2024-03-29 04:31 م

توافق اليمين واليسار في اسرائيل على طبيعة الحل مع الفلسطينيين بدعم عربي

2015-03-01
القدس/ المنــار/ تعرضت اسرائيل خلال السنوات الاخيرة لسلسلة من الانتكاسات السياسية بسبب التوجه الفلسطيني الرسمي الى الهيئات الدولية لنقل المعركة مع الاسرائيليين الى الساحة الدولية. هذه الانتكاسات جاءت في أعقاب حالة الجمود التي سيطرت على عملية السلام بين اسرائيل والفلسطينيين وفشل رحلة كيري لانعاش السلام بين الطرفين والتي استمرت 9 اشهر كاملة دون ان تحقق أي تقدم يذكر، والوضع الذي آلت اليه  العلاقة الاسرائيلية ـ الفلسطينية، دفع العديد من البرلمانات الاوروبية الى التصويت على مشاريع واقتراحات تدعم الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وهي خطوات أغضبت اسرائيل كثيرا، واعتبرها المسؤولون الاسرائيليون تشويشا على العلاقات الاوروبية الاسرائيلية. هذا التسونامي السياسي الدولي المضاد لاسرائيل ـ كما وصفته أيضا الخارجية الاسرائيلية في العديد من تقاريرها التي وضعت على طاولة المستوى السياسي ـ  يؤثر سلبا على العلاقة الاوروبية الاسرائيلية. وهناك اجماع في الدوائر السياسية في اسرائيل بأن الحل الوحيد لوقف هذا التسونامي المضاد لاسرائيل الذي يجتاح دول العالم وبشكل خاص اوروبا، هو من خلال اطلاق عملية السلام والتفاوض مع الفلسطينيين من جديد، لكن هذا الحل يعتبره الكثيرون في اسرائيل حلا مؤقتا يمكن ان ينهار في أية لحظة لندخل مرة اخرى في فصل من فصول الجمود في عملية السلام وهذا يعني عودة التاثيرات السلبية على مكانة اسرائيل في العالم.
لذلك، حسب ما ذكرته دوائر سياسية مطلعة لـ (المنــار) ، سيكون الموضوع الفلسطيني حاضرا وبقوة على أجندة الحكومة الاسرائيلية القادمة، سواء أفرزت صناديق الاقتراع حكومة يسارية أو أبقت على اليمين برئاسة نتنياهو، أو حتى خرجت هذه الانتخابات بحكومة وحدة وطنية يندمج فيها الليكود والمعسكر الصهيوني لانتاج حكومة مستقرة. فلا خلاف بين أطياف السياسة الاسرائيلية حول شكل التعامل مع المسالة الفلسطينية في المرحلة القادمة.
وترى الدوائر السياسية المطلعة أن هناك اجماعا لدى اركان السياسة الاسرائيلية من اليمين واليسار على ان الحل مع الفلسطينيين يجب أن يكون قائما على اتفاق انتقالي وليس معاهدات سلام دائمة، فاسرائيل تفضل تجميد الوضع مع الفلسطينيين عبر اتفاق انتقالي وعدم الذهاب نحو اتفاق دائم في ظل المتغيرات التي تعيشها منطقة الشرق الاوسط، كما أن اسرائيل ترى أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس لن يوافق على تقديم اية تنازلات فيما يتعلق بالقضايا الجوهرية وعلى رأسها القدس واللاجئين، ومن الصعب أن توافق القيادة الفلسطينية الحالية على ما تم عرضه في كامب ديفيد في العام 2000 على ياسر عرفات، واعتبره الفلسطينيون انذاك بأنه لا يصل الى أدنى ما يطالبون به. ويسعى اركان السياسة الاسرائيلية الى ان تكون الرعاية العربية المعتدلة حاضرة في المساعي الهادفة للتوصل الى اتفاق انتقالي، وعدم الاكتفاء بالرعاية الامريكية، وذلك من أجل قطف بعض ثمار التطبيع مع تلك الدول وبشكل خاص الخليجية التي تتمنى أن تخرج علاقاتها مع اسرائيل الى العلن. هذه الاتفاقيات الانتقالية ستبتعد عن مناقشة القضايا الجوهرية الصعبة التي يمكن أن تعرقل اي تقدم نحو ابرام هذا النوع من الاتفاقيات، وايضا ستؤسس لفترة من الهدوء تحتاجها اسرائيل لصيانة علاقاتها مع اوروبا للالتفات لتحديات اكثر خطورة وسخونة.
لكن سيناريو الاتفاقيات الانتقالية ـ تضيف الدوائر ـ ليس السيناريو الوحيد الموجود في جعبة القيادات السياسية الاسرائيلية، فهناك أيضا سيناريوهات تتعلق بخطوات احادية الجانب قد تقدم عليها اسرائيل بهدف الدفع باتجاه تحقيق أهدافها والعمل على اعادة رسم حدودها بشكل مستقل وتحسين مكانتها وموقعها في اية مفاوضات فلسطينية مقبلة. وفرص قيام اسرائيل بخطوات احادية الجانب ستكون فرصا كبيرة في ظل ما تتوقعه تلك الدوائر من حالة عدم استقرار قد تشهدها الساحة الفلسطينية في المرحلة المقبلة. كما أن هناك امكانية أن تبدا اسرائيل تحسين مكانتها التفاوضية على الارض من خلال اجراءات تقوم بها تحت شعار "خطوات حسن النوايا" من خلال تنفيذ انسحابات من مناطق في الضفة لتسلم المسؤولية الامنية فيها للفلسطينيين.
هذا التوجه الاسرائيلي ينطبق على اليسار واليمين فلا اختلاف بين المعسكرين فيما يتعلق بشكل الحلول مع الفلسطينيين، فالجانبان يجمعان على أن الحل مع الفلسطينيين يجب أن يأخذ شكلا انتقاليا مؤقتا، في ظل ما تعيشه المنطقة وضبابية المشهد السياسي الفلسطيني. ومهما كان شكل المحدد للعلاقة بين اسرائيل والفلسطينيين في المرحلة القادمة، سواء "اتفاقيات انتقالية" أو "خطوات احادية الجانب" فان اسرائيل ستحتفظ لنفسها بما تسميه  "محاربة اية تهديدات لامنها ينطلق من المناطق الفلسطينية". 
أما قدرة التصدي الفلسطيني لمثل هذه الحلول والسيناريوهات التي تسعى اسرائيل الى تمريرها في المرحلة القادمة ستكون مختلفة في حال واصل اليمين امساكه بالحكم في اسرائيل، ففي مثل هذه الحالة ستكون قدرة المناورة الفلسطينية أكبر ، واذا ما افرزت الانتخابات حكومة يسارية فان القدرة على مواجهتها ومنعها من تحقيق غاياتها سيكون صعبا للغاية.
وبالنسبة للرعاية الامريكية لعملية السلام في المرحلة المقبلة، يتحدث دبلوماسيون أمريكان في جلساتهم المغلقة مع شخصيات اسرائيلية وفلسطينية عن رغبة اوباما ووزير خارجيته في استئناف المساعي بعد "اتضاح الرؤية" في الانتخابات الاسرائيلية المقررة في الـ 17 من اذار، وهناك الكثير من الافكار التي يمكن ان تستعين بها الولايات المتحدة للبدء في مساعيها لاطلاق عملية السلام بين الجانبين الاسرائيلي والفلسطيني من جديد، لكن عملية طرح الافكار ستكون اكثر واقعية تتلاءم مع الواقع في الساحتين الاسرائيلية والفلسطينية.