2024-04-25 09:12 ص

عذرا أهل ليبيا إن مربط الفرس واحد

2015-02-23
بقلم: الدكتور أنور العقرباوي*

لم يكن ليدرك الشعب الليبي عندما لحق بركب إنتفاضة الغضب العربية، أن آماله وتطلعاته ستكون دون أدنى أحلامه، تتنازعها الأطراف ذات المصالح المتشابكة، وتنأى عنه وحيدا مجموعات الأصدقاء، تاركة إياه فريسة للتدخلات الخارجية، والأحقاد المناطقية القبلية الدفينة، تماما كما وقفنا نحن عاجزين متفرجين، بعد أن منحنا الضوء الأخضر للتدخل فيها تحت ما كان يسمى بالجامعة العربية! نجحوا في احتواء شعارات المرحلة المرتجلة وفرز "ربيع عربي"، واستغلوا التعلق الفطري بالإيمان، واستبدلوه في مشاريع سياسية، ظاهرها الحرص على التخلص من العبودية، وواقعها ما آلت إليه الأمور من عنف وخراب ودمار، ونذر تقسيم ما هو مقسم، تؤازرهم نظما ديكتاتورية مذعنة، أهدرت مدخرات شعوبها في بازارات السلاح، بدعوى الدفاع عن أهل مذهب أو طائفة تارة، أو الإنتصار لفصيل عسكري أو سياسي على حساب آخر تارة أخرى. وإذا كان "الربيع العربي" قد وجد له مرتعا حيث تتعدد المكونات العقائدية في كثير من المجتمعات العربية، فإنه على النقيض من ذلك لم يجد له مدخلا طائفيا أو مذهبيا في ليبيا، إلى أن نجحوا بالتسلل والعبث بنسيجها الإجتماعي من خلال قوى داخلية متنازعة، وأخرى خارجية انبرت تؤلب فريقا "ليبراليا" وآخر "إسلاميا" بعضهما على بعض، اللتي ما كانت الوسطيه والإعتدال ليفرقهما تاريخيا، واللتي لا تبرح كل أطراف النزاع نفسها في التأكيد عليه. إن التوصل إلى تحقيق آمال الشعب الليبي، في الحرية والكرامة والعدالة الإجتماعية، لن يتحقق طالما هنالك أيد توجه النزاع في الخفاء، ولا بد لكافة الفرقاء أن تغلب لغة الحوار على العصبية، قبل أن تلتهمهم النيران جميعا، وتبدد ما تبقى لهم من أحلام وثروات لا ينتفع منها إلا تجار السلاح. لا ينبغي لأحد أن يراوده الوهم في أن تجد أنات الشعوب العربية، صدى مسموعا لدى المتربصين بآمالها وتطلعاتها، ولا أن يفاجأ حين ينبري هؤلاء جاهدين لوأد أحلامها في مهدها، ما دامت الفوضى العارمة مستمرة، وعدم توافق الآراء ولو بحدها الأدنى غائبا، و فرز أصحاب الرؤية معدوما، والجماهير المسكونة بالقهر والفقر و الظلم، لا حول ولا قوة لها. ولا يعقل على أي عربي أن يجد لنفسه عذرا وأن يقف صامتا إزاء هذا النزيف الدامي المستمر، ولكنه عندما تكون شرعية المتنازعين، أحذها لدى آل سعود و الأخرى لدى آل ثان، وجميعنا يعلم أن مربط كلاهما هو في واشنطن، فلعله من الأجدر على أهل الشعاب أن يعودوا إلى رشدهم، وأن يتقوا الله في مستقبل أجيالهم القادمة، وسلامة ووحدة بلادهم. 
* كاتب عربي، واشنطن

الملفات