2024-04-24 08:35 م

اليمن : سيبقى سعيداً ولن يسعد المعتدون

2015-03-28
بقلم : الدكتور محمد بكر*
بتحالف ٍ جديد ألبس زوراً وبهتاناً الثوب العربي , أمريكي الهوى, إسرائيلي الأهداف, فاشي الهوية, تقوده في العلن مملكة السوء ومشيخات العار, يصب جام لهيبه وحقده هذه المرة على اليمن السعيد , الكيان والمؤسسات والشعب , هذه المشيخات التي لم ولن تكن إلا أحجاراً رخيصة تحركها الأيادي الصهيو – أمريكية في محاولة حثيثة لإحياء جملة من " المتهالكات " من مشاريع ومخططات, لم تثمر حسب المأمول , ولم تحقق الغايات في إضغاف الخصوم , ولم تحصد إلا الخيبات في عدة جبهات حاولت فيها الإدارة الأمريكية ولا تزال في فرض سياساتها وتغيير المشاهد الإقليمية والدولية التي باتت وقائع مزعجة على الأرض . فلماذا اليمن, وفي هذا التوقيت ؟ وهل يكون اليمن المحطة الفصل التي تحدد ملامح الحل السياسي في المنطقة برمتها ؟ كثيرة ٌهي الساحات والميادين التي تصدرت فيها المملكة " العتيدة " مجالس التآمر وقدمت نفسها " خادماً " ليس للحرمين الشريفين بالطبع , إنما للسيد الأمريكي , تقدم أراضيها قواعد عسكرية بالمجان وتنبري لتنفيذ الأجندات الأمريكية , ونصرة ً للكيان الصهيوني المهتم كثيراً بتطورات الوضع اليمني والذي لم يجد أي حرج عبر وسائل إعلامه أن يظهر قلق ساسته ومراقبيه ومحلليه لما يسمونه تمدد الحوثيين , وعلى المكشوف وأمام الملأ يتمنون لحليفهم النجاح في مهمته , إذ لطالما كان السعودي أول المهرولين باتجاه مجلس الأمن لتمرير قرار يضع حزب الله على قائمة الإرهاب واليوم يسارع لقصف من تعده " إسرائيل " وعبر إعلامها أيضاً نسخة غير معدلة عن الحزب, في صورة واضحة لا لبس فيها بأن مايحدث اليوم على الساحة اليمنية ليس صراعاً كما تحاول السعودية وحلفائها تصويره وتصديره عبر أذرعها الإعلامية أنه في إطار الحد من التمدد الجغرافي لطائفة بعينها, إنما لجهة تشويه تاريخ عريق من المقاومة ومجابهة الكيان الصهيوني , ولاسيما بعد البلاءات الحسنة التي أبلاها حزب الله في تموز من العام 2006 , وبعد فشل استنزاف الحزب في الساحة السورية الذي لعب الدور الرئيس في حماية ظهره وتغيير الموازين على الأرض وكان بمنزلة " الرصاص الصائب" الذي أصاب في مقتل ما كانت تعول عليه السعودية من أدوات ومجاميع صُنعت على عينها وتخرجت " زمراً " من سحونها . إن ما يجري اليوم من عدوان ممنهج على مقدرات وسيادة اليمن يأتي استكمالاً للاستراتيجيات الأمريكية وتعزيزاً لنظرية كوند ليزا رايس في نشر الفوضى والقتل , وإذكاءً لنار الربيع الأمريكي الذي خمدت نيران المأمول منه أمريكياً وصهيونياً بالمعنى الاستراتيجي و على مستوى الأهداف الاستراتيجية لجهة الفشل في تدمير القدرات والإمكانات التسليحية للخصوم , وتالياً النسف الفعلي للهدف الأسمى " أمن إسرائيل " , وإن كل المقدم أمريكياً لجهة تظهير " الحرد " من السلوك الإسرائيلي الرافض للسياسة الأمريكية في طريقة تعاطيها مع الملف