2024-04-20 10:13 ص

حماس: رسائل الحب في زمن القطيعة وسوء المآل

2015-01-28
بقلم : محمد بكر*
خطوةٌ في الاتجاه الصحيح خطاها الجناح العسكري لحركة حماس " كتائب القسام " لجهة الرسالة التي بعثها قائده العام محمد الضيف مهنئاً فيها قيادة المقاومة اللبنانية وأمينها العام سماحة السيد حسن نصر الله بشهداء القنيطرة داعياً كل قوى المقاومة للاتحاد في مشروع واحد مقابل مشروع الاستسلام للعدو الصهيوني وأعوانه , بدورها كان لرسالة التعزية التي أرسلها رئيس الحركة في غزة اسماعيل هنية ذات المسار الإيجابي , إذ أكد على أن يد المقاومة اللبنانية ستبقى العليا برغم كل الآلام , في حين لم يمض الكثير من الوقت على التطور اللافت في الموقف الحمساوي ولاسيما في خضم الاختلاف مع إيران وحزب الله, فيما يتعلق بالموقف من الأزمة السورية حتى أطل القيادي البارز في الحركة محمود الزهار ليعلن أن حماس حركة واحدة موحدة ومواقف قادتها العسكريين والسياسيين هي مواقف واحدة وإن التنسيق ضروري لأن المستهدف هي المنطقة . فهل أدركت حماس مكامن الخلل في سلوكها السياسي وتلمست بجدية عدم صوابية رؤيتها للمرحلة السياسية السابقة المسماة "ربيعاً " ؟ أم إن سياسة الحركة لم تتغير ولو انتقل مقارها من سورية بحسب ما أعلنه الزهار؟ وهل باتت الحركة بالفعل حركة واحدة تنعدم فيها الفجوات بين جناحيها العسكري والسياسي ؟ وماهي في اعتقادنا متممات هذه الرسائل بما ينعكس إيجاباً على القضية ؟ بالأمس القريب وتحديداً في شهر كانون الأول من العام 2012 وفي ذكرى انطلاقة الحركة وفي الوقت الذي كان يوجه فيه أبوعبيدة المتحدث باسم القسام الشكر لإيران , لم يجد رئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل أي حرج في رفع علم " الثورة السورية " والتلويح به تعبيراً عن التضامن المطلق مع " المعارضة السورية " , هذا التغير في الموقف والتحول في نظرة الحركة تجاه ما يجري في سورية جاء في سياق لافت كان مشعل قبله ومنذ بدايات الأزمة يلح بإصرار ويطالب القيادة السورية بضرورة قمع الحراك على الأرض وتوصيفه على أنه صنيعة غربية تريد النيل من مواقف سورية الداعمة للمقاومة بحسب ما جاء على لسان الرئيس الأسد عند لقائه مؤخراً وفداً من الجالية الفلسطينية في أوروبا , لكن وصول الإخوان المسلمين إلى سدة الحكم في مصر, وطغيان المبادئ الإخوانية على المعتقد الحمساوي وانعكاساته السلبية على سلوك الحركة ظناً منها بأن المفرز الجديد قد يؤمن لها بدائل أكثر فاعلية وحضناً أكثر دفئاً , كان المصدر والباعث الرئيس للتغيرات في المواقف السياسية التي لم تفلح معها التبريرات وتجميل ماهو جديد الحركة في انسلاخها عن دمشق الحلقة الرئيسة في العقد المقاوم , نلك التبريرات التي جاءت على لسان موسى أبو مرزوق نائب رئيس المكتب السياسي بعد عشرة أشهر من الحادثة, لم تفلح في دحض فكرة أن ما فعله مشعل يومها كان مقصوداً وليس عن طريق الخطأ . سنة مرت على حكم الإخوان لمصر كانت نشوة الحركة في ذروتها , هذه النشوة التي جعلت من العقول الحمساوية " عقولاً غلفاً " لم تدرك حتى في ذروة احتدام حرب الأيام الثمانية على قطاع غزة أن أحد الأسباب الرئيسة لنصر المقاومة الفلسطينية , والتطور النوعي في إدارة المعركة وتبدل مشاهدها وحيثياتها عندما دكت صواريخ المقاومة تل الربيع " تل أبيب" بالتسمية الإسرائيلية, إنما كان بفعل ونتيجة مباشرة للدعم الإيراني والسوري, مع تأكيدنا هنا واحترامنا لكل تضحيات وبطولات المجاهدين الفلسطينيين التي يعود لها الحضور الأساسي في صناعة النصر والصمود لكننا نتحدث هنا بالمعنى الاستراتيجي لذلك النصر, في حين على العكس تماماً لم يكن ( لمصر محمد مرسي) أي دور فاعل وحاسم في تلك الحرب سوى مسارعته و تركيا لإبرام هدنة مع الكيان الصهيوني خدمة له وإنقاذاً لآلته العسكرية من مأزقها الميداني . سقط الإخوان , واستمرت الحركة في تحركاتها " الخاطئة " نحو الساحات والميادين الإخوانية التي لم ولن تعد منها الحركة إلا بخفي حنين , وعليه فإن استمرار عقد الآمال على مثل هذه الساحات لن يزيد تحركات الحركة إلا شتاتاً وانحرافاً وإضاعة للوقت . إن ما طرحه القائد العام للقسام في رسالته للمقاومة اللبنانية يجب أن يكرس منهاج عمل للجناح السياسي للحركة نظراً لما يشكله هذا الطرح من خارطة طريق واضحة الملامح, واستراتيجية مواجهة فذة في مكانها الصحيح , لجهة الكف عن الجري في ملعب المنخرطين في مشروع الاستسلام للعدو الصهيوني الذي جاء في رسالة الضيف , والتحرك والتموضع الفاعل في الدوائر الإقليمية الصحيحة التي تخدم القضية استراتيجياً , والإسراع في وضع خاتمة ونهاية لمسلسل الفصائلية والحزبية والانتصار لأفكار / لا بأس من التفاعل معها / لكن من دون الانخراط بها والمضي معها إلى مستقرات لايحمد عقباها ومنتهاها , فالحال السياسية التي وصلت إليها الحركة غدت أشبه بالكرة التي تتقاذفها الأرجل الإخوانية من ملعب الدوحة إلى ملعب أنقرة تحت تأثيرات ومصلحة حسابات إقليمية ودولية آخر ماتفكر به هي القضية الفلسطينية , هذا إن لم نقل تصفيتها و استنزافها والقضاء عليها خدمة للكيان الصهيوني . نعم من الأهمية بمكان أن ترسل مثل هذه الرسائل في هذا التوقيت , وفي هذه المرحلة الحرجة وإن كان تقاطع النيران وتوحدها على الأرض الفلسطينية كما أكد محمد الضيف مطلباً ملحاً وضرورياً فإن تقاطع وتلاقي المواقف السياسية لقيادة حركة حماس مع الرؤية السياسية لجبهة المقاومة المتمثلة بإيران وحزب الله وسورية من جهة , وتلازم المشهد الحمساوي السياسي منه مع العسكري لجهة توحد المواقف والاستراتيجيا من جهة أخرى يعد أكثر إلحاحاً ومن المتممات الأساسية لاكتمال مفاعيل " رسائل الحب والود " يتعاظم معها الشعور بوحدة المصير والاستهداف من قبل عدو واحد ولاسيما في زمن يطفح بالتحديات المشتركة تضر فيه القطيعة ولاتنفع على الإطلاق .
 * كاتب سياسي فلسطيني مقيم في سورية