2024-03-29 09:56 ص

حزب البعث .. وحملة "عيشها غير"..

2015-02-26
بقلم : الدكتور محمد بكر*
" عيشها غير " هي عنوان الحملة الوطنية التي تشارك فيها فعاليات ومؤسسات رسمية وغير رسمية في الوطن السوري تعبيراً عن ضرورة التفاعل الوطني مع سورية الوطن والشعب وتعميقاً لمفهوم الانتماء للأرض وتكريساً لصيغ المواطنة الحقيقية , فأن تكون مواطناً مسؤولاً أو موظفاً في أي مرتبة وظيفية أو شخصاً عاديا ً في مجتمعك , فإنه من المواطنة بمكان أن تتحمل مسؤولياتك تجاه وطنك وتجاه أبناء شعبك بما يعزز المصلحة العامة وبما يحقق سمواً ورفعة ً لسمعة وطنك الذي تعيش فيه , وانطلاقاً من إيماننا بمبادئ حزب البعث العربي الاشتراكي وعدالة أهدافه القومية وتعزيزاً لقيم مدرسته الوطنية التي تربينا في كنفها ونهلنا من أفكارها الخلاقة , ونظرتنا له كمؤسسة قومية وطنية تطفح بتاريخ من النضال وتكرس جملة من الأمجاد والانتصارات والسجلات الحافلة بقصص البطولة والتضحية و ما تكتنزه من مآثر عديدة تقص عناوين الرجولة , هي بقعة ضوء صغيرة نسلطها على بعض الجوانب السلبية الحاصلة في بعض المفاصل والمواقع الحزبية التي كان لممارساتها مفاعيل " سلبية " على الأرض السورية ولاسيما خلال سنوات الحرب على سورية والتي من المفترض أن تفرز جملة من الكوادر قادرة على إدارة المرحلة الاستثنائية تنتفي فيها أي مصالح شخصية وتغلب فيها فقط المصلحة الوطنية التي تحتاج بل هي بأمس الحاجة لكوادر موغلة في الوطنية , وهي بلا شك موجودة في الكثير من المواقع , مع احترامنا هنا وانحنائنا أمام تضحيات وصمود وبطولات الرفاق البعثيين الذين ضحوا بدمائهم وأرواحهم لتحيا سورية, وليبقى هذا الوطن القلعة الشامخة التي لايعمر فيها غزاة أو إرهاب , وأنا هنا لا أنقل مشاهدات شخصية فحسب بل أمثل شريحة من الكتاب والمثقفين البعثيين الذين على معرفة بهم وبعضهم الآخر وهم الأغلبية التي لا أعرفها بالطبع لكنها موجودة في مفاصل عديدة تعاني بالتأكيد نفس المعاناة ولسان حالها يتحدث بما أتحدث . يقول الرئيس الأسد في مقابلة مع صحيفة البعث السورية بتاريخ 11/ 7/ 2013 ( إن ثقافة النقد يجب أن تكون إحدى أساسيات عملنا الحزبي وغير الحزبي وإن القضية قضية ثقافة لا علاقة لها بالأنظمة والقوانين ) , ويضيف الرئيس الأسد : ( عندما تقصر القيادة يجب أن تتحمل مسؤولية تقصيرها والدور الحقيقي للجنة المركزية هو محاسبة القيادة وهذا مالم يحصل خلال السنوات الماضية . ويضيف : (إن مكافحة الفساد سواء في الدولة التي يحكمها الحزب أو داخل الحزب نفسه يشكل أحد أهم أركان عودة الحزب إلى قواعده وجماهيره ). لعل من أهم القضايا التي من الممكن أن يطالها النقد هو موضوع الكفاءات الواجب اختيارها لقيادة الفروع سواءً في فروع المدينة أو فروع الجامعات وبالطبع لا نقصد بالكفاءات أصحاب الشهادات العليا فقط والتي لها دور بلا شك ( أي الشهادة العلمية) في عملية القيادة لكن الأهم هو برنامج العمل الواضح والخطة متقنة الأهداف والحنكة الإدارية لجهة الوصول للجماهير والالتصاق بمشكلاتهم وهمومهم, لا أن يكون الوصول إلى المنصب هو الغاية والهدف ومن بعده " فليكن الطوفان " , وهذا ما أكده الرئيس الأسد خلال لقائه الأخير مع كوادر فرع طرطوس عندما أشار سيادته إلى أن الحزب لم يكن خلال الفترة الماضية حاضراً في الأحياء . وأن الجماهير نظرت