الحكومة الفرنسية تعتبر المستفيد الاساسي الى جانب العدو الصهيوني من هذه العمليات الارهابية الدامية ولها مصلحة كبرى في تحريك المشهد السياسي الفرنسي بسبب الأوضاع الاقتصادية الداخلية المأزومة والتي تسببت في انخفاض نسبة التأييد الشعبي للرئيس هولاند إلى ما دون الـ13% بالإضافة للغضب الشعبي من السياسة الخارجية غير الواضحة إلاّ لجهة التبعية المطلقة للولايات المتحدة الأمريكية,واشتراكها في دعم المخططات الإرهابية واستخدام الآلة العسكرية في ليبيا والصومال , وندم الرئيس هولاند على عدم مهاجمة سورية, وتبنيها مشاريع إخوانية في لعبة ما يسمى الربيع العربي المزور, والذي هزم بالمطلق في المنطقة العربية, وفشلت الحكومة الفرنسية في تحقيق اهدافها واهداف حلفائها المتصهينين الجدد وعصاباتهم الارهابية الوهابية التكفيرية وخاصة في سورية وفي مقدمتهم الحليف التركي القطري الحالم بإقامة ممرات آمنة ومناطق حظر جوي.. وقيامها بدعم الإرهاب في سورية وتسليحه نوعياً ومحاربته في مالي.. كلها أمورٌ جعلت فرنسا دولةً غير متوازنة لا تقودها إستراتيجية واضحة.. فمن دعم الإرهاب إلى محاربته وإرسال حاملة الطائرات شارل ديغول إلى الخليج للمشاركة في قصف "داعش" للهروب من مسؤولياتها الوطنية امام الشعب الفرنسي الذي سيعاقب هذه الحكومة ورئيسها كما عاقب ساركوزي واسقطه في مزابل التاريخ بسبب فشل سياستها والتصرف بمنطق التابع الهزيل للسياسة الامريكية معتقدةً ومتوهمة ان صناعة الارهاب ستكون الحل في الخروج من المأزق بعد اقتسام الكعكة مع الامريكان لكن الارهاب انقلب على اصحابه الفرنسين لحرق اصابعهم قبل غيرهم ولم يكن ارسال حاملة الطائرات الفرنسية للمشاركة في استهداف الارهابين في العراق وربما سورية إلا مبرر ضعيف لبرير عجز وفشل الحكومة الفرنسية في حماية المواطن الفرنسي من الارهاب والارهابين مما سيضعها امام استحقاقات داخلية صعبة امام الشعب الفرنسي الذي لن ولم يغفر لحكومته هذه الجريمة الدولية الموصوفة في صناعة الارهاب والارهابين التي اعتمدت كحل اسهل للخروج من مأزقها معتقدين ومتوهمين أن صناعة الارهاب والارهابين هي الحل !!

وفي نفس السياق كانت سلطات الاحتلال الصهيوني المستفيد الاكبر من العمليات الارهابية التي ضربت العاصمة الفرنسية الى جاني اليمين الفرنسي فسارعت الاستثمار هذا الحدث فوجه كبير المجرمين الصهاينة الارهابي نتنياهو نداء الى يهود فرنسا للهجرة الى الكيان الصهيوني لا بل تعمد المشاركة في المظهارات المناهضة للارهاب في باريس ليتباكى على ضحايا الارهاب الفرنسيين متجاهلا جرائم الحرب التي برتكبها بشكل يومي بحق الشعب الفلسطيني وفي مقدمتها مجازر العدوان الاخير على غزة ضد المدنين الابرياء وحرق الطفل الفلسطيني محمد ابو خضير حيا وغيرها الكثير من جرائم الحرب في الضفة الغربية المحتلة التي يجب محاكمته عليها الى جانب اركان حكومته المحتلة كمجرمي حرب بامتياز .

لذلك لا بد لهذه الانظمة الغربية الراعية للارهاب والارهابين من مراجعة سياساتها ومواقفها المعادية للشعوب الامنة والاستجابة للدعوة السورية القديمة الجديدة لتعريف الارهاب وايجاد آليات العمل الدولية المناسبة لمواجهة كل اشكال الارهاب وفي مقدمتها الارهاب الصهيوني ضد الشعب الفلسطني تحت الاحتلال وكذلك معاقبة كل من يقف وراءه بالتمويل والتسليح والرعاية والاحتضان وفي مقدمتها الدعوة لوقف استهداف سورية والعراق وليبيا واليمن ومنح شعوبها الحق في تقرير مصيرها وإيجاد الحلول السلمية لمشاكها عبر الحوار الوطني لحماية آمن الوطن والمواطن والتخلص من العصابات الارهابية كخطوة جادة على طريق مواجهة الارهاب الدولي وإلا سيرتد هذا الارهاب على اصحابه بعد حسم المعركة في سورية التي اصبحت في الربع ساعة الاخيرة من نهايتها لمصلحة الشعب العربي السوري بقيادة الرئيس بشار الاسد .

akramobeid@hotmail.com
 

الملفات