2024-04-20 03:26 م

الإخوان وإلا...داعش!

2015-02-25
بقلم: إيهاب شوقي
قالت مصادر دبلوماسية غربية أن "الإدارة الأمريكية تدفع باتجاه مصالحة ما بين السلطات المصرية وحركة الإخوان المسلمين" في البلاد. وقالت المصادر الغربية لوكالة الانباء الايطالية "آكي"، إن "الإدارة الأمريكية أبلغت السلطات المصرية وعددًا من الأنظمة الخليجية الداعمة لها بأنها لا تعتبر أن الإخوان المسلمين هم بأي حال مثل تنظيم داعش، وأنها ترى أن الإخوان لا يدعمون العنف ولا الإرهاب خلافًا لادعاءات السلطات المصرية. وأضافت المصادر أن "الإدارة الأمريكية أبلغت السلطات المصرية وأيضًا السعودية أنها ترى أن الحل في مصر يكمن بحوار مصري داخلي يتم من خلاله استيعاب الإخوان المسلمين في المعادلة السياسية المصرية، وأنها ترى أن استمرار الإجراءات المصرية ضد الإخوان غير مبرر ولن يقود إلى أي حل وإنما سيعقد الأمور". العلاقات الاخوانية الامريكية علاقات قديمة وراسخة، وقد استطاع الإخوان طوال تلك السنوات أن يكونوا ثروة طائلة من عملهم كمقاولي أنفار للولايات المتحدة، قدرها الخبراء في واشنطن بستين مليار دولار. المخابرات الأمريكية طالما استعانت بهم لمحاربة جنال عبد الناصر والاتحاد السوفيتي، وعاودت الاستعانة بالإخوان في تهيئة الأجواء بمنطقة الخليج؛ من خلال إظهار دعمهم للرئيس صدام حسين ومباركتهم لخطته "غزو الكويت"، حيث أوفدت الجماعة مجموعة من قياداتها من بينهم أعضاء بارزون بنقابة المحامين بمصر لمقابلة صدام وأقنعوه بوضع لفظ الجلالة‏ (‏ الله أكبر‏)‏ على العلم العراقي، لأهمية إضفاء الصبغة الدينية على خطابه السياسي، وإطلاق مسمى الحرب المقدسة على غزوه للكويت, ووفقا للسيناريو المتفق عليه احتلت القوات العراقية الكويت لإيجاد مبرر لأمريكا للتدخل بدعوى مساندة الكويت وطرد المحتل العراقي. قيادات الاخوان في لقاءات دائمة مع اعلى المستويات في امريكا، مثل يوسف ندا مفوض العلاقات الخارجية للجماعة، والذي ذكر"أنه قابل الرئيسين الأمريكيين، بوش الأب وبيل كلينتون، خلال حقبة التسعينيات، وعرض عليهما توسط الإخوان لأمريكا في بعض القضايا المثارة مع دول في العالم الإسلامي، مضيفا أنه اتصل أيضا بمؤسسات داخل الولايات المتحدة- لم يحددها- من أجل ذات الموضوع، وهو ما أقر به مأمون الهضيبي مصدقا على كلام ندا. استمرت المخططات الإخوانية في مصر في فتح جسور الحوار مع الأمريكان، وبدأ الإخوان في الاتصال بالدكتور سعد الدين ابراهيم، وقام وفد من الجماعة بزيارته في منزله بالمعادي، عقب خروجه من السجن، و اقام سعد الدين علاقات جيدة ببعض قادة الإخوان الذين زاملوه في السجن، واقنعوه بضرورة القيام بوساطة لتقريب وجهات النظر بين الإخوان والاوروبيين وهو ما حدث فعلا عقب خروجه من السجن، حيث رتب للقاء بين دبلوماسيين أوروبيين من سفارات بريطانيا وسويسرا والسويد، ووفد من الجماعة ضم كل من: محمد مرسي رئيس الهيئة البرلمانية للجماعة آنذاك، وعصام العريان عضو مجلس شورى الجماعة، والصحفي محمد عبد القدوس، بينما حضر من الجانب الآخر عدد من الدبلوماسيين الغربيين، ودار الحوار حول إمكانيات وصول الإخوان إلى السلطة، والأجندة السياسية التي يحملونها حال وصولهم إلى الحكم، وموقفهم الحقيقي من الغرب، وقضايا الديمقراطية وحرية الرأي والتعبير. وتكرر السيناريو نفسه مع د. سعيد النجار الذي زاره عدد من الإخوان للاستفادة من علاقاته الجيدة وتوجهاته الليبرالية لعقد لقاءات مع مسئولين في الخارجية الأمريكية لكنهم لسبب ما لم يفاتحوه في الموضوع صراحة .. بعد انتقال الحوار إلى موضوعات خلافية كثيرة بعيدة عن أهداف اللقاء وبقي في برنامج الإخوان لقاءات مع الكاتب مأمون فندي وتوماس فريدمان. وتفيد التقارير بإجراء تفاهمات مع الإدارة الأمريكية، عن طريق التنسيق مع الإخوان في أمريكا وخصوصا د.