2024-04-24 11:59 م

السر وراء اعتراف واشنطن بوجود 20 ألف مقاتل أجنبي في سوريا

2015-02-15
لم تكن واشنطن يوماً شغوفةً بالاعتراف بالحقائق، لكن نزعتها البراغماتية كانت تفرض عليها اللجوء إلى ذلك كل حين، عندما دخل الأمريكيون العراق كانت واشنطن تعلم حقيقة أن لا وجود لأسلحة دمار شامل في هناك، وقد اعترفت بذلك لاحقاً، لكن بعد أن احتُلت بغداد وفُكك الجيش العراقي وذهبت ضحايا بعشرات الآلاف، الاعتراف الأمريكي وقتها بحقيقة الخطأ المرتكب كان بداعي إيجاد ذريعة للانسحاب.
وفيما يتعلق بالقاعدة وقصة أسامة بن لادن، فقد أشارت غالبية الأبحاث والمعطيات وحتى آراء العديد من الشخصيات الأمريكية بأن بن لادن لم يكن مسؤولاً عن أحداث أيلول الأسود، الرجل بذاته لم يتبنى تلك العملية حينها، لكن الإدارة الأمريكية لازمت الصمت واستمرت في حياكة القصة التي انتهت بسيناريو قالت فيه أنها قتلت بن لادن وألقت بجثته في البحر!
هذه المقدمة كانت ضرورية لتبيان التكتيك الذي تتبعه واشنطن في عملها الخارجي ضد أية دولة، تخفي الحقائق في الفترة الأولى ثم لا تلبث أن تبرزها في النهاية كي تضمن طريق العودة عمّا فعلته إن كان فيه تكاليف باهظة.
في سوريا، لازمت واشنطن سياسة البروباغاندا الهوليودية من خلال مزاعم بوجود ممارسات عنف من قبل الحكومة السورية ضد من أسمتهم بـ "المتمردين المسالمين" تطورت المزاعم لتصل إلى مرحلة الادعاء باعتدال ميليشيا الحر وتمثيل المعارضة الخارجية للشعب السوري وعدم وجود تنظيمات تكفيرية أخرى على الساحة السورية، ثم لم تلبث واشنطن أن اعترفت بأن ما يُسمى بالائتلاف المعارض لا يمثل كل السوريين كما اعترفت بوجود جماعات إسلامية لم تسمها وقتها، بل لم تكن أمريكا تأتي على سيرة وجود مقاتلين أجانب حينها، وأشرفت بذاتها على الدعاية القائلة بأن الغالبية الساحقة ممن يقاتلون على الأرض هم من السوريين! مر الوقت على الأزمة السورية، حتى باتت واشنطن تتحدث عن "داعش والنصرة" دون الإشارة لأعداد المقاتلين الأجانب وخطرهم على الدول التي يأتون منها، تمدد الغول الداعشي، فتداعت أمريكا مع حلفائها للإعلان عن تحالف دولي لحربه، وخرجت فجأة معلومات لدى واشنطن وبقية العواصم الغربية بوجود مقاتلين أجانب بأعداد كبيرة في سوريا!.
الاعتراف الأمريكي جاء من خلال المخابرات الأمريكية التي قدّرت عدد المقاتلين الأجانب في سوريا بأكثر من 20 ألفا، مشيرة إلى أنهم جاؤوا من 90 دولة في العالم.
مادامت واشنطن تعلم بوجود مقاتلين أجانب على الأراضي السورية منذ العام 2012 على اعتبار أن أجهزة الاستخبارات الغربية كانت ولا تزال نشطة في المناطق التي تسيطر عليها الجماعات المسلحة، فلم لم تعترف أمريكا بتلك الحقيقة قبل هذا الوقت؟
الاعتراف الأمريكي ليس على مبدأ لله وللتاريخ، ولا كرمى لعيني سوريا وحكومتها، بل لأن إدارة الرئيس أوباما تمر الآن بتحدٍ هو الأصعب منذ سنوات، الرئيس الأمريكي يطالب الكونغرس بتفويض من أجل استخدام القوة ضد "داعش"، والمخاوف الأوروبية في ازدياد من عودة " الجهاديين" إلى بلدانهم، بالتالي فإن الاعتراف الأمريكي بوجود عشرين ألف مقاتل أجنبي في "سوريا" هو من أجل تبرير طلب التفويض باستخدام القوة، ولإيجاد ذريعة التدخل العسكري بغض النظر عن طريقته أكان عبر غارات جوية أم عمليات برية بواسطة الغربيين أنفسهم أو وكلاء عنهم، يُضاف إلى ذلك أن واشنطن تهدف لإفهام الرأي العام الغربي بأن مهمة الحرب على "داعش" ليست بتلك السهولة بدليل وجود عشرات آلاف المقاتلين ، بمعنى آخر فإن الاعتراف الأمريكي بوجود هؤلاء المقاتلين هو كلمة حق يُراد بها باطل.