الإيراني إنما يصب في خانة المسرحيات المضحكة , فهاهي الإذاعة الإسرائيلية تنقل عن مسؤول أمريكي رفيع بأن الولايات المتحدة لن تغير من سياستها لجهة الدفاع عن " إسرائيل " , هذه السياسة التي كانت ولازالت ترسم التوجهات وتفرض الإملاءات وتحتل الخليج العربي وتصادر قراره السياسي ومن هنا يمكن القول أن العدوان السعودي ماهو إلا قرار أمريكي وهذا ما أكدته صحيفة هآرتس بأن قرار السعودية بتوجيه ضربات عسكرية جوية لليمن جاء بموافقة واشنطن . بعد فشلها في الساحة السورية وتهالك أدواتها الإسلاموية , وعدم خروجها بما يحفظ ماء وجهها أمام سيدها الأمريكي وهي التي ربّتت على صدرها مراراً وتكراراً في التصدر للمهمة الأمريكية وتحقيق إنجازات نوعية على الأرض السورية , وبعد تكرار المشهد السوري في الساحة العراقية لجهة توحد مفرزات ونتائج الميدان , وبعد أن تطاير الأمل السعودي في تجيير القرار اليمني لصالحها , ولاسيما بعد إعلان النفير العام والتحشيد الشعبي لمواجهة أدواتها في اليمن , جاء التدخل العسكري في اليمن , في محاولة لاستعادة ما يمكن أن يشكل الضربة الثالثة على الرأس بعد سوء مآلات الساحتين السورية والعراقية , فيما لو خرج اليمن عن السيطرة السعودية , وفي محاولة للضغط على الإيراني لجهة تحصيل تنازلات في المفاوضات النووية مع الولايات المتحدة الأمريكية فيما لو " أثمر" العدوان السعودي , ومن هذه الزاوية بالتحديد يمكن الاعتقاد بأن النقطة النهائية التي سيصل لها هذا العدوان ولاسيما إذا ما فشل في تحقيق أهدافه , سيكون الأساس في استيلاد حل سياسي للملفات والقضايا العالقة في المنطقة برمتها , وسيكون الكفيل بخروج مذل للمملكة " العتيدة " من أي دور إقليمي فاعل على مستوى المنطقة . في لعبة الأمم وتصنيع الأحلاف التي ترخي بظلالها بشدة على المشهد اليمني تتنامى سطوة المال السعودي في شراء المواقف وتحضر جملة من إشارات الاستفهام لمدى الانخراط المصري في الاستراتيجيات الأمريكية التي تتصدر السعودية تحقيق أجنداتها هذه الأيام , وهذا ما انعكس على الموقف المصري المساند للعدوان السعودي, فسارع لتحريك قطعه العسكرية والبحرية تمهيداً للمشاركة في أي عملية عسكرية برية محتملة , إضافة لإسقاط القضاء المصري قراراً كان قد اعتبر حركة حماس حركة إرهابية ما يؤشر إلى مفاعيل الدور السعودي وما يمكن أن يشكل أرضية يمكن البناء عليها, لجهة التأثير في الموقف المصري ولاسيما في مراجعة مواقفه من الإخوان المسلمين وترميم التصدعات في العلاقة المصرية التركية , وهذا ما كان مؤخراً مطلباً أمريكياً من الملك الجديد . ما يشهده اليمن اليوم سيشكل في اعتقادنا نقطة تحول مهمة ومفترق طرق يتحدد معه ملامح ومسار المشروع الأمريكي وجديده من الاستراتيجيات , وهو ما سيرسمه الشعب اليمني نفسه بصمود أبنائه وتضحياتهم دفاعاً عن " يمنهم السعيد " الذي لن يكون إلا كذلك , سعيداً , وعلى أرضه لن يسعد الغزاة والمعتدون . 
 * كاتب سياسي فلسطيني مقيم في سورية