حسان حتحوت رئيس احدى اكبر المنظمات الإسلامية في أمريكا، وهو احد تلاميذ حسن البنا المخلصين، بما له من علاقات جيدة بالمؤسسات الأمريكية، حيث كان أول من استقبل الرئيس جورج بوش الابن في المركز الإسلامي التابع له بعد احداث 11 سبتمبر مباشرة ، وبدأ الإخوان بالفعل اتصالاتهم وكان مقررا ان يسافر احد أعضاء مكتب الارشاد إلى أمريكا للقاء بعض القيادات هناك خصوصا المسئولين عن ملفات الشرق الأوسط، ولكن حرب العراق أجلت هذه الترتيبات، ولم تشارك الجماعة في أي تصعيد ضد الاحتلال الأمريكي في العراق، بل ساهمت، بتعليمات من مرشدها العام محمد مهدي عاكف، في تثبيت دعائمه، عن طريق دفع إخوان العراق للإنضمام إلى حكومة بريمر. كما بادرت بعض وسائل الإعلام الأمريكية بالدفاع عن الجماعة حيث اعتبرت مجلة ‏FOREIGAFFAIRS‏ أن جماعة الإخوان بوليصة تأمين ضد التطرف والإرهاب وأن التحاور معها يحقق المصالح الأمريكية لتلاقي مصالح الطرفين في مجالات متعددة ومطالبة المسئولين عن صنع القرار الأمريكي بإقامة الحوار مع الجماعة من خلال ممثليها المقيمين في الغرب‏,‏ والتأكيد على اعتدال الجماعة ‏(‏من وجهة نظرهم‏)‏ تجاه القضية الفلسطينية بدعوي أن الجماعة تري أن الصراع مع إسرائيل ليس دينيا بل هو نزاع على الأراضي المحتلة. مؤسسة راند البحثية، وهي مؤسسة أمريكية بحثية ذات صلة مباشرة بالمحافل الماسونية، ومن أهم مؤسسات الفكر الأمريكية ذات التأثير في دوائر صنع القرار في الإدارة الأمريكية، تعود نشأتها إلى فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية وتحديدا عام 1946، حيث تأسست بإشراف سلاح الجو الأمريكي تحت اسم معهد راند " RAND Institute"على غرار بيت الخبرة البريطاني "Think Tank"، وظل سلاح الجو الأمريكي يرعى المعهد الذي ساهم في حل كثير من المشكلات التي تعترض صناع القرار في القوات الجوية. وبعد النجاح الذي أدى به المعهد دوره في خدمة صناع القرار في سلاح الجو الأمريكي ارتأت الإدارة الأمريكية توسيع نشاطه ليشمل فروع القوات المسلحة كافة ومن ثم أجهزة الدولة كلها فتحول ليحمل اسم مؤسسة راند " RAND Corporation" كمنظمةً بحثية غير ربحية تهدف إلى تطوير السياسات وآليات صنع القرار، وما زالت المؤسسة تتلقى دعمها المالي من الحكومة والتبرعات، وذات تأثير نافذ في السياسات الأمريكية، وتقدم خدماتها لكل من القطاعين العام والخاص. ويعود اهتمام راند بالإسلام وما أسمته بالخطر الإسلامي إلى عام 1999 أي قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر بنحو عامين ، حين أصدرت كتابا بعنوان " مواجهة الإرهاب الجديد" وقد أعدته مجموعة من الخبراء الأمريكيين، وحذر الكتاب أن خطر الإرهاب الجديد سيتركز في منطقة الشرق الأوسط ومن ثم سيشكل تهديدا للأمن القومي الإسرائيلي والمصالح العليا للولايات المتحدة في المنطقة. أما التقرير الأخطر في رأي الخبراء هو الذي قدمته مؤسسة راند فكان بعنوان " بناء شبكات مسلمة معتدلة " Building Moderate Muslim Networks "، الصادر عام 