إليه كحزب سلطة فقط . وهنا أذكر حوادث سمعتها ورأيتها وحدثت على المستوى الشخصي لكنها تعكس بحيثياتها ومدلولاتها جانباً من الخلل والاستراتيجية المتبعة في طريقة تعامل بعض الكوادر مع مختلف القضايا . أتذكر أنه وبالتزامن مع تشكيل قيادات حزبية جديدة في المكاتب الفرعية وكنت حينها منتدباً لصالح أحد الفروع , وكوني ممن يعملون في الحقل الإعلامي وأكتب لفترات طويلة في الصفحات السياسية لصحف عدة , ولي دراية مقبولة في هذا المجال , لذا دفعني الإحساس بالمسؤولية الوطنية لعرض بعض الأفكار على أحد القيادات الموجودة لجهة تطوير العمل في المكتب الفرعي وإمكانية تغيير أنماط الاستراتيجية التي كانت متبعة في السابق بما يعزز الوعي لجماهير الحزب وما يحقق الفائدة ولاسيما في هذه المرحلة من الحرب التي كان جوهرها بامتياز هو استهداف الوعي القومي الجمعي الراسخ في ذاكرة الجماهير على مدى سنوات لجهة تحويله إلى فكر طائفي تناحري تغيب فيه قدسية الأرض ويسهل معه التسلق على شجرة الأعداء التاريخيين لهذه الأمة , وأذكر أنني طلبت منه إمكانية ندبي للمكتب من أجل تحقيق الغاية المرجوة لكني فوجئت بجوابه لي أن ملاك المكتب هو لشخصين فقط , وبالطبع كان الملاك حينها غير شاغر وذلك لوجود شخصين مفرغين منذ عشرات السنين وليس لهم أية علاقة أو إمكانية علمية أو عملية في التطوير المراد , وهذه الاستراتيجية يمكن قياسها بطبيعة الحال على باقي الفروع التي تطفح مكاتبها الفرعية بمن هم مفرغون فيها منذ سنوات وليسوا على دراية علمية مختصة في مجال عمل المكاتب المتواجدين فيها . مشاهدةٌ أخرى رواها لي أحد الأصدقاء البعثيين وأثناء تلمس أحدهم العون من أحد القائمين على آلية توزيع مادة المازوت في إحدى الشعب الحزبية ليسد حاجة والدته من التدفئة والذي طفح جسدها بالجراح جراء تفجير إرهابي حدث في الحي , فما كان إلا أن عاد بخفي حنين وقد ُطلب منه أن ينتظر دوره وقد شارف الشتاء على الانتهاء ولم يأت الدور, ولسان قرارة نفسه ربما يسأل :هل ينتظر ذلك المشرف الحزبي دوره لأخذ حصته من مواد التدفئة؟؟ وآخر يحمل شهادة عليا في أحد الاختصاصات قصد إحدى الجامعات وتحديداً إحدى الجهات الحزبية فيها كونه من الرفاق البعثيين للمساعدة في تأمين ساعات تدريسية من خارج الملاك فلم يكن جنيه بأفضل من سابقه عندما قيل له أن هناك أعداداً كثيرة من المدرسين في اختصاصه ولامجال لمساعدته وهو الذي يعلم أن الموجودين هم مَن أقل منه على المستوى التعليمي ولسان قرارة نفسه ربما يسأل أيضاً : لو كان ابن ذلك المسؤول الحزبي يحمل شهادة عليا وأراد التدريس في الجامعة فهل سيقال له ما قيل لغيره ؟ وبالطبع يمكن قياس تلك المشاهدات على المئات ممن تصادفهم ذات المشكلات والتي يمكن تحسسها من نبض الشارع نفسه . كثيرة ٌ هي المشاهدات بهذا الخصوص وإن كانت تحمل طابعاً فردياً فيما أوردناه لكنها تعكس بصورة أو بأخرى الخلل الحاصل . هي دعوةُ للقيادة الحزبية التي نجل ونقدر ونحترم , وبصفتها مؤسسة كباقي المؤسسات أن تنضم لقائمة "عيشها غير" لجهة التوجيه بالتطبيق الفاعل للاستراتيجيات والرؤى التي يطرحها الأمين القطري في لقاءاته ومقابلاته من جهة , ومحاسبة المقصرين ومعالجة الخلل أينما وجد من جهة أخرى. التحية لسورية الدولة والشعب , والنصر لجيشها العربي السوري . 
* كاتب سياسي فلسطيني مقيم في سورية .