2007 وأثار ضجة حينها وكان يهدف إلى رسم خطة متكاملة للسياسة الأمريكية في العالم أجمع وخاصة منطقة الشرق الأوسط، وقد قدم تعريفا أمريكيا خالصا لمفهوم الاعتدال، فالمسلم المعتدل هو من يرفض الشريعة، ويؤمن بالعلمانية, هذا التقرير الذي أصدرته هذه المؤسسة البحثية التي تدعمها المؤسسة العسكرية الأمريكية والتي تبلغ ميزانيتها السنوية قرابة 150 مليون دولار - والذي يقع في 217 صفحة، ومن أهم ما ورد في التقرير الملامح الرئيسة التي يمكن من خلالها تحديد ماهية الإسلاميين المعتدلين، وأهمها وعلى رأسها القبول بالديمقراطية، فقد اعتبر التقرير أن قبول قيم الديمقراطية الغربية مؤشراً مهماً على التعرف على الإسلاميين المعتدلين، فالإيمان بالديمقراطية يعني في المقابل رفض فكرة الدولة الإسلامية التي يتحكم فيها رجال الدين؛ لذا يؤمن الإسلاميون المعتدلون بأن لا أحد يملك الحديث نيابة عن الله. وفي عام 2008 صدر كتاب لراند بعنوان "صعود الإسلام السياسي في تركيا "The Rise of Political Islam in Turkey" ، ويصف الكتاب المشهد السياسي والديني في تركيا، والعلاقة بين الدين والدولة، وكيف تقيم الدولة التوازن بين القوى العلمانية والدينية ،وبين النخب الكمالية والفئات الاجتماعية الجديدة الناشئة . وحديثا، أوصت دراسة لمؤسسة "راند" نشرت بتاريخ 18-10-2012 الإدارة الأمريكية إلى الانفتاح التام على مختلف فئات الإخوان وشبابهم. وخلصت توصيات الدراسة التي حملت عنوان "الإخوان المسلمون، شبابها وتبعات للتواصل الأمريكي" أن على صناع القرار الأمريكيين الوصول إلى شباب الإخوان في الأقاليم والتعامل مع فئات الإخوان كما هي بدون تجميل وتخطي أولئك الذين تقدمهم قيادة الجماعة للمسئولين الأمريكيين ويكونوا عادة مختارين بعناية ممن يتقنون اللغة الانجليزية ولديهم رؤى سياسية معتدلة. ودعى تقرير مؤسسة راند الأمريكية إلى التركيز على شباب الإخوان ضمن برامج الدبلوماسية الشعبية الأمريكية المطبقة في مصر من اجل تغيير أرائهم تجاه أمريكا وسياستها. في عام 2007 التقى وفدان أميركيان مختلفان بقيادة أعضاء بالكونجرس بقيادات للإخوان المسلمين في البرلمان وعلى رأسهم سعد الكتاني، والأمريكان – وفقًا لتقرير راند – تفاجئوا بضعف المعارضة الداخلية لتواصلهم مع الإخوان، وظهر قادة جمهوريون كبار مثل جون ماكين يشجعون هذا التواصل. الأمريكان أرادوا التواصل مع القادة الجدد في مصر لمعرفة مواقفهم تجاه "إسرائيل" وقضايا الديمقراطية والحريات، والإخوان أيضًا أرادوا الشرعية الدولية والتواصل حول مواقف أميركا من مستقبل مصر. أصبح الإخوان أكثر الأحزاب السياسية لقاءً مع الأمريكان – كما تقول الدراسة. يتهم بعض المراقبين راند بعلاقاتها القوية مع شركات تصنيع الأسلحة وأجهزة الاستخبارات والتي جعلتها تضطلع بمهمة تحفيز القادة الأمريكيين لما أسمته بالحروب الاستباقية التي شهدناها في أفغانستان والعراق، وراجت على إثرها مبيعات الأسلحة وأجهزة الاستخبارات، مما أثار تساؤلات عديدة حول دور المؤسسة في الدفع بالإدارة الأمريكية لخوض حروب لا مبرر لها. داعش دائما ما تسبق التواحد الامريكي وتمهد له، وهي بدورها تخدم امريكا كسلاح ذي حدين، حده الاول هو استنزاف الجيوش وفرض التقسيم على الارض وفرض الاستدعاء لامريكا والناتو، والحد الاخر هو القيام بدور الفزاعة ليكون البديل الاخواني المستأنس مستساغا بل واعتلائه سدة الحكم ..رحمة للشعوب!!!.

الملفات